'الشروق': تمرير التوريث يحكم سياسة مصر
وإذا كان أحمد رجب قد صدم نجيب في الشق الأول الخاص بالسلطة فان الأديب الكبير والطبيب علاء الأسواني، صدمه في الشق الثاني الخاص بموقف النظام بقوله أمس أيضا في 'الشروق' اليومية المستقلة: 'تعلم النظام المصري أن إرضاء إسرائيل يجلب معه رضا الولايات المتحدة والدول الغربية جميعا.
وكلها أشياء أساسية في نجاح مخطط التوريث الذي يعد له على قدم وساق، كل هذه الاعتبارات دفعت بالنظام المصري الى أن يشترك عمدا في حصار الفلسطينيين في غزة، لجأ الإعلام المصري الى كذبة أخرى فقال ان فتح المعبر سيؤدي الى توطين الفلسطينيين في سيناء، وهذا الكلام لا مثيل لسخافته لأن المطلوب لم يكن إدخال الفلسطينيين إلى مصر، وإنما إدخال الغذاء والدواء إلى الفلسطينيين، ولما انكشفت هذه الأكاذيب جميعا لجأ الإعلام المصري إلى أكثر الأكاذيب وقاحة، فأكد أن المعبر مفتوح بالفعل ولم يغلق قط، وهذه استهانة غير مسبوقة بعقول المصريين وحقهم في أن يعرفوا ما يحدث في بلادهم، وقد صاحب كل هذه الأكاذيب الكثير من الخلط والتشويش: فقد اختلط مفهوم الرئيس بالوطن، وأصبح من ينتقد سياسة الرئيس مبارك كارها لمصر وحاقدا عليها، كما استعمل رؤساء تحرير الصحف الحكومية التي يملكها ويمولها الشعب المصري، كل ما في جعبتهم من شتائم بذيئة ضد كل من تجرأ واعترض على سياسة الرئيس مبارك، بدءا من حسن نصر الله الى بشار الأسد، وتم حشد الكتبة المنافقين ومن قدمتهم وسائل الإعلام باعتبارهم خبراء لكي يكيلوا الشتائم لكل من عارض اشتراك مصر في حصار غزة، وقد توجت هذه الحرب الإعلامية بمشهد من الكوميديا السوداء (وهو مصطلح في المسرح يعني أنك ستضحك ثم تشعر بالحزن) عندما اصطحب السيد فتحي سرور نواب الحزب الوطني الى منزل الرئيس مبارك، وذلك ليعبروا لسيادته عن مبايعتهم وتأييدهم الكامل غير المشروط لسياسته الحكيمة أثناء المذبحة، ونحن نتساءل: متى أعلن فتحي سرور عن معارضته للرئيس مبارك؟'.
وغدا، لدينا المزيد والمزيد.
'المصري': مبارك اعاد مصر لعصور المماليك
وإلى من ندعو المولى عز وجل، ليل نهار، أن يحفظه لنا من أعين الحاسدين الذين يطلقون شرارات حسدهم ضده، مثل صديقنا والكاتب المتعدد المواهب بلال فضل، رغم أنه لا يتمتع بأي موهبة، وهل يمكن لصاحب موهبة أن يقول في 'المصري اليوم' يوم الخميس: 'هل قرأ الرئيس مبارك كتاب أمكنة؟
لا أعتقد، فلو كان قد قرأه لما احتاج أبدا إلى ذلك الوفد من النواب الذي أعادنا إلى عصور المماليك بزيارته للحضرة الرئاسية لتسليم حضرة صاحب العزة بيانا أن الرعية معه عن بكرة أبيها، ولما صدق أبدا تلك الزيارات الجماهيرية التي يرتبونها لسيادته لكي يستمع الى أناس أعدوا سلفا لكي يقولوا له كلاما لا يزعله، ولأصدر قرارا جمهوريا بتقديم كل من يقول إننا بخير وكله تمام وزي الفل الى محاكمة عاجلة بتهمة الكذب على الله والوطن.
أما كتاب أمكنة فهو كتاب غير دوري يعنى بثقافة المكان يحرره ثلاثة مثقفين اسكندريين، هم: الشاعر علاء خالد وزوجته سلوى رشاد، بمشاركة من مهاب نصر وهم قرروا ان يشعلوا شمعة اثناء لعنهم الظلام'.
تغيير كسوة قبر الحسين لمحاربة المد الشيعي
وإلى المعارك ذات الطابع الإسلامي، وأولاها تلك الموقعة التي حقق فيها وزير الأوقاف الدكتور محمود حمدي زقزوق نصرا كاسحا على الشيعة والتشيع في مصر السنية، وانبهر به زميلنا وصديقنا بالوفد محمد أمين، فقال عنه يوم الاثنين: '- الفكر الأخضر ينفع في اليوم الأسود، خلاص لم يعد عندنا فكر شيعي أسود في مصر والحمد لله، تخلصنا من الفكر الأسود بقرار شجاع، واصبح الفكر الأخضر هو الفكر الوحيد لدينا، دون إراقة دماء، ودون حرب بين السنة والشيعة، إذن هي ثورة بيضاء يقودها حمدي زقزوق وزير الأوقاف، وخطوة شجاعة تعكس صحوة إسلامية عالية في الوقت نفسه، فقد تدارك الوزير خطأ فادحا، وقام بتغيير كسوة ضريح الإمام الحسين، من اللون الأسود 'القاتم' الى اللون الأخضر 'الجميل'، فاللون الأسود يرمز إلى التشيع في الإسلام.
- الآن مصر تشهد مراجعات كثيرة، في كل شيء، سياسيا واقتصاديا وفكريا، وتغيير الكسوة واحدة من هذه المراجعات، فهل كان الأمر يحتاج إلى مؤتمر صحافي يقف فيه وزير الأوقاف ليعلن النبأ العظيم، هل وجد الوزير مقاومة تذكر من أي أحد، هل كانت هناك مشكلة أن يتم تغيير الكسوة من أسود إلى أخضر، سواء على نفقة الوزارة، أو على نفقة رجال الأعمال، لا أظن، ولا أظن أن الضجة المثارة حول تغيير الكسوة كانت في محلها، ولا أظن أيضا أن اللون الأخضر يوقف التوغل الشيعي في مصر، أو يؤكد أن مصر 'سنية' من مفرق شعرها حتى أخمص قدميها!!'.
انكار منع قتل البرغوث لأنه يؤذن لصلاة الفجر
ومن معركة الكسوة إلى معركة البراغيت التي قال عنها وهو حزين لما وصل إليه حال المسلمين، الكاتب الإسلامي الدكتور أحمد شوقي الفنجري في مجلة 'روزاليوسف': 'صدق رسول الله (صلى الله عليه وسلم) إذ يقول: إذا سمعتم بالحديث عني تنكره قلوبكم وأبشاركم وأشعاركم وترون أنه منكم بعيد فأنا أبعدكم منه' رواه أحمد، ويقول: 'إذا سمعتم الحديث عني فاعرضوه على القرآن فإذا وافق القرآن فهو مني وإذا لم يكن يوافقه فهو ليس مني'.
أولا: النهي عن قتل البراغيت: روي عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل هل قتل البراغيت حرام أم حلال؟
فقال: 'إن قتلها حرام لأنها توقظ المؤمنين لصلاة الفجر ويزعمون أن عمر بن الخطاب كان يمضي بعض لياليه متهجدا (أي لا ينام) لأن البراغيت كانت تلسعه وهو لا يستطيع قتلها لأنه سمع عن رسول الله أن قتلها حرام! وجاءت جماعة من الخوارج يسألون أحد علماء الدين: هل قتل البراغيت حلال أم حرام؟ فثار عليهم غاضبا وقال: قتلتم أحفاد رسول الله الحسن والحسين بغير تردد، والآن جئتم تستفتون عن قتل البراغيت!
هذا بعض ما جاء في كتب الحديث وكتب السيرة عن البراغيت وعلميا فإن البرغوث والقمل قد تكون أكثر ضررا على حياة الإنسان من العقرب والثعبان لأنها تتغذى على دمه مباشرة، وتنقل إليه العديد من الأمراض المعدية كالطاعون والالتهاب الكبدي، والملاريا وغيرها كثير، فمكافحتها وقتلها واجب لأنه دفاع عن النفس، ومن هذا نقول إن كل ما جاء في هذه المرويات أكاذيب وخرافات، وعلى كل مسلم مثقف عالم بتعاليم دينه أن يكافحها حماية للمسلمين'.
ظاهرة الخوف من الإخوان المسلمين
وإلى جماعة الإخوان المسلمين التي حظيت باهتمام زميلنا وصديقنا إبراهيم عيسى رئيس تحرير 'الدستور'، والذي أبدى دهشة عظيمة من حالة الرعب التي تنتاب الكثيرين منهم، وهو ما دفعه للقول يوم الاثنين: 'حلف لي رجل أعمال على المصحف أنه سوف يصفي كل أعماله وتجارته في مصر ويهج منها لو تولى الإخوان المسلمون الحكم، فقلت له إنني لست مهتما برد فعلك فأنت حر وسبق ومشى غيرك رغم أن الإخوان لم يصلوا للحكم بل وصلوا لمزرعة طرة، ومع ذلك نفسي أسألك: من أوهمك بأن الإخوان ممكن يحكموا مصر؟
قصة أن الإخوان سوف ينجحون في الانتخابات ويسيطرون على الحكم هي التي يبيعها جمال مبارك ومجموعته للأمريكان والغرب في محاولة للدفاع عن التزوير الفاضح والمفضوح للانتخابات، واللطيف أن عددا لا بأس به من الخبراء الغربيين والمراسلين الأمريكان الذين يلتقي بهم المرء يتعاملون بمنتهى الرقة والبساطة مع هذه الحقيقة ويجدون في قبولهم تزوير الانتخابات تضحية بسيطة بحقوق الإنسان للنجاة من صعود الإخوان لحكم الإنسان المصري!
يبدو الأقباط عندنا كذلك أكثر المذعورين من احتمالية نجاح الإخوان في الانتخابات أو سيطرتهم على الحكم والكنيسة المصرية تلتزم الصمت التام وعدم مطالبة شعبها بالذهاب للاقتراع إلا في حالة واحدة تستنفر فيها كل الأقباط في دائرة ما لو كانت تشهد مرشحا إخوانيا، حيث تكون التعليمات واضحة بالتصويت ضده بغرض إسقاطه. فزع الأقباط من قوة الإخوان يرميهم في احضان الحزب الوطني الذي يهاجمونه ليل نهار على اضطهاد الأقباط باستبعادهم من تولي مناصب في القضاء والنيابة والشرطة وجهاز أمن الدولة، ويتهمون الحزب وقيادة الدولة بمنع بناء الكنائس أو تعطيل بنائها وتشجيع المتطرفين على أسلمة بنات الأقباط ورغم كل هذه التهم فإن الحزب الوطني على قلبهم زي العسل ما دام يحميهم 'أو هكذا يظنون' من الإخوان!
هناك كذلك شريحة كبيرة من المثقفين الذين رغم أنهم على هامش التأثير الجماهيري ولا يلتقون الجماهير إلا في أسانسير العمارة وفي الأغلب فإن جيرانهم لا يعرفون أسماءهم أصلا ومع ذلك فإنهم يتحدثون باسم الجماهير ويكرهون الإخوان كراهية عميقة.
الغريب أن كل هذه المشاعر بانت بقوة هائلة خلال العدوان الإسرائيلي على غزة!
المؤكد والحال كذلك اننا مطالبون بالبحث جديا عن إجابة لسؤال، هل ممكن أن يصل الإخوان إلى حكم مصر؟ حتى تطمئن قلوب وتهدأ نفوس وتبدأ تفكر بعقلها وضميرها وليس بغريزة الخوف والذعر من جماعة وتيار سياسي سأحاول بإذن الله غدا أن أقدم نصيبي من الإجابة عن السؤال'.
ترحيب اعلامي بصدور صحيفة 'الشروق'
وأخيرا إلى معارك الصحافيين، وبينما استقبلت صحف الاثنين بالترحيب صدور العدد الأول من جريدة 'الشروق' اليومية المستقلة، يوم الأحد بالتهنئة، استقبلتها جريدة 'روزاليوسف'، بخبر في الصفحة الأولى عنوانه - مانشيت 'الشروق' بايت، 'روزاليوسف' انفردت به منذ شهر والصحف تابعته قبل أيام - قالت فيه: 'مانشيت جريدة 'الشروق' في أول عدد لها والصادر أمس في صدر أولى صفحاتها بعنوان 'مليار جنيه إعفاءات من ضريبة المبيعات للسلع الرأسمالية'، 'بايت' وتداولته جميع الصحف من عدة أيام، بعد انفراد 'روزاليوسف' بنشره منذ قرابة شهر وكان عن إعفاء السلع الرأسمالية من ضريبة المبيعات لمدة عام بتكلفة تتحملها الخزانة العامة بواقع مليار جنيه لتقليل تداعيات الأزمة المالية على الأنشطة الصناعية في إطار خطة حكومية لانقاذ الاقتصاد المصري من براثن التداعيات المتوالية التي شهدتها الاقتصادات الكبرى بقيمة 15 مليار جنيه تنفق على زيادة الإنفاق العام وتعديلات في التعريفة الجمركية والإعفاء المؤقت لضريبة المبيعات'.
أما زميلنا بـ'الأخبار' وإمام الساخرين أحمد رجب فقد هنأ 'الشروق' قائلا: 'أهلا بالشروق التي سوف تشرق علينا كل صباح ولقد أحببتها من أول نظرة لأنها تعكس شخصية رئيس مجلــــــس التحرير سلامة أحمد سلامة رفيق الدرب على مر السنين، وسلامة هو الفكر المتألف المــــتأني المتزن والرؤية الجديدة المختلفة والشجاعة في غير تهور وموهبة الإصغاء التي تفــــــضي دائما إلى كلام له ميزان الذهب، مبروك لإبراهــــيم المعلم الشروق. ومبروك للشروق سلامة أحمد سلامة'.
نكبات الصحافة المصرية المتلاحقة
وطبعا، كان رجب يريد أن يقول، ومبروك ايضا لعبدالعظيم حماد، رئيس التحرير الذي قال يوم الاثنين: 'رغم كل ما أصاب الصحافة المصرية من نكبات سياسية المنبع، واقتصادية ومهنية النتائج فقد كنت أغري نفسي كأحد أبناء المهنة - بأن صحافتنا لم تنحدر في أي مرحلة من تاريخها الى حضيض انحدرت إليه صحف عربية واجنبية أخرى، تحت وطأة أنظمة الحكم الشمولية وبقيت الصحف المصرية في كل العهود - وحتى في اشدها تعديا على حرية النشر - قادرة على الاحتفاظ بحد أدنى معقول من التواصل مع الرأي العام، والتعبير عنه، وعلى مقاومة الغزوات السياسية القادمة من خارج المهنة.
وفي عهود ثورة يوليو كانت 'الأهرام' كما قلنا واحدة من أفضل عشر صحف على مستوى العالم بفضل شيخ الصنعة الأستاذ محمد حسنين هيكل وزملائه وتلاميذه، وكانت مجلة 'روزاليوسف' هي المدرسة الأم لصحافة المجلات التي ازدهرت في بيروت وظلت 'روزا' في مصر ترتاد لنا آفاق التجديد في الفكر والأدب والاجتماع، وكانت 'أخبار اليوم' لا تزال قادرة على التعبير عن حركة وأفكار وفوران الحياة اليومية للشعب من عمال التراحيل، حتى قمم المجتمع في الفن والثقافة والسياسة والرياضة، من التحديات التي تواجهها الصحافة المصرية في وقتنا الحالي أيضا ظاهرة الاستقطاب السياسي، ومع الاحترام الكامل لكل التجارب، وكل الزملاء فإن هذا الاستقطاب يقود في بعض الاحيان إلى ممارسات لا تلتزم بما يكفي بالأصول المهنية مما ترصده التقارير الدورية لنقابة الصحافيين والمجلس الأعلى للصحافة من مخالفات لميثاق الشرف الصحافي، ليس في القضايا السياسية فحسب ولكن حتى في القضايا الاجتماعية وأخبار الحوادث والجريمة، ولا يؤثر هذا الاستقطاب السياسي على الصحف الحزبية والمستقلة فقط ولكن أيضا يؤثر على الصحافة القومية، علما بأن الاستقطاب المعيب شيء واختلاف الآراء والحوار شيء آخر تماما'.