التعبئة بمفهومها العام، هي القدرة على تجنيد أقصى ما يمكن من الطاقات والوسائل البشرية والاقتصادية والعسكرية المتوفرة، في زمن قياسي وفي الوقت والمكان المناسبين، والقدرة أيضا على استغلال وتوظيف وتسخير ما تم تجنيده من طاقات وإمكانيات، بطريقة عقلانية ومتوافقة مع حجم التهديدات والأخطار والكوارث الكبرى المعترضة الطبيعية وغير الطبيعية.
وفي هذا الشأن يبقى نجاح بل وإنجاح أي مسعى تعبوي شامل أو جزئي، لأي شعب من الشعوب، مرتبطا بل ومرهونا بصفة أكيدة، بمدى ثراء موروثه الثقافي والحضاري وبمدى غزارة محطاته التاريخية وبمدى علو شأن من صنعوها وقدسية ونبل رسالتهم.
كل ذلك، يعد مبعثا قويا من بواعث تمتين عرى التلاحم بين شتى شرائح وفئات المجتمع، ورمزا بارزا من رموز التعاون والتكامل بين الجميع في أجواء يتغلب خلالها الحس الوطني وترجح إبانها كفة الأخوة والتآخي العفوي والفطري بين كافة أبناء الوطن الواحد في كل ربوعه، هذه الأجواء التي تدفع إلى تحدي الصعاب والتحلي بروح التضحية والفداء أسوة بالأسلاف الميامين.
فعلى درب هؤلاء الأفذاذ واهتداء بقبسهم الوضاء، يمضي الجيش الوطني الشعبي المتشبع بهذه القيم الأساسية، والمؤمن بسرمدية وتجانس المقومات الشخصية لشعبه الحر، قدما في هذا المسعى التعبوي وكله ثقة في عزيمة أبناء أمته والتفافهم حوله باعتبارها، أي الأمة، تشكل عمقه الاستراتيجي والحيوي ويمثل بالنسبة لها النواة الصلبة التي ينضوي وينتظم حولها كل استنفار شعبي جارف قادر على ضمان أمن الجزائر ودفاعها الوطني، من خلال التصدي لكل المخاطر والتهديدات وإفشال، بحول الله تعالى وقوته، كل النوايا والمخططات العدوانية، حتى تبقى الجزائر موحدة ومتآخية ومتآلفة وحصينة ومنيعة وعصية، كما عرفناها دوما، على أعدائها.