مركز استقبال واستغلال الصور الساتلية التابع للجيش الوطني الشعبي

يمثل مركز استقبال واستغلال الصور الساتلية حلقة هامة في المغامرة الفضائية الجزائرية , حيث يعمل المركز ومنذ إنشاءه سنة 2008 على التكيف مع مختلف التحديات ليرتقي إلى مستوى التطلعات الطموحة للجزائر في التحكم في التقنيات الفضائية ليصبح أحد أهم أدوات تجسيد وتطوير البرنامج الفضائي الوطني على أرض الواقع , من خلال استغلال الجيد للصور الملتقطة بواسطة الأقمار الصناعية في تطوير الخرائط لكل التراب الوطني والمناطق الإقليمية الأخرى .
بعد إطلاق الجزائر لقمرها الصناعي الثاني ألسات A2 , طور المركز إنتاجه بالاعتماد على الصور الساتلية عالية الجودة التي يرسلها هذا القمر الصناعي والذي يستغلها المركز في إنتاج الخرائط وتحيين الخرائط الطبوغرافية والفضائية على سلالم مختلفة , وكذا في إعداد قاعدة لمعطيات أنظمة الإعلام الجغرافي وهذا ما يعد من بين المهام الأساسية التي يضطلع بها مركز استقبال واستغلال الصور الساتلية .
تسمح الصور الملتقطة بواسطة القمر الصناعي الجزائري ألسات A2 بالتعرف بدقة على الأقاليم بالاعتماد على إمكانيات الساتلية الخاصة من خلال إنجاز نماذج من الصور الرقمية لليابسة المصححة عموديا وبدقة كبيرة , يمكن استخدامها في مجالات عدة , من الزراعة إلى المشاريع الحضرية مرورا بالدفاع الوطني وتصميم مختلف الخرائط هذا ما أكده الرائد ع.أ رئيس قسم استغلال الصور الساتلية مشيرا إلى طابع عدم توقع حدوث الأزمات الذي يطغى اليوم على السياق الجيوسياسي والعسكري الدولي , وهذا ما دفع بالحكومة وبمبادرة من قطاع الدفاع الوطني إلى إرساء أداة مزدوجة المهام مدنية – عسكرية للاستعلام الجيوفضائي من الحاجة الماسة التي تبديها مختلف القطاعات الوطنية في المجال الخرائطي , حيث بات لزاما ملء هذا الفراغ لاسيما فيما يتعلق بالمناطق التي يصعب الوصول إليها بسبب تضاريسها الوعرة , وهذا ما يسمح بتلبية المتطلبات العملياتية للجيش الوطني الشعبي من خلال تزويده بالمعلومة الجيوفضائية الموثوقة والمكيفة حسب خصوصية قواتنا المسلحة في مجال الاستعلام باستخدام الصور .
يعد مركز استقبال الصور الساتلية بمثابة نواة تكنولوجية , يسهر القائمون عليه من مدنيين وعسكريين على إنجاح المغامرة الفضائية التي دخلت غمارها الجزائر في السنوات القليلة الماضية , وقد أجمعت جميع الكفاءات العاملة في المركز على أن المجال الفضائي هو مجال لطلما يحلم الكثير بالعمل فيه حيث يسمح يوميا للمهندسين والتقنيين في مجال الجغرافيا الفضائية باكتشاف أمور جديدة بفضل التطور السريع للتكنولوجيات الفضائية ومن خلال توفره على احدث العتاد التكنولوجي لاستغلال الصور الفضائية أحسن إستغلال ,وكفاءات بشرية مكونة حسب الطلب , يسعى المركز منذ إنشائه إلى خدمة التنمية المستدامة الوطنية على جميع الأصعدة .
يعمل المركز تحت وصاية وزارة الدفاع الوطني , حيث تكمن مهمته الرئيسية في تطوير إستغلال الصور الساتلية وإسقاطها على خصوصيات التراب الوطني ووضعها تحت تصرف القطاعات الوطنية المعنية لاسيما في مجال الأشغال العمومية والبنى للتحتية للبلاد
يأخذ اختصاص الكشف عن بعد حصة الأسد من مهام مركز إستقبال وإستغلال الصور الساتلية , الذي يتوفر حسب النقيب ش.ر أحد المختصين في الجغرافيا الفضائية على مستوى المركز على أرضية من العتاد المعلوماتي والبرامجي الكفيل بإنتاج خرائط توبوغرافية بسلم 1/50000 انطلاقا من الصور الملتقطة والمستقبلة عن طريق القمر الصناعي الهندي "كارتوسات-1" وهو قمر يمنح إمكانية التقاط صور ثلاثية الأبعاد بدقة تناهز 2.5 م بالنمط الأبيض والأسود . ويتم استقبال هذه الصور من طرف محطة التحكم , المراقبة واستقبال المنشاة حديثا بورقلة , ليتم فيما بعد إرسالها عبر خط خاص من الألياف البصرية .
كيف تتحول الصور الساتلية إلى خرائط ؟
تحتاج الصور الساتلية أولا وقبل كل شيء وهي حالتها الخام إلى معالجة أولية لجعلها قابلة للإستغلال بعد التدقيق في المعلومات , وهذا ما يطلق عليه الأخصائيون في الكشف عن بعد "بتصحيح المعايير الجوية ".
تتم هذه العملية على مستوى قاعات الإنتاج الجغرافي التي يتوفر عليها المركز . وهي قاعات تتوفر على عتاد معلوماتي خاص وأجهزة للإعلام الآلي مجهزة بنظام ثلاثي الأبعاد تمكن العامل عليها بإستخدام شاشتين في نفس الوقت للقيام بنفس العمل, وهذا من جعل حقل مشاهدة أكبر وتسهيل عملية أكبر وتسهل عملية التحقق من بيانات الصور الساتلية , وهي أول مرحلة في مسار التأكد من المعلومات والخصائص التضاريسية التي تحملها الصورة الساتلية بإستخدام برمجيات خاصة .كما ستخدم تقنيو الإنتاج الجغرافي نظارات خاصة للرؤية ذات الأزرق والأحمر المعروفة .
بعدها يقوم برنامج معلوماتي خاص , بإسقاط الصورة الساتلية على صورة مصمصة رقميا بطريقة يعتمد فيها على بيانات مبنية على حسابات رياضية , وهذا انطلاقا من المعالم الواضحة في كل صورة . هذه الأخيرة يتم التأكد من وجودها حقيقة على ارض الواقع من خلال تقنية التموضع الشامل عبر الأثمار الصناعية GPS. في هذا السياق .يعمل مركز إستقبال وإستغلال الصور الساتلية بالتنسيق مع المعهد الوطني للخرائط والكشف عن بعد , حيث يتكفل هذا الأخير بالعمل الميداني من خلال جمع وتصنيف مختلف المعالم والبيانات الخرائطية على الميدان.
بعد هذه العملية الدقيقة , تأتى عملية إعادة التصميم التصويري أو الفوتوغراميتري الذي يتم حسب النقيب ش.ر بإستخدام حاسوب مخصص للتصميم الثلاثي الأبعاد وبرمجيات خاصة .
هنا يقوم تقني الإخراج بإعادة تصميم مختلف المعلم الخرائطية لكل قطاع (المياه,الزراعة,المطارات,الموانئ...)بأكثر دقة بالاعتماد على تقنية النموذج الرقمي للأرض (MNT).
بعدها يتم استكمال المنتوج الجغرافي , وهي عملية تقتضي التأكد من البيانات والمعالم التي يحتويها الخرائط المصمصة , وذالك بالتنقل ميدانيا إلى المنطقة المعنية حيث غالبا ما يتم اكتشاف معالم أول بيانات (بيانات , تضاريس... ) لم تكن واضحة في الخرائط المصممة , ومن ثم يتم تصحيحها وتدقيقها أكثر . ويتكفل المعهد الوطني للخرائط والكشف عن بعد بإرسال فرقنه التقنية المكونة من مختصين في مجال الطبوغرافيا مجهزين بأنظمة التموقع الشامل ولوحات إلكترونية لتسجيل وتخزين البيانات المنتقاة.
بعد هذا العمل الميداني, تأتي مرحلة إسقاط كل البيانات والمعلومات المصححة على الخريطة , وهي آخر مرحلة على مسار الإنتاج الجغرافي لتصبح بعد ذلك الخريطة الطبوغرافية أو الفضائية منتوجا مكتملا يمكن استغلاله بفضل العمل المنسق بين مختلف الإخصائيين في الخرائطية والكشف عن بعد وبين المركز والمعهد الوطني الخرائطية .
ولكن كيف يتم استقبال الصور الساتلية المرسلة بواسطة القمر الصناعي إلى المركز؟
للإجابة عن هذا السؤال توجهنا إلى قاعات البرمجة والتخطيط الساتلي , وهو فضاء مجهز بأحدث الأجهزة المعلوماتية ووسائل الاتصال تسييرها فرقة متعددة الوظائف تعمل بكل مهنية .
تخطيط وبرمجة استقبال الصور الساتلية :
"نعتمد في عملنا على الدقة والجدية , فسواء المهندسين أو التقنيين , الكل يسهر على نجاح المهام التي نقوم بها في تنظيم واستقبال الصور الساتلية" . بهذه العبارة استقبلنا الرائد ح.ي المكلف بالتخطيط الساتلي , موضحا لنا الهيئتين المكلفتين بالتخطيط واستقبال الصور الساتلية وهما محطة القيادة,المراقبة استقبال الصور الساتلية بورقلة وقسم البرمجة والتخطيط الساتلي بالمركز الذي يتكفل بجمع وتصنيف طلبات مختلف القطاعات الوطنية التي تستخدم الصور الساتلية وبالتالي يشكل القسم همزة الوصل بين المركز ومختلف المتعاملين في مجال استخدام الصور الساتلية . وحسب ما أطلعنا عليه الرائد ف.م المكلف بالبرمجة الساتلية بالمركز , فإن مسار العمل يبدأ انطلاقا من إستقبال طلبات القطاعات المختلفة التي تريد الاستفادة من صور ساتلية معينة مع وضع البيانات المحددة أولا بتحري الأحوال الجوية التي تتيح إلتقاط الصورة الساتلية بطريقة واضحة . بعدها مباشرة يتم إرسال بيانات المنطقة المراد تصويرها عبر الأقمار الصناعية من قسم البرمجة الساتلية إلى المؤسسة المالكة للقمر الصناعي لتستقبل قيما بعد محطة ورقلة – في توقيت مرور القمر الصناعي في حقل التغطية الخاص بها – الصور المطلوبة والملتقطة من طرف القمر الصناعي وتتم هذه العملية حسب محدثنا بقسم البرمجة الساتلية في حال التعامل مع الأقمار الصناعية الأجنبية . أما في حالة التعامل مع القمر الصناعي الجزائري "ألسات-A2", فتتم عملية التخطيط على مستوى المركز بالتعاون مع الوكالة الفضائية الجزائرية وفرقة خاصة متواجدة على مستوى استقبال الصور الساتلية بورقلة . هذه أخيرة تقوم بمعالجة وتعديل أولي للصور الساتلية الأولي قبل أن تتم إرسالها إلى المركز للمعالجة والتصميم النهائي , ومن ثمة إلى مختلف القطاعات الوطنية المعنية .
وفي حالة ما لم تلب الصورة الساتلية حاجيات القطاع المستفيد بسبب عدة عوامل (غيوم كثيفة, زوابع رملية ...), يتكفل قسم البرمجة والتخطيط الساتلي من جديد بإعادة إرسال الطلب في وقت لاحق .