المجد-
انطوان الياس "أبو جودة "هو عقيد الجيش اللبناني يواجه جرم التعامل مع الموساد أوقف منذ ما يقارب العامين، يقول في استجواب المحكمة الأخير له حول تعاونه مع العدو الصهيوني أنه التقى في ايطاليا عام 2007 بالمدعو "داوود" الذي اكتشف حقيقته حينها بأنه ضابط موساد من خلال خاتم كان يضعه الأخير ويحمل نجمة داوود، وأضاف أنه تعرض لـ"صدمة المعلومات "خصوصاً عندما عرض عليه الضابط خريطة لمنزله وغرفة أولاده، في إشارة إلى تهديده.
ويرى أبو جودة أنه "أوقع نفسه في ورطة" خلال ذلك اللقاء الذي جمعه بـ "داوود" في ايطاليا، حيث عبّر عن ذلك بنفسه خلال استجوابه الذي لم يستغرق أكثر من نصف ساعة قبل أن يرفع رئيس المحكمة الجلسة.
حيث في بداية الجلسة تراجع أبو جودة عن اعترافاته الأولية، وأيد افادته جزئياً أمام قاضي التحقيق، لأنها تضمنت أقوالاً لم يدل بها، ومنها أنه اعطى احداثيات عن مراكز عسكرية.
نشير أن "أبو جودة" في 9/1/1984 تطوّع في الجيش وتخرّج بعد عامين، ثم عيّن في اللواء العاشر الذي امتدت خدمته فيه 14 عاماً قبل أن يشكل إلى اللواء التاسع فمعسكر خدمة العلم في عرمان في العام 2002، ثم عين في اللواء الثاني عشر الى العام 2009، ثم في جهاز الارتباط حتى تاريخ توقيفه في تموز من العام 2010.
وحول أجهزة الاتصال التي استخدمها "أبو جودة" قال أنه استخدم خطًا واحدًا وأنكر علمه بالرقم الذي يبدأ بـ 70، وأوضح أنه كان يمتلك خط فرنسي في العام 2007.
كما واجه أبو جودة سؤالًا حول شخص يدعى جوزف عيد فأفاد أنه تعرف عليه عن طريق طوني نصر الله، حيث كان أبو جودة فتى وجوزف عيد كان يعمل في مطبعة وسبق أن دخل السجن وخرج، وأضاف أن جوزف عيد دعاني في 2005 لبيته حين كنت في زيارة للحي "زحيما" في الحازمية.
وأوضح أبو جودة أن الحديث دار بينه وبين جوزف عيد حول أمور عائلية، ويقول: "تطرقت معه إلى موضوع يخص أخي في البارغواي وأعلمته أن الأخير طلب مني تنظيم صور إعلانية له. فأبدى استعداده لذلك كونه يعمل في مطبعة. وبالفعل أنجز ما طلبته منه رافضاً أن أدفع له ثمن ذلك، وحينها شعرت أن لديه جميلاً عليّ".
جوزف الوسيط:
وحول حقيقة جوزف عيد، وبعد أسبوع من اللقاء في منزله، كشف أبو جودة: "عرض عليّ جوزف عيد العمل بمؤسسة أمنية أوروبية وقال لي أن تلك المؤسسة بحاجة الى أشخاص ملمّين بالأمن، فوعدته بدراسة الموضوع. وأضاف: "في إحدى اللقاءات اتصل جوزف بشخص وكأنه رنّ له رنّة واحدة ليعاود ذلك الشخص الاتصال به، وبالفعل اتصل به وتحدثت أنا معه، وكانت لهجته لبنانية، وحين استفسرت منه على لهجته، قال لي أن ذلك يعود إلى عمله في سفارة بلاده في لبنان لفترة طويلة. وعندما استوضحت منه عن المؤسسة الأمنية اعلمني بأنها انشئت بعد أحداث 11 أيلول 2001 لحماية مؤسساتهم في الخارج، ثم أطلق عليّ لقب "أبو حسن"، على أن أناديه أنا بـ"أبو طوني".
وسأله رئيس المحكمة: أنت عقيد في الجيش، ألم تشك أن هذا الرجل هو من المخابرات، خصوصاً بعد أن أعطاك لقباً وأعلمك بأنه يعمل في مؤسسة أمنية، فأجاب أبو جودة: كنت في تلك المرحلة أريد أن أعرف وضع تلك المؤسسة.
سئل: ألم يساورك الشك في أسلوبه، خصوصاً وأن العمل في هكذا مؤسسة يتطلب وساطة، فأجاب: لم أفكر حينها بذلك، ولم يخطر ببالي أنهم مخابرات.
سئل: ماذا طلب منك، فأجاب: لا شيء، كان حديثا عامًا.
سئل: ألم يعاود الاتصال بك، فأجاب: نعم، إنما ليس على هاتفي، بل على هاتف جوزف عيد.
وعما اتفقا عليه، أجاب: أبلغني بأنه سيعاود الاتصال بي بعد شهرين من ذلك.
وسئل: ما كان فحوى الحديث بينكما خلال تلك الاتصالات، فأجاب: كان يخبرني عن عائلته وأولاده، وعن الطقس.
سئل: ألم يطلب منك معلومات شخصية عنك، فأجاب: سألني مرة في أي منطقة أخدم، وعدد أولادي، وكان ذلك في العام 2006 حيث سافر حينها جوزف عيد إلى قبرص.
سئل: ألم يخبرك جوزف عيد أنه التقى ذلك الشخص اثناء سفره، فأجاب: نعم، وهو احضر معه USB في علاّقة مفاتيح، وقالوا لي اثناء التحقيق انه احضر مالاً، إنما أنا لم أستلم شيئاً.
ولدى استيضاحه عن هدايا أرسلت إليه من ذلك الشخص، قال أبو جودة: نعم أحضر لي ساعة "فيراري" كهدية.
وسئل عن USB فقال: لم تفتح، حينها اتصل جوزف عيد بشخص وطلب منه التحدث مع آخر يدعى "أديب" وفهمت أن المجيب كان ينهر جوزف الذي علا وجهه الاحمرار، فطلب حينها المجيب منه أن يحطّم الـUSB.
وبسؤاله قال: بعد حرب تموز سافرت لعند أخي الى البارغواي، وطلب مني حينها "أبو طوني" مقابلتي في دولة أوروبية، فسافرت إلى ايطاليا، أضاف: قال لي انه بمجرد أن أنزل من المطار سأكون مراقباً، وحينها شعرت بقناعة أن هؤلاء الناس هم اوروبيون فعلاً طالما لديهم القدرة على المراقبة.
وبعد أن أوضح ان ذلك الشخص طلب منه شراء خط هاتف من ميلانو، قال انه طلب منه ايضاً مواصفات للتعرف عليه. أضاف أبو جودة: كانت غاية ذلك الشخص إفهامي ان لديه سلطة هناك.
ورداً على سؤال قال: في اليوم التالي من وصولي الى ايطاليا حضر شخص من قِبَله واصطحبني برفقة شخص آخر يتحدث اللغة الانكليزية بشكل ضعيف، الى فندق فخم. وشاهدت داخل ممر 3 شبان، مقابل قاعة اجتماعات، وأدخلوني الى تلك القاعة حيث شاهدت رجلاً سميناً جداً يجلس فيها، عرّفني عن نفسه بأنه يدعى "أبو طوني".
سئل: تقول سابقاً انك عرفته من صوته، فأجاب: نعم، كان ذلك في 20/1/2007 وكانت المرة الاولى التي أرى فيها يهودياً إسرائيلياً، فعندما جلست رأيته يضع خاتماً يحمل نجمة داوود. فبادرته: أنتم موساد، وعندما ردّ بالإيجاب شعرت بحالة من الهلع، ولم أعرف ماذا سأفعل، فطلبت الدخول إلى المرحاض، وهناك رحت أفكر ماذا سأفعل، وفي أي ورطة أوقعت نفسي فيها، واعتقدت أنه يجب أن أسايرهم لأتخلص منهم.
ويضيف أبو جودة وقد بدأ صوته يرتجف: سحب "أبو طوني" ورقة صفراء وهو بالفعل يدعى داوود، وقال لي: نحن نعرف كل شيء عنك، وهناك خطر على عائلتك. وعلى تلك الورقة رسم لي خريطة منزلي وغرفه ومنها غرفة الأولاد. وهنا توقف أبو جودة عن الكلام، فقرر رئيس المحكمة رفع الجلسة لمتابعة استجوابه في 14 حزيران المقبل.