هناك رهط من أدعياء الديمقراطية في الجزائر تجاوزوا كل الحدود في الاستبداد بالرأي والتطرف فيه، نقول أدعياء، لأن الديمقراطيين الحقيقيين في الجزائر أو في غيرها من البلاد يتقبلون الرأي المخالف ويبدون مرونة في التعامل مع أصحابه ويرضون بنتائج الصندوق مهما كانت إفرازاتها ويقارعون الحجة بالحجة والرأي بالرأي، أما أدعياء الديمقراطية عندنا فإن كل التهم التي كانوا يكيلونها للأحزاب ذات التوجه الإسلامي ويلصقونها بالمتطرفين الأصوليين لا تساوي شيئا أمام تطرفهم وراديكاليتهم وتمسكهم بآرائهم مهما كانت خاطئة ومعارضتهم لكل من لا يوافق هواهم معارضة الخصم لخصمه والعدو لعدوه، لا معارضة رجل السياسة لزميله، ولعل الصورة الكاريكاتورية لأدعياء الديمقراطية تتجلى هذه الأيام ونحن على مرمى سهم من الانتخابات التشريعية، هي صورة أولئك الذين دخلوا الانتخابات التشريعية الماضية وفازوا ببعض المقاعد وقرروا اليوم مقاطعتها ويدعون الناخبين والناخبات إلى عدم الإدلاء بأصواتهم ويحاولون إقناع الأحزاب الأخرى بعدم المشاركة فيها...
إنهم يرون في كل مشارك ومنخرط في هذا الاستحقاق عدوا للديمقراطية، حليفا للسلطة وإلى غيرها من التهم الجاهزة والباطلة غالبا.. وما تهجمهم الشرس على جبهة القوى الاشتراكية، التي قررت قيادتها المشاركة في انتخابات 10 ماي القادم إلا أقرب دليل على ما ذهبنا إليه، فهم لولا بعض حياء من ”الدا الحسين” وماضيه النضالي الكبير وتاريخه الثوري المجيد لاتهم بالخيانة العظمى، لا لشيء إلا لأن حزبه قرر شيئا غير الذي قرروه ودخل بابا أرادوا أن يوصدوه وآمن بأمر كفروا به... إنها ديمقراطية على الطريقة الجزائرية، ديمقراطية كن معي وإلا فإنك ضدي... ديمقراطية أنا أو لا أحد...
سليمان جوادي