الجاهزية المتكاملة تضطلع المؤسسة العسكرية بمهام وواجبات ومسؤليات جسيمة تستدعي منها الاهتمام الكامل بكل مكوناتها البشرية والمادية وفق مقتضيات العصر ومتطلباته ،إذيقع عليها عبء الدفاع عن سيادة الأوطان وحماية حدودها والذود عنها وعن مواطنيها ومعتقداتها،لذا وجب عليها أن تكون مستعدة وجاهزة ومهيأة للإنتقال السريع لأقصى درجات الإستعداد في أقل وقت ممكن.
اليقظة والاستعداد عنصران مهمان في مرتكزات المؤسسة العسكرية ويتطلبان عوامل عدة تعتبر هي المكونات الأساسية والرئيسية لهما ،فالتدريب الجيد المستمر هو الذي يخلق الثقة لهذا الجندي ولذلك الضابط بعتاده وسلاحه أولاً ثم بقيادته ثانياً ،ويجب أن يصاحب هذا التدريب ويسير معه بشكل موازٍ عامل مهم أيضاً ومرتكز أساسي وهو الاهتمام الكامل بزرع العقيدة الصحيحة وفق المسار الصحيح الذي رسمه لنا ديننا الإسلامي الحنيف بتصحيح المفاهيم وتوحيدها وتوجيهها وتطبيقها فكراً وسلوكاً وممارسة وهذا بدوره سيؤدي إلى خلق الثقة الكاملة بين الجندي وقائده ،ولهذا فإن التوجيه المعنوي والسياسي يولي هذا الجانب جل اهتمامه من خلال إعداداته وبرامجه وكتبه ومحاضريه ،وهي كذلك مسؤلية تقع أيضاً على عاتق القيادات المباشرة في الإشراف والمتابعة والقدوة الحسنة في كل مجالات القيادة والجندية.
وكذلك فإن للمنشئات التعليمية العسكرية من أكاديميات وكليات ومعاهد ومدارس دور لا يقل شأناً عن بقية المؤسسات إن لم تكن هي صاحبة البذرة الأولى في الغرس والتكوين ،ولذا فإن عليها الاهتمام أولاً بالمناهج العسكرية إعداداً وصياغةً وفكرةً وأسلوباً بما يواكب تطورات هذا العصر الحديث سواءً على مستوى التخطيط والتكتيك العسكري بمختلف ظروفه ومستجداته أوعلى مستوى السلاح بالإطلاع على كل ماهو جديد وعلى كل ماتم تحديثه في المجال العام أو المجال التخصصي ،وكذلك فإن على هذه المنشئات التعليمية العسكرية أن تهتم ببناء الشخصية العسكرية ليس في المجال العسكري فحسب وإنما في مجال الثقافة والاقتصاد والسياسة والجغرافيا والتاريخ وجميع أنواع المعارف وأن تتبع نظرية الجمع بين التخصص والثقافة العامة وهو ما يعبر عنه بـ(معرفة كل شيء عن شيء واحد ،ومعرفة شيء عن كل شيء ).
وكذلك فإن على كل مؤسسات الدولة أن تكون جاهزة ومستعدة للتعامل مع مختلف الظروف والأجواء بحيث لاترتبك عند أول مهمة لها ،وبحيث يكون لديها القدرة على تلبية كل المتطلبات والمستلزمات المفاجئة لأن هذا سيكون له التأثير الكبير سلباً أو إيجاباً على حالة الجندي والقائد، وكذلك فإن ممارسة الدور السياسي والاجتماعي والاقتصادي والديمقراطي لهذه المؤسسات ينبغي عليه أولاً وأخيراً أن يخدم قضية الدولة الأساسية التي تسعى إلى تحقيقها.
ولا ننسى هنا أن نتكلم عن نقطة أساسية ومهمة في الجاهزية والاستعداد وهي الجاهزية لدى القادة والمسؤلين والمتمثلة في القدرة على التخطيط والتوجيه والإشراف والقدرة على التنسيق والقدرة على القيادة والسيطرة وعليهم أن يمارسوا هذه المهام والواجبات بإقامة المشاريع القتالية و التدريبات والمناورات العسكرية لمختلف صنوف القوات المسلحة وتنفيذها في مختلف التضاريس الصحراوية والجبلية والبحرية وفي مختلف الأجواء كل في مجال تخصصه واختصاصه ،وتكوين فرق مؤهلة للتعامل مع أنواع الحروب المختلفة كحرب العصابات وحرب المدن وإتقان عمليات الإنزال وعمليات الإبرار وعمليات الإنقاذ بدراية وفهم لتكتيكها وسلاحها ،وليس المهم هو تحقيق النتيجة مهما يكن الثمن ،لكن المهم هو القدرة على تحقيق النتيجة بأقل الخسائر وبأقل وقت ممكن، وهذه كلها ستؤدي إلى صقل القيادات وإيجاد قائد كفؤ يتمتع بالكفاءة القتالية الكاملة وهو ما سينعكس بدوره إيجاباً على الروح المعنوية لدى كل الجنود والمقاتلين.
وإن بقيت نقطة أخيرة فهي ربما تكون الرابط الأهم بين كل ما تقدم ذكره من جاهزيات وهي جاهزية الشعب وتهيأته فكراً وثقةً وولاءً وإيماناً بعدالة القضايا التي تسعى إلى تحقيقها حكومته وقواته المسلحة مع متابعة هذه الجاهزية بتفنيد الشبه ودحضها وهذا سيولد لدى الشعب معنويات مرتفعة للوقوف كنسق ثانٍ خلف قيادته السياسية والعسكرية ،وسيشكل قدرةً كبيرة في التعاون والدعم والقضاء على مختلف الإشاعات المعادية والمغرضة والحرب النفسية التي تستهدف القضاء على معنويات الجيش والشعب وزعزعة الثقة وخلخلتها بينه وبين قيادته وحكومته وبينه وبين جميع فئاته وهو ما يعبر عنه بتوحيد الجبهة الداخلية وتحصينها من الإختراق.
أخيراً يجب أن تكون هناك دراسة جادة وقراءة متأنية لمسيرة القوات المسلحة والأمن في مختلف تشكيلاتها وجميع مستوياتها وما رافقها خلال مسيرتها العظيمة من إيجابيات وسلبيات ومعوقات وعقبات،وينبغي أن تشمل هذه الدراسة والقراءة مرحلة السلم والإعداد والتجهيز ومرحلة المعارك والحروب التي خاضتها وذلك من أجل الوصول إلى رؤية مستقبلية تساعد وتدفع بعجلة هذه المؤسسة الوطنية العملاقة نحو أداء أفضل يضاف إلى تاريخها الناصع المشرق في مسيرتها الوطنية ابتداء من إقامة الجمهورية والحفاظ عليها حتى ترسيخ وتثبيت جذور الوحدة اليمنية المباركة وأن توضع الحلول الناجعة والتوصيات المناسبة والاقتراحات البناءة لتلافي كل السلبيات وتجاوز كل المعوقات وتخطي كل العقبات ، ولا شك أن نتائج هذه الدراسات ستنعكس على تحسين الأداء ورفع المستوى .
المقدم / فؤاد محمد الزنم 
موضوع: الجاهزية المتكاملة ... 
الخميس يونيو 16, 2011 3:01 pm
