وصف الضابط المتقاعد في الجيش الوطني الشعبي، محمد شفيق مصباح، الرئيس السابق، اليامين زروال بالرجل الأنسب لمرحلة ما بعد الرئيس بوتفليقة.
وقال شفيق مصباح في تصريح أوردته صحيفة "لوتون" السويسرية في العدد الصادر أمس: "لا أجد اليوم، أي شخصية سياسية قادرة على تحقيق الإجماع بين أبناء الشعب من الإسلاميين واللائكيين (العلمانيين). الوحيد القادر على ذلك هو اليامين زروال (71 عاما)"، متحدثا عن قيادته "لحكومة إنقاذ عمومي".
وتحدث المحلل السياسي عن إمكانية توافر خيارات أخرى قد يتم اللجوء إليها من طرف صناع القرار، في صورة رؤساء حكومات سابقين، على غرار مولود حمروش، المعروف برجل الإصلاحات، وعلي بن فليس، الذي سبق له وأن خاض معركة الانتخابات الرئاسية في عام 2004، منافسا للرئيس الحالي، غير أن ورقة اليامين زروال تبقى الأقوى من غيرها، يقول الخبير في الاستراتيجيات.
وكان اليامين زروال قد تقلد منصب القاضي الأول في واحدة من أحلك فترات الجزائر، بسبب الأزمة الأمنية التي كانت تعاني منها في عشرية التسعينيات، غير أن الرجل اضطر إلى إنهاء عهدته قبل انقضاء مدتها القانونية، على خلفية الحملة التي شنتها أوساط إعلامية، صائفة 98، على أقرب مستشاريه، الجنرال المتقاعد، محمد بتشين، ووزير العدل الأسبق، محمد آدمي.
وقد عيّنت ندوة الوفاق في 1994 زروال رئيسا للدولة، بعد ما تسرّب حينها أن الرئيس الحالي عبد العزيز بوتفليقة "اعتذر" في آخر لحظة، ليُنتخب بعدها زروال رئيس للجمهورية سنة بعد ذلك.
وأورد شفيق مصباح عبارة نسبها لأحد سفراء الولايات المتحدة الأمريكية بالجزائر، في معرض تشخيصه لطبيعة النظام الجزائري، والغموض الذي يكتنف صناعة القرار داخله، جاء فيه: "النظام السياسي الجزائري، هو عبارة عن علبة سوداء من بداخلها من الرجال، لا يعرفون كيف تُسيّر هذه العلبة".
"لوتون" التي قدمت الضابط المتقاعد على أنه يبقى "وفيا للمؤسسة العسكرية"، كتبت: "كل المتابعين للشأن السياسي في الجزائر، يحاولون باستمرار الحصول على الأسرار المتعلقة بإدارة شؤون قمة الهرم في الدولة، غير أنهم عادة ما يصطدمون بجدار يحجز عنهم الرؤية"، مشيرا إلى أن ما يثار في الأسبوعين الأخيرين لا يعدو أن يكون مجرد تعاط إعلامي فرضه مرض رئيس الجمهورية.
ومعلوم أن زروال يوجد في عزلة سياسية منذ مغادرته قصر المرادية في عام 1999، ومنذ ذلك الحين، لم ير للرجل أثرا، لا في المحافل السياسية ولا في الأعياد الوطنية، ولا حتى في دبلوماسية الجنائز بما فيها جنائز الرؤساء الذين توفوا في العامين المنصرمين، بداية بأول رئيس للجزائر المستقلة، أحمد بن بلة، ثم الشاذلي بن جديد، ومؤخرا رئيس المجلس الأعلى للدولة سابقا، علي كافي.
للإشارة فقد زار مؤخرا رئيس الحكومة الأسبق، وعضو مجلس الدولة سابقا، رضا مالك، زروال في بيته، على هامش مشاركته في ملتقى بباتنة، بعد أيام من لقاء زروال بعدد من أبناء الشهداء، حيث نـُقل عنهم، أن الرئيس السابق لا توجد له أيّة نية في العودة إلى المعترك السياسي.