نظام المتابعه والتعقب بواسطه الاقمار الصناعيه
يعود إلى العام 1978 حينما أطلقت وزارة الدفاع الأمريكية القمر الصناعي
نافستار Navstar الأول، وعلى الرغم من أن المصممين توقعوا ظهور تطبيقات
مدنية وتجارية له، فقد كان هدفهم الأساسي حينذاك هو منح نحو 40 ألف عسكري
القدرة على الملاحة براً وبحراً وجواً بدقة عالية، وبدأ المدنيون
بالاستفادة من ذلك النظام في ثمانينات القرن العشرين، ومع ارتفاع عدد
الأقمار الصناعية في النظام GPS في المدار إلى 24 قمراً في بداية تسعينات
القرن الماضي، وهو العدد الأدنى المطلوب للخدمة المتواصلة، تضاعفت بسرعة
استخدامات السوق للنظام GPS وذلك بشكل كبير.
أما في الوقت الحالي
فإنه بإمكان نحو 30 مليون مستخدم أن يحددوا بانتظام مواقعهم باستخدام
النظام GPS· فوحدات الاستقبال تساعد على إرشاد المركبات البرية والبواخر
والقوارب، إضافة إلى إدارة إعداد السيارات المستأجرة والحافلات،
والتطبيقات الخاصة بالراحة والسياحة·
ويشحن الباعة في أمريكا
شهرياً ما يزيد على 200 ألف جهاز استقبال مدني، وقد بلغت قيمة مبيعاتها في
العالم عام 2003 نحو 3.5 بليون دولار، ويمكن أن تنمو سنوياً لتبلغ 10
بلايين دولار عام 2010، وذلك وفق استبيان حديث أجرته إحدى شركات الأبحاث·
ولا تشتمل تلك الأرقام على عوائد من صناعة الأقمار وإطلاقها، ومن قطاع
التحكم فيها، أو من المشروعات المرتبطة بالنظام GPS كإدارة مجموعة شحنه،
وتشير الدراسة إلى أن المستهلكين يمثلون ما يربو قليلاً على نصف مبيعات
الأجهزة، ويمثل العملاء التجاريون 40%، بينما تمثل القوات المسلحة النسبة
الباقية (8%)·
ومن المعروف أن أقمار النظام GPS >نافستار<
ليست الوحيدة في المدار، فأقمار الملاحة الروسية >جلوناس< تساهم في
ذلك بهدف الاستفادة وتحقيق المطلوب، وخلال بضعة أعوام سيتواجد هناك النظام
الأوروبي >جاليليو<·
لقد وضع الروس الأقمار >جلوناس<
أثناء الحرب الباردة بهدف منافسة الجيش الأمريكي، لكن الأقمار جلوناس خرجت
مؤخراً من الخدمة لأن مشغليها لا يمكنهم تحمل تكاليف استبدالها، أما
منظومة المجموعة الأوروبية فيفترض أن تدخل الخدمة سنة 2010
ويبدو
أن عامل الجذب يتمثل في الازدهار المؤمل لسوق المستهلكين النهائيين الذي
لن ينمو إلا مع إضافة مستقبلات GPS إلى السيارات والهواتف الخلوية
>النقالة<· وكل من الأوروبيين والروس يسعون وراء نظم ملاحة فضائية
خاصة بهم بهدف نيل حصتهم من السوق، ومؤخراً وقّع فريق إدارة النظام GPS
وأقمار >جاليليو< اتفاقيات حول كيفية تأثر النظامين·
عمل نظام GPSGPS نظام ملاحي يغطي العالم بالاعتماد على الإشارات الراديوية، ويتكون من 24 قمراً صناعياً والمحطات الأرضية المقترنة بها·
وباستخدام
طريقة مشتقة من طريقة ثلاثي الأضلاع العادية لتحديد الموقع، يحسب النظام
GPS إحداثيات الموقع الأرضي وذلك بقياس المسافة إلى 4 أقمار على الأقل·
وهناك عوامل عديدة تجتمع بهدف تحديد الموقع بدقة·
ويمكن إيجاز ذلك
بافتراض أن مستقبل النظام GPS يقيس المسافة إلى أحد الأقمار فيجدها 22000
كم· عندئذ على المستقبل أن يكون على سطح كرة متمركزة في القمر نصف قطرها
22000 كم، افترض أيضاً أن المستقبل يقدر المسافة إلى قمرين آخرين بـ 22000
كم و24000 كم تباعاً، لذلك يجب أن يكون موقع المستقبل عند تقاطع الكرات
الثلاث تلك، لكن الهندسة تنص على أن 3 كرات لا يمكن أن تتقاطع معاً في
أكثر من موقعين، وواحد منهما فقط سوف يكون قريباً من الأرض قرباً كافياً
ليحدد موقع المستقبل·
ويتطلب قياس المسافة إلى قمر ما توقيت الفترة
التي تستغرقها إشارة القمر للوصول إلى المستقبل، فحاصل ضرب السرعة في زمن
الانتشار يعادل المسافة المقطوعة، وتنتشر إشارات الراديو بسرعة الضوء، أي
بسرعة نحو 300000 كم/ث، ولعل المشكلة تكمن في قياس زمن الانتشار، وشفرة
الضجيج شبه العشوائي (PRN)، وهي سلسلة معقدة من المعلومات الرقمية، تساعد
على إنجاز تلك المهمة، وكل شفرة تخص قمراً محدداً، وذلك يضمن أن الإشارة
لا تؤثر على المستقبل·
فحينما يحدد مستقبل النظام GPS موقعه على
سطح كوكب الأرض، تطبق طريقة القياس ثلاثي الأضلاع Trilateration التي
تتطلب استخدام قياس بعده الدقيق عن 4 أقمار في النظام GPS على الأقل بفضل
إشارات قياس المسافة التي تبث من الأعلى، إن ما يحدث في الأساس هو استخدام
الإشارات الراديوية المشفرة بشكل خاص كمقياس خفي لحساب المسافة من الأقمار
إلى المستقبل·
وتعادل دقة المستقبل العادي المحمول باليد ما بين 5
و10 أمتار من موقعه الفعلي· وبإمكان وحدة النظام GPS العسكرية الأغلى
ثمناً أن تحدد الموقع ضمن 5 أمتار، أما الرصد المزدوج >المتتابع<
Tandem، باستخدام مستقبل يتلقى تصحيحات لأخطائه من جهاز استقبال ثابت قريب
إحداثياته معلومة، فيمكنه بلوغ دقة تعادل نحو 0.5 متر· ويطلق على هذه
العمليات المتتابعة اسم النظام GPS التفاضلي Differential·
سيل من المعلوماتلكي يمكن إدراك التطور الحالي للنظام GPS، فإن من الأفضل في البداية معرفة طريقة عمله الحالية·
يبث
قمر النظام GPS الواحد إشارات قدرتها 500 واط، وتعادل تلك قدرة 5 مصابيح
كهربائية متوهجة، وبعد قطع مسافة 20000 كم في الفضاء، تبلغ إشارات قياس
المسافة الراديوية سطح الأرض بقدرة ذات كثافة ضئيلة جداً، وللمقارنة فإن
قدرة إشارة التلفاز التي يستقبلها جهاز منزلي تفوق ذلك ببليون مرة·
وأقمار
النظام GPS نوعان من المعلومات: الأول، وهو رسالة الملاحة، ويتشكل من
>بتات< Bits بيانات تعرف الموقع المداري للقمر والزمن الذي تم فيه
الإرسال، ويجري إعداد تلك الإحداثيات المكانية والزمانية في قطاع التحكم
الأرضي في GPS الذي يستخدم شبكة من مستقبلات GPS في نقاط مرجعية معلومة
لحساب تلك الإحداثيات، وترسل تلك المعلومات إلى القمر حيث تُضمَّن في
رسالة الملاحة بهدف بثها بعدئذٍ إلى سائر المستخدمين·
أما النوع الثاني
من المعلومات التي تبثها الأقمار فهي مجموعة من شفرات قياس المسافة، أي
تسلسل له شكل مميز من النبضات الرقمية، ولا تتضمن تلك الإرسالات معلومات
بالمعنى التقليدي، فالشفرات في الواقع مصممة لمساعدة المستقبل على حساب
زمن بلوغ الإشارة القادمة، وهي مفتاح لتحديد الموقع بدقة، ويؤكد المهندسون
الطبيعة المتميزة لإشارات قياس المسافة هذه بقولهم أن ما يسمى بشفرات
الضجيج شبه العشوائي (PRN) مكونة من سلسلة من الإشارات الرقمية Chips
عوضاً عن >البتات<·
تطبيقات النظاميطبق
النظام GPS إجراءً مماثلاً حينما يرصد المستقبل شفرة ضجيج شبه عشوائي
يبثها قمر، فعند مطابقة تسلسل شفرة حساب المسافة القادم مع نسخة من تسلسل
شفرة الضجيج شبه العشوائي المميز الخاص بذلك القمر والمختزن في المستقبل
ويمكن للمستقبل حساب التأخير في زمن بلوغ إشارة قياس المسافة الراديوية
الخاصة بذلك القمر، يضرب المستقبل آنذاك زمن التأخير في سرعة الضوء،
لمعرفة المسافة إلى القمر المعني·
وعلى هذا النمط، تحسب المستقبلات
المدى باستخدام مسطرة افتراضية يمدها كل قمر إلى الأرض· وتعطي الشفرات
علامات مميزة Tick Marks على المسطرة الراديوية، في حين أن الرسالة
الملاحية تصف موقع القمر الذي يماثل نقطة نهاية المسطرة·
ولو كان من
الممكن تضمين وحدة النظام GPS ساعة توقيت دقيقة، لأتاحت 3 من قياسات المدى
للمستقبل تعيين موقعه الثلاثي الأبعاد، من خلال خط العرض وخط الطول
والارتفاع· ومن خلال الساعات الدقيقة يمكن لقياس واحد أن يثبت المستقبل
على كرة يحددها نصف قطرها من القمر، وتوضع قراءتان للنظام GPS المستخدم في
نقطة تقاطع كرتين متماثلتين، وتثبت القياسات الثلاثة المستخدمة في نقطة
(أحادية) مميزة تتحدد بالكرات الثلاث، وبذلك فإن على المستقبل حل 3
معادلات بثلاثة مجاهيل، وهي خط الطول وخط العرض والارتفاع·
ونظراً
لعدم توفر ساعات دقيقة تماما، فإن على المستقبل استنتاج الحل من مجهول
رابع، وهو >الحيد< offset بين ساعة المستقبل الداخلية الزهيدة الثمن
والزمن الذي تدل عليه شبكة النظام GPS، ويتم التحكم في الزمن الذي يشير
إليه النظام GPS بدقة واحد من البليون من الثانية بواسطة ساعات ذرية، لكن
ساعة المستقبل يمكن أن تكون عرضة لخطأ لنحو ثانية أو أكثر في اليوم
الواحد، ويمكن تحويل الخطأ في الزمن إلى خطأ في المسافة بالضرب بسرعة
الضوء (300000 كم/ث)· ويضيف ذلك >الحيد< مقدارا غير معلوم إلى
المسافة المقاسة إلى كل قمر، وذلك ما يعلل سبب تسمية قياسات المسافة
بقياسات شبه المدى pseudo Range· ومن المعلوم أن >حيد الزمن< هو
ذاته فيما يتعلق بجميع الأقمار، وبالتالي يمكن قراءة قمر رابع للمستقبل
بحل 4 معادلات للمجاهيل الأربعة وهي خط الطول وخط العرض والارتفاع والزمن·
ولأن
المستخدمين المرتحلين يغيرون مواقعهم بسرعة، فإن مستقبلات النظام GPS
الحالية ترصد >حيود دوبلر< في الإشارات القادمة أيضاً، أي حيود
أطوال موجات الإشارة الناتجة عن الحركة· فإذا كان المستخدم يتحرك مبتعداً
عن القمر، فإن طول الموجة يبدو أكبر، أما إذا تحرك باتجاه القمر، فتصبح
الموجة القادمة أقصر، إن رصد حيود الموجة يتيح لتلك الأجهزة حساب سرعة
المستخدم مباشرة وبدقة فائقة، وتحقق مستقبلات النظام GPS مهمة تحديد
الموقع الأرضي المعقدة دون إرسال أي إشارات· ومع ذلك، فإن المستقبلات
المقرر تركيبها مستقبلاً في الهواتف النقالة سوف تكون رخيصة جداً، وفي
متناول الجميع
نطاق التردد L1 و L2تبث
المرسلات المحمولة على أقمار النظام GPS معلوماتها على موجات الترددات
الراديوية المعتادة، ويمثل حامل التردد الراديوي موجة جيبية عادية، وتردده
هو عدد الدورات Cycles (كل قمة وقعر) في الثانية· وتستخدم تقانة النظام
GPS الحالية نطاقين ترددين، L1،L2، يقعان في جزء الموجات الدقيقة من الطيف
الراديوي·
ويعد النطاق L1 عادة إشارة مدنية، على الرغم من أن القوات
العسكرية تستخدمه أيضاً، فهو متوفر لكل شخص، وهو يغطي معظم التطبيقات
المدنية الحالية· أما النطاق L2، فيخدم القوات العسكرية بشكل رئيسي، ولا
مانع من استخدام إشارة L2 للعامة، لكن من دون كشف شفرات الضجيج شبه
العشوائي العسكرية (PRN)·
وتجعل فجوة المعرفة تلك التطبيقات
المدنية في النطاق L2 ضعيفة، فالمستقبلات المدنية، على سبيل المثال، تجد
صعوبة في استخدام إشارة L2 من الأقمار العاملة في مدارات منخفضة أو تلك
المحجوبة حتى بعوائق بسيطة مثل الأشجار، كما أن مستقبلات النطاق L2 باهظة
الثمن، لأنها تتطلب تقنيات معالجة إشارة خاصة حتى يمكن الدخول إلى إشارة
النطاق L2 دون معرفة شفرات الضجيج شبه العشوائي (PRN)·
ولهذه
العوامل تستخدم معظم الوحدات المدنية إشارة النطاق L1، ولذلك تحصل عادة
على دقة تراوح مابين 5 و 10 أمتار وذلك مجال خطأ تحدثه بشكل أساسي
الجسيمات المشحونة في الغلاف الجوي الأيوني للأرض الذي يمتد من ارتفاع 70
كم عن سطح الأرض حتى 1300 كم أو يزيد، إن تلك الطبقة المشحونة كهربائياً
تعيق انتشار الموجات الراديوية من أقمار النظام GPS· وبحسب الظروف، يمكن
لهذه الطبقة تأخير بلوغ الإشارة من 1م حتى 10م أو يزيد· لتصحيح ذلك الخطأ،
يلجأ بعض المستخدمين إلى النظام التفاضلي (D-GPS)· وتتضمن هذه التقنية
مستقبلي النظام GPS، وهو وحدة جوالة ووحدة مرجعية تثبت في موقع معلوم،
وتعمل الوحدة المرجعية على إرسال التباين بين قياساتها والمسافات المحسوبة
إلى المستقبل المتحرك الذي يستخدم تلك المعلومات لتعديل موقعه·
ويعمل
النظام GPS التفاضلي بشكل جيد حينما يكون المستقبل المتحرك قريباً من
المستقبل المرجعي، فعلى مسافات تقل عن 100كم، تنعدم الأخطاء التي يحدثها
الغلاف الأيوني تماماً تقريباً لأن الحزمة الراديوية من القمر إلى
المستقبل المرجعي تعبر العوائق الجوية ذاتها التي تعبرها الإشارة من القمر
إلى المستقبل المتنقل·
إشارات نافذةفي
السنوات الأخيرة، فاق عدد مستخدمي النظام GPS المدنيين بكثير عدد
المستخدمين العسكريين، لأن الإشارة المدنية متاحة مجاناً لأي شخص لديه
مستقبل النظام GPS· لكن نظراً لكون القوات المسلحة الأمريكية وحلفائها
يعتمدون على النظام GPS من أجل الملاحة وتوجيه الأسلحة، يأخذ الاستخدام
العسكري الأفضلية عند وجود تهديد بصراعات حربية·
ففي المناطق التي
تحدث فيها عمليات حربية تستطيع الولايات المتحدة التشويش على النظام GPS
المحلية ببث إشارات راديوية شديدة ذات ترددات، تؤدي إلى إغراق إشارات
النظام GPS الضعيفة، لكن الاستخدام العسكري المحظور على المدنيين يستمر
لأن إرسالات الإشارة العسكرية بعيدة عن مراكز النطق المدنية بعداً يكفي
لعدم تأثرها·
وفي هذه الظروف يصبح أي استخدام معادِ للإشارة
العسكرية غير ممكن لأن الشفرات العسكرية سرية، أما التشويش المعادي على
إشارات النظام GPS العسكرية فهو على الأرجح قصير الأمد على اعتبار أن
القوات المسلحة المتحالفة بمقدورها بسرعة كشف تلك النظم وتدميرها، كما بدا
ذلك جلياً مؤخراً في الحرب في العراق· أما الاستخدام المدني للنظام GPS
خارج منطقة الصراع فيستمر لأن أي إشارة تشويش تفقد استطاعتها بعيداً عن
مرسلات التشويش·
وفي تطوير جديد ستقوم أقمار النظام GPS ببث إشارات
جديدة، وذلك سيسهم في تحسين جودة الخدمات ويساعد على رفع درجة ضبط دقتها
في تحديد الموقع، وذلك بإلغاء الأخطاء التي يحدثها الغلاف الأيوني مع
إضافة إشارتين عسكريتين إلى النطاقين L1 و L2، وإشارة مدنية أخرى إلى
النطاق L2، أما الإشارات الحالية فستستمر في العمل لضمان استمرار عمل
المستقبلات الموجودة حالياً بشكل جيد ومع حلول عام 2008 تقريباً، سوف تبدأ
مجموعة أخرى من أقمار النظام GPS المحسنة ببث مزيد من الإشارات المدنية في
نطاق ترددي ثالث يسمى النطاق L5 (النطاقان L3 و L4 يحملان معلومات عسكرية
غير ملاحية)· وستفوق إشارات النطاق L5 الجديدة بنحو 4 مرات الإشارات
الحالية·