إن التاريخ هو ذاكرة الشعوب والأمم وهو نافذة التي تظل على مر العصور لتروي الحقائق والوقائع والأحداث التي مرت على الأجيال، وهو المرآة العاكسة للرصيد الحضاري والمعرفي للمجتمعات، لذلك فقد ظلت كل المحاولات الهادفة إلى طمس تاريخ الشعوب هنا وهناك رهينة الفشل، وسرعان ما عادت أدراجها تجر وراءها أذيال الخيبة والخسران.
وفي إطار إعادة بعث وتنشيط الذاكرة الشعبية الأصيلة شهدت الجزائر على هامش الذكرى الـ61 لمجازر الثامن ماي 1945 م عدة تظاهرات مخلدة لأرواح شهداء الأحداث الدامية على يد عناصر الاستعمار الفرنسي، التي لا يزال حضورها قويا في الذاكرة الجزائرية، خاصة المناطق التي سالت فيها دماء كثيرة
الوضع في الجزائر قبل مجازر 8 ماي 1945
كانت الجهود مبذولة بين أعضاء أحباب البيان والحرية لتنسيق العمل وتكوين جبهة موحدة، وكانت هناك موجة من الدعاية انطلقت منذ جانفي 1945 تدعوا الناس إلى التحمس لمطالب البيان. وقد انعقد مؤتمر لأحباب البيان أسفرت عنه المطالبة بإلغاء نظام البلديات المختلطة والحكم العسكري في الجنوب وجعل اللغة العربية لغة رسمية، ثم المطالبة بإطلاق سراح مصالحي الحاج.وقد أدى هذا النشاط الوطني إلى تخوف الفرنسيين وحاولوا توقيفه عن طريق اللجان التي تنظر إلى الإصلاح، وكان انشغالهم بتحرير بلدهم قد أدى إلى كتمان غضبهم وظلوا يتحينون الفرص بالجزائريين وكانوا يؤمنون بضرورة القضاء على الحركة الوطنية
مظاهر الاحتفال بنهايةالحرب الثانية
كان زعماء الحركة الوطنية يحضرون إلى الاحتفال بانتصار الحلفاء على النازية، عن طريق تنظيم مظاهرات تكون وسيلة ضغط على الفرنسيين بإظهار قوة الحركة الوطنية ووعي الشعب الجزائري بمطالبه، وعمت المظاهرات كل القطر الجزائري في أول ماي 1945، ونادى الجزائريون بإطلاق سراح مصالحي الحاج، واستقلال الجزائر واستنكروا الاضطهاد ورفعوا العلم الوطني، وكانت المظاهرات سلمية.وادعى الفرنسيون انهم اكتشفوا (مشروع ثورة) في بجاية خاصة لما قتل شرطيان في الجزائر العاصمة، وبدأت الاعتقالات والضرب وجرح الكثير من الجزائريين.
ولما أعلن عن الاحتفال الرسمي يوم 7 ماي، شرع المعمرون في تنظيم مهرجان الأفراح، ونظم الجزائريون مهرجانا خاصا بهم ونادوا بالحرية والاستقلال بعد أن تلقوا إذنا من الإدارة الفرنسية للمشاركة في احتفال انتصار الحلفاء
المظاهراتخرج الجزائريون في مظاهرات 8 ماي 1945ليعبروا عن فرحتهم بانتصار الحلفاء، وهو انتصار الديمقراطية على الدكتاتورية، وعبروا عن شعورهم بالفرحة وطالبوا باستقلال بلادهم وتطبيق مبادئ الحرية التي رفع شعارها الحلفاء طيلة الحرب الثانية، وكانت مظاهرات عبر الوطن كله وتكثفت في مدينة سطيف التي هي المقر الرئيسي لأحباب البيان والحرية، ونادوا في هذه المظاهرات بحرية الجزائر واستقلالها
المجازر
كان رد الفرنسيين على المظاهرات السلمية التي نظمها الجزائريون هو ارتكاب مجازر 8 ماي 1945، وذلك بأسلوب القمع والتقتيل الجماعي واستعملوا فيه القوات البرية والجوية والبحرية، ودمروا قرى ومداشر ودواوير بأكملها.ودام القمع قرابة سنة كاملة نتج عنه قتل كثر من 45000 جزائري، دمرت قراهم وأملاكهم عن آخرها. ووصلت الإحصاءات الأجنبية إلى تقديرات أفضع بين 50000و 70000 قتيل من المدنيين العزل فكانت مجزرة بشعة على يد الفرنسيين الذين كثيرا ما تباهوا بالتحضر والحرية والإنسانية
ومن هذا و ذاك فان من أبشع الإستعمار هو الإستعمار الفرنسي والذي كان له تاريخ مليء
بالدموية و العنجهية و الإجرام بحق الشعوب المضطهدة و التي يأتي في مقدمتها الشعب الجزائري و إن نسي كل العالم ماذا جرى فالتاريخ لم و لن ينسى ماذا حدث. لنقف مع حدث مهم في تاريخ الجزائر و الذي بدأ بمسيرة سلمية يوم
8 ماي 1945 حيث إستغل الفرنسيون الحشود الجزائرية للقضاء على أكبر عدد منهم فتحولت المسيرة السلمية الى مجازر 8 ماي 45