وقد بدأت الدول المتقدمة مثل ألمانيا وفرنسا وإيطاليا
وبريطانيا وروسيا ومن قبلها الولايات المتحدة الأمريكية، التي قطعت باعا
كبيرا، في الإعداد لهذا المشروع والخروج به إلي الواقع العملي تحت اسم
«برنامج الجندي المستقبلي»، لقد شملت الطفرة التكنولوجية في المجال العسكري
جندي المشاة مما يعني تغير منظومات التسليح وعلاقتها بأنظمة المعلومات،
مما سيؤدي إلي تحول قد يصبح جذريا ـ بمرور الوقت ـ في مفاهيم وعقائد
القتال، وبالطبع فإن برنامج الجندي المستقبلي يتداخل مع تطوير أشمل لباقي
مفردات القوات البرية في سعي لتحقيق الإمكانيات الآتية:
١ - توفير أنظمة تسليح ذات نيران عالية بعيدة المدي ودقيقة.
٢ - قدرة هذه الأسلحة علي الاشتباك، وهي خارج المسافة القصوي لمدي أسلحة العدو، مما يعني تقليل الخسائر.
٣ - الاستفادة من تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي.
٤ - تكثيف الاعتماد علي أسلحة القوة النبضية مثل: أشعة الليزر والنبضات الكهرومغناطيسية، كوسائل تدمير حديثة.
٥ - الاستفادة من تكنولوجيا الاخفاء مما يؤدي لتأمين بقاء القوات لفترات أكثر امتدادا.
وإذا
كانت هذه التوجهات تساعد علي تحقيق درجة أمان عالية للقوات الأرضية فإن
الدول المتقدمة قد أولت أيضا اهتماما كبيرا لوضوح أرض العمليات في ميادين
القتال البري بالحصول علي المعلومات الكاملة مع آلية بالغة السرعة لتداولها
في «اللاوقت - No time » بمعني أن تصل المعلومة حتي مستوي الجندي في توقيت
الحصول عليها مع التغذية بالكثافة اللازمة لمراكز القيادة والسيطرة في
إطار من الاتصالات المؤمنة باستخدام منظومة متكاملة من الأقمار الصناعية
وطائرات الإنذار المبكر، والطائرات بدون طيار.. وكلها وسائل متعددة
الاستخدام، تقوم بتجميع المعلومات بوسائط مختلفة «رادارية - حرارية - تصوير
- ملاحة - إنذار ضد الهجوم بالصواريخ الباليستية.. إلخ».
لقد اكتسبت
المعركة المقبلة لهذه القوات الأرضية التي تدخل عملية تطويرها، مراحلها
النهائية ليتم اختبارها ميدانيا خلال أشهر تسمية المعركة الرقمية واطلق علي
القوات اسم القوات البرية الرقمية. وتشير التوقعات إلي أن المرحلة القادمة
سوف تشهد انقلابا جذريا في المعركة البرية، حيث تتيح الضربات بدقة عبر
المسافات البعيدة التقليل من الآثار الجانبية عند الحاجة لتحقيق السرعة
والدقة في معادلة الزمان والمكان،
كما أن الأسلحة الذكية سوف تجعل
فضاء المعركة في غير حاجة إلي أعداد كبيرة من الأفراد، مما يقلل احتمالات
الخسائر بين البشر، إذ تتصف الأسلحة الذكية بالقدرة علي الانطلاق نحو الهدف
مع التغلب علي العوائق الطبيعية والصناعية والوصول إلي الإحداثي الدقيق من
خلال مطابقة بياناتها المخزونة مع الطبيعة الجغرافية للهدف وتفاصيله
الطبوغرافية، وسيترتب علي هذا، بالإضافة إلي تقليل عدد الأفراد عند تنفيذ
المهام، إن القوات البرية ستكتفي أيضا بقدر محدود من الوسائل النيرانية،
لأن الأسلحة الذكية الآتية من خارج نطاق فضاء المعركة البرية، ستوفر
المعاونة العاجلة حينما يطلب ذلك الأمر الذي يضاعف خفة حركة القوات وقدرتها
علي المناورة.
قبل الدخول إلي عالم جندي المستقبل والصورة المنتظرة
له.. يجب التنويه بأن ترسانات الأسلحة المروعة والإمكانيات التكنولوجية
الفائقة التي بدأ جندي المشاة والقوات الخاصة كالمارينز في الحصول عليها..
هذه الترسانة لم تستطع أن تشل أو تحجم قدرة المقاوم للاحتلال في العراق رغم
بدائية تسليحه وهزال إمكانياته إلي الحد الذي جعل الطرف الأقوي هو الأكثر
رعبا والأكثر تورطا وتأزما.
مهما بلغ تطور أسلحة الأفرع الرئيسية
«قوات جوية - بحرية - دفاع جوي» إلا أن جندي المشاة المسيطر علي الأرض سوف
يبقي هو العنصر الأهم عسكريا في فرض الإرادة علي العدو، والوصول إلي الحسم
النهائي في الحروب.
كإطار عام، تعتمد فكرة جندي المستقبل علي تزويده
بأدوات تعارف بسيطة مدمجة بخوذة الجندي، لتحقيق القدرة علي التمييز بين
القوات الصديقة والأخري المعادية، تحاشيا للتعرض للنيران الصديقة أثناء
احتدام القتال مع تزويد الفرد بنهاية طرفية صغيرة مرتبطة بكمبيوتر ذي تقوية
خاصة، لتحمل ظروف الميدان وهو كمبيوتر يمكن الاستعواض بإمكانياته عن
الجهاز اللاسلكي ويساعد عن طريق منظومة (G.P.S) علي تحديد المواقع
والإحداثيات بدقة كبيرة والمساعدة علي إجراء الملاحة البرية. ويمكن إجمال
الأسس التي بنيت عليها منظومة جندي المستقبل في العناصر الأربعة التالية:
١ - القدرة علي تحقيق إصابة دقيقة ومؤثرة.
٢ - قدرة الأفراد علي البقاء زمانيا ومكانيا لتحقيق المهمة.
٣ - تحقيق القيادة والسيطرة بمفهومها المتكامل والأوسع.
٤ - إعطاء إمكانية مضاعفة لحرية الحركة.
وتتوافر
لهذه الآلية عدة أنظمة رئيسية هي: نظام الخوذة، نظام التسليح، نظام
الاتصالات، نظام القيادة والسيطرة، نظام الزي والمهمات. وسوف توفر هذه
الآلية للجندي إمكانية أيسر للقتال في جميع الأجواء نهارا وليلا، وسيتمكن
هذا الجندي من تصويب سلاحه من فوق ساتر من الأجناب، بينما يتواري جسمه خلف
الساتر، إذ ستقوم الكاميرا المثبتة فوق السلاح بنقل صورة الميدان إلي
الشاشة المثبتة أمام عينيه، وهي مزودة بإمكانية التنشين مع وجود مقدر مسافة
وجهاز تصوير يعملان بالليزر.
وفي منظومة الخوذة تقوم وحدة الإنذار -
المثبتة بها - بإنذار الجندي من أشعة الليزر الموجهة إليه، كما أن الواقي
من أشعة الليزر المثبت أمام العين سوف يحميها من هذه الأشعة القادرة علي
الإعماء أو إصابته بالارتباك، وهذه الخوذة السحرية مزودة بأجهزة مراقبة
نهارية دليلية أمام عين المقاتل من خلال شاشة عرض مثبتة أمام إحدي العينين،
وفي الخوذة أجهزة اتصال داخلي مع الجماعة وخارجي مع المستوي الأعلي بواسطة
كابل متصل بكمبيوتر الخدمة الشاقة مدمج ضمن سترة الفرد المقاتل، أما
بالنسبة لمنظومة التحكم والسيطرة فهي مربوطة علي الظهر وهي أيضا مجهزة
بالاتصالات وبنيت هذه المنظومة علي تعدد إمكانيات بالكمبيوتر المزود بكارت
تحديد المحل (G.P.S) وكارت البوصلة الإلكترونية من خلال مقبض يدوي يتصل
سلكيا بالكمبيوتر، وتستطيع هذه المنظومة نقل الصورة من أمام عين الفرد إلي
الكمبيوتر ومنه إلي المستوي الأعلي في القيادة.
وفي سياق القيادة
والسيطرة يتبني الاتجاه العالمي الآن نمطين أساسيين : الأول، هو منظومة
القائد المزود بجهازين للاتصالات من طرازين مختلفين، يخصص كل جهاز للاتصال
بمستويات معينة وكمبيوتر شخصي ذي شاشة مسطحة. أما النمط الثاني فهو عبارة
عن منظومة الفرد المقاتل المزودة بجهاز لاسلكي واحد يتيح للفرد المقاتل
الاتصال بقائده وإرسال الصور التي يحصل عليها ميدانيا، ويستطيع القائد من
خلال هذه المنظومة الاتصال بالأفراد وتبادل المعلومات معهم كما أن المنظومة
مزودة ببرامج خاصة لتنظيم المهام التكتيكية وتوقيعها علي الخرائط.
ومن المعروف أن جميع هذه المنظومات مكونة من شرائح دقيقة مصنعة بتكنولوجيا الأنظمة الإلكتروميكانيكية الدقيقة «ميمسي».
أما عن المنظومات العالمية المختلفة لجندي المستقبل فأهمها:
- المنظومة الأمريكية (Landwarior)
- لمنظومة الفرنسية (FELIN)
- المنظومة الإيطالية (SOLdato Futuro)
- المنظومة البريطانية (FIST)
وهناك أيضا منظومات لكل من ألمانيا وإسرائيل ومنظومة طور الإعداد في روسيا الاتحادية.
- [img][/img][img][/img]