بائع شاورما في سيدي يحيى بحيدرة: "لدي مدّخرات تكاد تكفي لشراء واحة نخيل في بسكرة"
شوارميست بمطعم "آلادان": "اقتنيت قطعة أرض.. بنيت فيلا وسأفتح مطعمي الشخصي قريبا" صدّق أو لا تصدّق.. راتب شهري يصل إلى 24 مليون سنتيم بمعدل 8 آلاف دينار في اليوم الواحد وقد يصل إلى 30 مليون.. قد يعتقد القارئ للوهلة الأولى أن الأمر يتعلّق براتب نائب في البرلمان أو إطار سام في الدولة، لكن الحقيقة هو أن هذا الأجر الكبير والمغري لا يعدو أن يكون راتب صانع الشوارما أو كما يصطلح على تسميته باللغة العامية "الشوارميست".فإذا كان "شوارميست" في مقتبل العمر بإمكانه شراء واحة بـ600 مليون سنتيم في بسكرة فما بالك بالمستوى المعيشي الذي توفّره هذه المهنة بفضل مداخليها المالية الهامّة، التي وللأسف لا يتحصّل عليها طبيب أخصائي في الجزائر ولا أستاذ مساعد في الجامعة من الدرجة "أ". ففي جولة استطلاعية قامت بها "النهار"، عبر محلات الشوارما التي عرفت انتشارا واسعا كانتشار النار في الهشيم، تبيّن أن أجر صانع الشوارما لا يقلّ عن 50 ألف دينار جزائري، في الوقت الذي يتقاضى طبيب أخصائي دراسته لمدة 12 سنة في مجال الطب ويعمل بدوام كلي، بالإضافة إلى المداومات الليلية، راتبا شهريا لا يتعدّى 65 ألف دينار، يقابله الأستاذ المساعد من الدرجة "أ" الذي يعمل بمعدل ساعتين في الأسبوع قيمة الساعة الواحدة 200 دينار، ليجد نفسه في نهاية كل شهر أمام مدخول هزيل لا يصل حتى إلى الأجر القاعدي.
اقتنى قطعة أرض.. شيّد فيلا وسيفتح مطعما.. الشوارمة "دارتلو التاويل" "بفضل الشوارما اقتنيت قطعة أرض مساحتها 200 متر مربع في الدويرة، وأنا بصدد تشييد فيلا متواضعة لي ولعائلتي".. هكذا ردّ صانع الشوارما بمحل "ألادان" المعروف بساحة أودان الذي يستقطب عددا كبيرا من كلبائن على مدار الأسبوع، فهذا الشاب الذي لم يتجاوز عقده الثالث، قال في حديث إلى "النهار"، إن عمله في مجال "الشوارما" عاد عليه بالمال الوفير، الأمر الذي مكّنه من اقتناء قطعة أرض في الدويرة، شيّد عليها فيلا تأويه وتأوي عائلته، قائلا "الحمد الله عندي 8 سنوات وأنا أعمل في هذا المجال درْت التاويل، وأنا أعتزم أن أتزوّج خلال الأشهر القادمة، خاصة وأنني أتقاضى مبلغا بـ80 ألف دينار جزائري في الشهر"، وعن سؤال حول ما إذا كان يدّخر أموالا بغضّ النظر عن تلك التي أنفقها في شراء "التراب" فردّ ضاحكا "قمت بفتح حساب بنكي، وحاليا أوفّر مبلغ 45 مليون سنتيم"، ليعبّر فيما بعد عن تذمّره من اقتحام المهنة من طرف الكثيرين، قائلا "نظرا لما تدرّه هاته المهنة من أرباح، فقد بات المئات يمارسونها حتى أنهم طيْحو علينا البّق".من جهة أخرى، أكد ذات المتحدّث، الذي كان منهمكا بتحضير "السوندويتشات" أن المحلّ الذي يعمل فيه والذي يديره رعية فلسطيني، يُحضّر أكثر من ألف "ساندويتش" في اليوم الواحد وأكثر من 30 طبقا من الشوارما، مشيرا إلى أنه يتحصّل على فائدة بـ15 دج عن كل "ساندويتش"، في حين يستفيد من هامش ربح بـ30 دينار عن كل طبق، كما أن هذا "الشوارميست" لم يخفِ عنا مشروعه الذي سيطلقه قريبا والمتمثّل في فتح مطعم خاص لبيع الشوارما.
شهرية بـ24 مليونا في "الليتورال"..وفي مدينة اسطاوالي، كانت لنا دردشة مع صاحب محل لبيع البيتزا والشوارما، هذا الأخير الذي أكد أن الراتب الذي يدفعه لصانع الشوارما يفوق الـ20 مليون سنتيم، مؤكدا أن المطاعم المحاذية للسواحل تعرف رواجا كبيرا للشوارما يقابله ارتفاع مدخول صانعيها، حيث أكد أن هذه المطاعم لا تتعامل في الدفع بمبدأ الاتّفاق المسبق للأجر وإنما يتحدّد من خلال عدد الساندويتشات التي يقوم بتحضيرها "الشوارميست"، مشيرا إلى أن هذا الأخير يقبض ما بين 5 آلاف و8 آلاف في اليوم الواحد، ليظفر بأجر يصل إلى 24 مليون في الشهر، قبل أن يعود ويوضّح قائلا، "اللّي عندو شوارميست لازم يحافظ عليه لأنهم أصبحوا يشترطون كثيرا".
"سأقتني واحة بـ600 مليون لأستمثر في مسقط رأسي"من جهة أخرى، وفي إطار الجولة التي قمنا بها، لم نكن نعتقد أن بائع الشوارما قد يكون غنيا بأتمّ معنى الكلمة، فالناظر إليه يعتقد أنه يعمل "قيس قيس" لكسب لقمة العيش بسبب هيئته التي تؤكد ذلك، إلا أن الواقع نقيض ذلك تماما، وهنا صدق المثل القائل "المظاهر خدّاعة"، فبائع الشوارما الذي اتّخذ من أحد محلات سيدي يحيى مصدرا للرزق قال، "ماعنديش بزاف خبرة في الشوارما، لكن والحمد لله، أنا أهدف إلى اقتناء واحة في بسكرة لأستثمر في مسقط رأسي في مجال التمور"، وعن قيمة الواحة التي يعتزم شراءها، قال "غالية شوية فهي تُقدّر بـ600 مليون سنتيم، لكن مارانيش بعيد قادر نشريها"، وعن الأجرة التي يتقاضاها، رفض الكشف عنها واكتفى بالقول إنها تفوق بكثير الـ35 ألف دينار شهريا، مشيرا إلى أن المحل الذي يعمل فيه يبيع أكثر من 950 سندويتش في اليوم، وهو ما يعود عليّا بالخير الوفير".في المقابل، يتقاضى أشباه" الشوارميست" الذين ينشطون في المحلات الصغيرة المتواجدة في الأحياء الشعبية، أجرا يتراوح ما بين 50 ألف و70 ألف دينار جزائري.
مختص في الطب الداخلي:"الشوارمة لا تشكّل خطرا على صحة بائعها"ولأن أغلب الذين التقيناهم أكدوا خطورة هاته المهنة على صحتهم، ما ينجرّ عنه ارتفاع أجرتهم، اتصلت "النهار" بالدكتور عزوق محمد، مختص في الطب الداخلي، والذي أكد أن الوقوف لساعات طويلة أمام الحرارة التي يفرزها جهاز تحضير الشورامة لا يشكّل أي خطر على الصحة، لأن الذي يقوم بتحضيرها وبيعها يكون وكأنه ماثل أمام جهاز التدفئة، ليضيف أن الشيء الوحيد الذي يمكن أن تتسبّب فيه هو نزلات البرد المتكررة جراء تغيير المناخ من الحار إلى البارد.
النهار