تروج في الأوساط الإعلامية والسياسية رواية تنسب التغيير الذي شهدته مصر بإنتفاضة شعبها وجيشها على حكم الأخوان وخلع ممثلهم من الرئاسة بالإنقلاب الأميركي السعودي
- تسنتد الرواية إلى دور الجيش الحاسم في هذا التغيير و طبيعة العلاقة الخاصة بين الجيش وواشنطن خصوصا كما ظهرت في التخلص من حكم مبارك من جهة والمواقف الأميركية المترددة ولاحقا المرحبة او المتغاضية عما فعله الجيش بحق من يفترض أنه رئيس منتخب وحليف لواشنطن من جهة أخرى
- - كما تستند الرواية إلى الغضب السعودي من حكم الأخوان وتموضعهم في الحضن القطري إقليميا وما بدا انه رفض خليجي لخياراتهم عبر عنها ضاحي خلفان قائد شرطة دبي بصورة علنية لكن التحفظ السعودي لم يعمر طويلا في الخفاء وفقا لما بدا من إنخراط لقناة العربية الممولة سعوديا في حرب معلنة على الأخوان وحكمهم حتى قال بعضهم أنه إذا صح القول ان قناة الجزيرة صنعت الثورة المصرية الأولى فإن قناة العربية صنعت الثورة المصرية الثانية
- تتوج الرواية وقائعها المساندة بالرسالة المبكرة للملك السعودي بالتهنئة حتى قبل أن يؤدي الرئيس المؤقت القسم الدستوري وإلى تعايش دول الغرب كلها مع نتائج التغيير و الإكتفاء بتمني رؤية إنتخابات قريبة
- قبل مناقشة الفرضية الواردة في الرواية لنسأل ماذا يعني ذلك في حال صحة الرواية ؟
- ذلك يعني أن واشنطن والرياض قد عزمتا على تغيير المشهد المصري بكل التداعيات المترتبة على هذا التغيير وهو تغيير يحمل وجها أول يعلن نهاية حقبة الأخوان المسلمين في المنطقة لإدراك أي معني ومتابع أن قلعة الأخوان هي مصر وان إسقاطهم المهين سيضعضع كل مراكز فعلهم وحراكهم وقوتهم من غزة وتونس الأقربين إلى سوريا والحرب فيها وتركيا ومستقبل الحكم فيها
- ذلك يعني ان آلة التعويض عن التداعيات للحفاظ على المواقع التي يحتلها الأخوان متاح ربما في أماكن وغير متاح في اماكن ففي حال تركيا مثلا كما مصر إذا قبلنا الرواية يمكن لواشنطن أن لاتخشىإستبدالالأخوان بتحالف الجيش والعلمانيين كما في تونس لكن لذلك شرط رئيسي هو التسليم بنهاية الوظيفة الإقليمية في حروب المنطقة لهذه الدول وخصوصا في سوريا
- ذلك يعني في حالة المعارضة السورية التي كسر ظهر الفريق الأخواني فيها والذي يشكل عصبها الرئيسي إهتزازا يصعب تفادي نتائجه
- ذلك يعني تموضعا جديدا لموازين المنطقة تضعف التصعيد على سوريا وتهيئ المناخ في الدول التي شكلت رأس الحربة في الحرب عليها لزمن التسويات خصوصا أن جوهر التحول يتم تحت عنوان محوره القول ما يهمنا هو داخل بلادنا وهمومه كأولوية تتقدم على التطلع نحو مشاريع خارجية ويبدو خطاب المصرنة بارزا في الحركة المناهضة للأخوان في مصر كما سيكون في الحالات المشابهة كما هو حال قطر بعد تبديل الأمير الضخم بالأمير الصغير دورا وحجما وعمرا
- ذلك يعني في حال تبني الرواية أن واشنطن والسعودية تتخليان عن خيار التصعيد الإقليمي بوجه سوريا وإيران وحزب الله لأن آلة التصعيد المحورية هي إستحضار التوتير المذهبي وعدة هذا التوير وصولا للفتنة أمران : تماسك جبهة القوى السنية بإعتبار الصراع مع الشيعة أولوية وهذا عكس ما يقوله الحدث المصري وكذلك تحشيد كل العناوين القادرة على التعبئة وفقا للخلفية الدينية التعصبية في واجهة الحياة السياسية والإعلامية من موقع القادر القوي وليس إقصاءه لحساب العلماني والعسكري اللذين لا مكان ولا دور و لا صفة أو وظيفة لهما تستقيم مع لعبة الفتنة والقدرة على إشعالها
- أين إسرائيل التي حصلت من الأخوان على ما لم تحصل عليه من أحد وموقعها من هذا التغيير والقلق الذي يسكنها من شموله حركة حماس وإنقلاب الموازين فيها لحساب القسام بوجه المكتب السياسي والعودة للحضن الإيراني السوري المصري المتجدد بدلا من الحضن الأخواني المطمئن في كل من قطر وتركيا ومصر ؟
- هل الرواية قادرة على تفسير ما جرى ؟
- السلوك السعودي تجاه سوريا يحمل كل مقومات التصعيد والتوتير المذهبي و التحريض على إيران وحزب الله فهل ما يجري على هذا الصعيد هو مشروع فريق سعودي هو غير الفريق الذي صنع التغيير في مصر او واكبه كي تستقيم الرواية منطقيا ؟
- السلووك الأميركي بدعوة التسليح والدعم للمعارضة السورية بعيدا عن القاعدة والوهابية يعني حكما الإعتماد على الأخوان كعصب للقوة المناوئة للدولة السورية وجيشها ورهان الأميركي كما صرح كيري بأن الجمع بين دعم التصعيد العسكري والتوافق على حل سياسي يلتقيان عند فرز مذهبي عنيف في سوريا يسمح بطرح إعادة التركيب على أساس طائفي لدولتها والأخوان هم حجر الرحى في هذا المشروع
- هل تريد الرواية أن تقول بأن البنتاغون الامريكي بالتفاهم مع فريق الأمير مقرن في السعودية يخوضان حرب إفشال مشروع كيري و حمد و بندر و سعود واوغلو ؟
- المنطقي هو أن التغيير الذي شهدته مصر كان تغييرا مصريا وطنيا إستفاد من التشققات التي عشعشعت في صفوف حلف الغرب والخليج بضوء التعثر في سوريا و تراجع مكانة مشروع الأخوان والشعور بأن التموضع مع زمن التسويات يقترب لكن الأكيد ان التموضع يستدعي نهاية تفاوض مع روسيا لا يزال في ذروته ولا تتناسب مصالح واشنطن والرياض مع تسريح الأحصنة من السباق قبل خط النهايه
- الأقرب للعقل اننا أمام تموضع ملاقاة أميركية سعودية طرفها البنتاغون وجماعة مقرن لإستحقاق تغيير مفاجئ بتوقيته مصريا ولو كان مقبولا في سياقه العام وهذا التأقلم أقرب لمعادلة الحد من الخسائر وليس تحقيق الأرباح ولو جرى الأمر في مطلع العام المقبل ربما لكانت الرواية أكثر قابلية للتصديق بتزامنها مع نهاية التفاوض وبدء ترتيب هياكل المشهد الجديد
- طوفان مصر كطوفان النيل فيها لا تتحدد مواعيده على ساعات توقيت الغير ولا ينبئ أحدا مسبقا بمواعيده