قامت إسرائيل بعدة خطوات استهدفت إجهاض وتدمير أي محاولة عربية لتحقيق أي تقدم في المجال النووي أو في مجال الصواريخ، وتضمنت هذه الخطوات أساليب سياسية ودبلوماسية، وعمليات مخابراتية، وعسكرية منها(7):
أ بدأت مصر في أوائل الستينيات بمشروع لتطوير صواريخ أرض أرض (القاهر الظافر) عمل فيه عدد من العلماء الألمان، فشنّت إسرائيل حملة سياسية على المستشار الألماني (أديناور) واتهامه بمعاداة السامية، ونفّذت المخابرات الإسرائيلية خطة لإرهاب العلماء الألمان في مصر، وكذلك أسرهم، وذلك بإرسال خطابات ناسفة أصابت عدداً منهم، كما اختفى في ظروف غامضة عالم ألماني هو الدكتور (كروج) أحد كبار العاملين في المشروع.
ب عندما وافق الرئيس الأمريكي ريتشارد نيكسون عام 1974م على بيع مفاعل نووي أمريكي لمصر لتوليد الطاقة الكهربية طلبت إسرائيل مفاعلاً مماثلاً، وتم التوقيع على الصفقتين في أغسطس 1976م، إلا أن إسرائيل بدأت في إثارة المشاكل إلى أن تم تجميد الصفقتين.
ج في نهاية 1976م وقّع العراق اتفاقاً مع فرنسا لتزويده بمفاعلين نووين، فبدأت إسرائيل مساعيها لنسف الاتفاق واستمرت فرنسا في تصنيع المفاعلين، وعندما لم تحقق الإجراءات السياسية الهدف الإسرائيلي قامت الموساد بعملية نسف لقلبي المفاعلين في مخازن ميناء طولون الفرنسي، ثم التدخّل بعمل مباشر عنيف بتدمير المفاعل النووي العراقي في 7 يونيو 1981م.
د ابتزاز الشركات الأجنبية وتهديدها، والضغط عليها لوقف تعاملاتها مع الدول العربية في المجالات الاستراتيجية، مثلما حدث مع شركة "جلف أند جنرال أوتو ميكز" الأمريكية التي تراجعت عن مساعدة ليبيا في بناء مفاعل نووي في (سبها) تحت ضغوط الحكومة الأمريكية والأوساط الصهيونية.
ه إرهاب واغتيال الكوادر العلمية والتقنية من العلماء العرب المرموقين في المجالات النووية، مثل اغتيال عالمة الذرة المصرية (سميرة موسى) في الولايات المتحدة عام 1952م، واغتيال عالم الذرة المصري (يحيى المشد) في باريس يونيو 1980م، والدكتور (سعيد بدير) عالم الميكرووف المصري بمنزله بالإسكندرية في 14 يوليو 1989م، واغتيال عالم الذرة المصري (سمير نجيب) في ديترويت أغسطس 1967م.
و الضغط على الدول الغربية المتقدمة لتحديد فرص طلاب دول العالم الثالث في الدراسات ذات الصفة الاستراتيجية، ورفض انضمام طلاب العالم الثالث لأقسام علمية بأكملها، وهذا ما تتبعه بريطانيا، حيث ترفض التحاق أبناء دول العالم الثالث بالمستويات الدراسية الخاصة بتخريج علماء الذرة والصواريخ.
ز التخريب من الداخل عن طريق تجنيد وزرع العلماء والجواسيس داخل المشروع، كما حدث في مشروع الصواريخ المصري في الستينيات بواسطة النازي السابق (سكورتنسي) مقابل إغلاق ملفه النازي القديم، وكذلك تدمير مصنع الرابطة الليبي.
ح شن الحملات التشهيرية واسعة النطاق للتهويل من أي خطوة عربية مهما كانت متواضعة باتجاه الجهد النووي، والتخويف من القنبلة العربية، والقنبلة الإسلامية، والقنبلة الإرهابية، والفوضى النووية ...إلخ من أجل تهيئة الرأي العام العالمي لقبول أي خطوات عنيفة موجهة لتحطيم الجهد العربي في هذا المجال.
وإذا كانت هذه الأساليب قد اتبعت أو اتبع معظمها في الماضي، فلربما حالت اتفاقيات السلام دون اتباعها حالياً، فلا أقل من شن حملة إعلامية ضد مصر لأسباب مختلفة ليس من بينها حقيقة البرنامج النووي المصري، ولكن لاتخاذه ذريعة لإثناء مصر عن مواقف معينة لا تتفق مع رؤية كل من الولايات المتحدة وإسرائيل.