وتقع ضمن الإرهاب النووي أربعة أنواع متميزة من النشاط الإرهابي:
1-سرقة سلاح نووي كامل:
يوجد حوالي 30 ألف سلاح نووي في مختلف أنحاء العالم في الوقت الحاضر. ومن بينها عدة مئات معرضة للسرقة من قبل إرهابيين أو مجرمين قد يبيعونها لمنظمات إرهابية. ومن الواضح أن بعض هذه المجموعات مهتمة بالحصول على سلاح نووي: سعت منظمتا أوم شينريكيو والقاعدة بنشاط لشراء مثل هذا السلاح.ويبدو أنه من المستبعد أن تقوم دولة بتوفير سلاح نووي لمجموعة إرهابية عن قصد. فالخوف من العقاب من الدولة التي تمت مهاجمتها ومن المجتمع الدولي، ومن فقدان السيطرة المحتملة على المجموعة الإرهابية المسلحة بسلاح نووي، والتردد في تسليم أسلحة نووية لطرف آخر بسبب الصعوبة الفعلية في الحصول عليها، كلها أمور تقلل من احتمال وقوع مثل هذه الرعاية من قبل دولة.
ومع ذلك، فإن إعلان كوريا الشمالية في شهر شباط/ فبراير 2005 أنها تملك أسلحة نووية وأنها تعتزم صنع المزيد منها يؤكد وجود بواعث قلق معينة في هذا السياق، خاصة إذا أخذ بالاعتبار ماضي هذه الدولة في بيع تكنولوجيا الصواريخ لدول أخرى.
ولكن الأكثر احتمالاً من قيام دولة برعاية مثل هذا الأمر، هو إمكانية وجود نخب عسكرية أو علمية في بعض الدول قد تكون مستعدة، لأسباب أيديولوجية أو مالية، لأن توفر أسلحة أو مواد أو خبرة نووية لمنظمات إرهابية.
ولا زالت الولايات المتحدة وروسيا تحتفظان بأكبر مخزون نووي في العالم. وفي حين أن الكثير من الأسلحة النووية في روسيا محمية حماية كافية من السرقة، فإن البعض الآخر ليس كذلك. وبعض الأسلحة النووية التكتيكية التي تعود إلى أيام الاتحاد السوفييتي السابق معرضة بشكل خاص للسرقة، وبالنظر لحجم مثل هذه الأسلحة الصغير، فإنها ستكون مناسبة بشكل خاص للاستخدام من قبل الإرهابيين.
2-سرقة مواد قابلة للانشطار لصنع سلاح نووي:
يمثل الحصول على مواد قابلة للانشطار الطريقة الثانية، والأكثر احتمالا، لامتلاك الإرهابيين لسلاح نووي. فالحصول على المواد هو الذي يمثل العائق الرئيسي أمام الحصول على مثل هذا السلاح. وقد تتجاوز الأسلحة النووية ذات مستوى الفعالية العسكرية قدرة معظم المنظمات الإرهابية على صنعها. ومن نتائج الحرب على الإرهاب التي تزعمتها الولايات المتحدة أنه تكاد لا توجد أي دولة تقريباً من المحتمل أن تمنح المنظمات الإرهابية الوقت والمكان والموارد والخبرة الضرورية لصنع مثل هذا السلاح المتطور. وبناء على ذلك، فإن السيناريو الأكثر احتمالا هو قيام الإرهابيين بصنع سلاح نووي مرتجل. وهذا السلاح يكون أقل تقدما من السلاح العسكري المستوى ولكنه قد يكون فعالا جدا في إحداث إصابات كثيرة. كما أن السلاح النووي المرتجل لا يحتاج إلى معرفة تزيد على تلك المتوفرة في الكتابات المتوفرة للجميع. والمفترض أن يكون السلاح الأكثر احتمالا هو السلاح من نوع المدفع الأبسط نسبيا باستخدام اليورانيوم بدلا من سلاح انفجار نحو الداخل أكثر تعقيدا من النوع الذي يحتاج إلى البلوتونيوم. ويفترض هذا السيناريو أن مثل هذا السلاح سيكون من نوع المدفع أو البندقية الأبسط نسبياً والذي يستخدم اليورانيوم سلاحاً داخلي الانفجار أكثر تعقيداً ويتطلب صنعه البلوتونيوم.
ولكن مثل هذا السلاح الشبيه بالبندقية يحتاج إلى كميات كبيرة (50 كيلوغراما تقريبا) من اليورانيوم عالي التخصيب. وليس من المحتمل، بدون مساعدة من دولة، أن تتمكن حتى أكثر المنظمات الإرهابية تقدما من تخصيب مواد نووية بالكميات المطلوبة لسلاح كامل. لذا فإن الخطر الرئيسي ينبع من حصول الإرهابيين، إما عن طريق البيع أو السرقة، على مواد قابلة للانشطار أنتجتها دولة. وكما هو الحال بالنسبة للأسلحة النووية الكاملة، استهدفت عدة جماعات إرهابية المواد النووية، من أهمها القاعدة وأوم شينريكيو.وقد سعت كلتاهما إلى الحصول على مواد قابلة للتحويل إلى أسلحة من دول الاتحاد السوفييتي السابق في فترة التسعينات من القرن الماضي،كما أن أوم شينريكيو حاولت،وفشلت،في تخصيب اليورانيوم الطبيعي ورغم المصاعب التي واجهتها جهود كلتا المنظمتين في الحصول على مواد نووية، فإن خط حصول الإرهابيين على هذه المواد يظل كبيرا.
ونتيجة لذلك ظهرت تقارير منتظمة عن اختلاس وسرقة وتهريب مواد نووية من بعض المرافق. ومن هذه الناحية، تمثل الدول المستقلة حديثا عن الاتحاد السوفييتي السابق مصدر قلق بشكل خاص، وذلك وإلى حد كبير بسبب كميات المواد الموجودة فيها؛ إلا أنه كانت هناك تقارير مشابهة من دول أخرى حول العالم. وقد كانت معظم الحوادث حتى الآن تتعلق بكميات صغيرة من المواد الصالحة لصنع أسلحة، أو كميات أكبر من مواد نووية غير صالحة لصنع الأسلحة. غير أنه من الواضح أن الخطر قائم لأن معايير وضع قوائم الجرد والمحاسبة ليست عالية في جميع الدول، فليس من الواضح إطلاقاً ما إذا كانت السلطات ستعرف في جميع الحالات ما إذا كانت كمية كبيرة من المواد الصالحة لصنع سلاح، كافية لصنع سلاح نووي، قد فقدت.
3-هجمات على المفاعلات أو غيرها من المرافق النووية:
إن المفاعلات وغيرها من مرافق أجزاء دورة الوقود النووي، كمرافق التخصيب والتخزين وإعادة معالجة الوقود المستهلك، معرضة للهجوم من قبل الإرهابيين، وتوفر إمكانية إحداث تلوث إشعاعي كبير في المناطق المجاورة لها. ولا تشمل السيناريوهات النظرية الطائرات الانتحارية أو هجمات الشاحنات المفخخة لإحداث انتشار للمواد النووية من المرافق عن طريق انفجار فحسب، بل تشمل أيضا احتمال وجود مجموعة تتوفر لديها معرفة بتصميم منشأة وتسبب تسرباً فيها يعرّض أنظمة السلامة في المنشأة للخطر، كتلك المتعلقة بالتبريد والاحتواء. وقد تعرضت المرافق النووية لتهديدات مجموعات إرهابية ذات دوافع مختلفة. وقد شكلت الجماعات المناهضة للأسلحة النووية، التي لا تهمها سوى هذه القضية، تقليديا جزءا مهما من هذا الاتجاه، مع أن الفئات ذات الدوافع السياسية، كمنظمة الباسك الانفصالية، هاجمت هي أيضاً مرافق نووية. وقد استهدفت هذه المنظمة تلك المنشآت قبل أن يتم تشغيلها وتبدأ الإنتاج.
4-أدوات نشر الإشعاعات - "القنبلة القذرة":
حتى المواد النووية منخفضة المستوى تكون ذات قيمة كجزء من قنبلة قذرة. وهذا النوع من المواد متوفر بدون صعوبة ضمن طائفة منوعة من التطبيقات في القطاعين المدني والعسكري (سيزيوم - 137، مثلا، يستخدم عادة في صور الأشعة في المستشفيات). وتستخدم مثل هذه المواد النووية منخفضة المستوى، أو المصادر الإشعاعية، على نطاق واسع، والحماية التي تتمتع بها أقل بكثير من حماية المواد الصالحة لصنع الأسلحة، وبالتالي فهي معرضة للاستغلال من قبل المجموعات الإرهابية. ويجعل هذا التوفر أدوات نشر الإشعاعات السلاح النووي المتاح أكثر من غيره للإرهاب، حيث أن مثل هذه الأداة لا تحتاج لأن تكون أكثر من مصدر إشعاعي يوضع بجوار متفجرات تقليدية. وقد وقع أهم استخدام إرهابي للمواد الإشعاعية في العام 1995، حين ترك انفصاليون شيشان صندوقاً من السيزيوم في حديقة عامة بموسكو كدليل على قدرتهم.