اولا يجب ان ندرك بعض الحقائق وهي انه ليس كل شيئ في العالم مصنوع ومفتعل ومخطط له باعلى دقة فرغم تطور علوم الامن والمخابرات والتخطيط والدراسات الاستشرافية تبقى غير كافية للتنبؤ الدقيق بما ستؤول اليه الامور وبالتالي لا يمكن اتخاذ الاجرائات الاستباقية الصحيحة تماما من اجل حرف قضية معينة الى السكة التي يريدونها تماما
الثورات العربية باختصار اندلعت في تونس وفوجئت بها مختلف اجهزة الامن والاستخبارات الغربية والعربية والشرقية وبدا الجميع يفكر في ماذا لو حصل امر مماثل لحليف مهم لنا او لنا ولم يسعفهم الانتظار لان الشعب المصري ثار على طاغيته العميل لكن بعد هذه الصفعة الثانية بداؤو في تدارك الموقف وتعلم كيفية استغلال الثورات لصالحهم وفي اطار الصراع العالمي حول الطاقة والنفوذ والقوة وبالطبع من يقود تلك اللعبة هو القوى العالمية الكبرى في صراع جديد يشبه الحرب الباردة والحروب بالوكالة واللوم ليس على اجهزة الاستخبارات العالمية ولا على الشعوب العربية المقهورة بل هو على الحكام الدكتاتوريين
فاللعبة اذن صارت بكل بساطة هي ان كل او جل الدول العربية (باستثناء الدول النفطية الغنية ) تتوفر على عوامل اشتعال ثورات شعبية فالسعي اذن على اشتعالها في دول ذات انظمة لا تروقهم والسعي على اطفاء فتيلها في الدول التي لديها انظمة تروقهم
تظهر بوادر تكيف اجهزة الاستخبارات مع الثورات في ما جرى في مصر من ثورة مضادة وارجاع الاوضاع الى ما يشبه قبل اندلاع ثورة 25 يناير كيف لا وقد تم عزل رئيس منتخب بشرعية الصندوق وتعيين رئيس اخر مكانه تعيينا لا انتخابا
في سوريا نفس اللعبة مع بعض المتغيرات الشعب السوري ثار على الطاغية الاسد بعد ترسبات وتراكمات عقود من القمع والاذلال والوحشية والتسلط والطائفية فنشب الصراع بين الشرق والغرب فالروس والصينيون والايرانيون يريدون بقاء دميتهم بشار في السلطة بينما يريد الامريكيون والاوروبيون يريدون ازاحته ووصول نظام لين معهم الى الحكم وذلك من اجل تمكن قطر من تمرير انابيب الغاز عبر الاراضي السورية الى اوروبا وتصديره بسعر رخيص وهذا يتخلى الغرب عن الغاز الروسي ويضرب الاقتصاد الروسي بشدة .. ولكن ما خلط الاوراق في سوريا هو انتهاج الثورة السورية طابعا اسلاميا مما يهدد بشكل مباشر امن اسرائيل ولهذا نرى الترنح الغربي والامريكي في دعم الثورة السورية عسى يجدون البديل وتصفية حلم الخلافة وابعاد الاسلاميين من الحكم او ترك سوريا تغرق في حرب اهلية الى مالانهاية حتى تدمر تماما
اما الدول والدويلات العربية فهي تؤدي الادوار التي تؤديها اقتناعا منها انه لكي لا تكون خروفا يجب عليك ان تكون ذئبا بمعنى خوفا على انفسهم وسعيا لارضاء سادتهم