Agent047 مقـــدم
عدد المساهمات : 1059 نقاط : 1269 سمعة العضو : 89 تاريخ الميلاد : 19/12/1992 التسجيل : 18/07/2009 العمر : 31 الموقع : الجزائر نتاعي
| موضوع: سورية: كتاب مدرسي لتعليم الدبلوماسيين، يكتب الآن الجمعة أغسطس 23, 2013 12:40 pm | |
| قبل البداية أشير أن منقول من أحد الصحف الروسية لأحد الصحافيين الروسيين.
ثمة مبدأ بسيط: إذا كنت تريد السلم - هيىء نفسك للحرب. وهذا ماحدث. ففي الوقت الذي بدأت فيه التحضيرات لطاولة مستديرة تجلس إليها جميع الأطراف المعنية،
من أجل البحث عن سبيل للخروج من الأزمة السورية، لعلع الرصاص، وراحوا يلوحون بالسلاح من كل حدب وصوب.
قرر الإتحاد الأوربي رفع الحظر المفروض على تصدير السلاح إلى سورية( بما فيه للمتمردين )، علما بأن فرنسا وإنكلترا هما من كان وراء اتخاذ هذا القرار، وأن بقية الدول الأوربية كانت قد عبّرت بأشكال مختلفة عن عدم قناعتها بجدوى الغرق في حرب أهلية في سورية.
هناك مغزى سياسي من وراء الإعلانات السابقة عن الاستعداد لمساعدة المعارضة، وكذلك وراء القرار الأخير الذي يرفع الحظر عن تصدير السلاح إلى سورية.
ذلك يعني أن احتمال اللجوء إلى الحل العسكري مازال قائماً، وبعبارة أخرى: لن يكون هناك اتفاق، إنّما الإصرار على القتال حتى النصر.
وبهذا المنطق، تتعامل روسيا مع الأزمة. فهي لا تنفي ولا تؤكد تزويد دمشق بنظام الدفاع الجوي الصاروخي S-300، وبأسلحة متطورة أخرى.
على أرض الواقع، يمكن أن تأتي النتائج على عكس التوقعات. فحالياً، يتكون انطباع يوحي بأن الطرفين المتصارعين قد توصلا إلى استنتاجات مشتركة من اللعبة الدبلوماسية
التي تقوم بها الدول الكبرى. كل من الطرفين متأكد من أن الدول الداعمة له لن تتركه، ولن تتخلى عنه مهما حصل. وهذا يعني مزيداً من تمسك كل من الطرفين بمواقفه.
لقد تكونت لدى بشار الأسد وعند معارضيه قناعة تامة بأنه ليس باستطاعة من يساندهم في الخارج- في روسيا والغرب على السواء- التخلي عن دعم فريقه، دون أن تطال
هيبته وسمعته خسارة فادحة. ومن الواضح أن معالجة المسألة السورية بالنسبة لموسكو وواشنطن باتت مسألة مبدأ. فروسيا تدافع عن الحكام العلمانيين ( بصرف النظر عن لاديمقراطيتهم)،
كما تدافع عن مبدأ عدم التدخل الخارجي في شؤون الدول. أما الغرب فيتخبط في أيديولوجياته. فمن جهة، هناك" شعب انتفض " و"حاكم جائر "،
ومن جهة ثانية، هناك رغبة في استخدام تكتيك مجرب تم اعتماده من قبل في حل الأزمات المحلية. التكتيك المعني، تبلور بعد " الحرب الباردة "
وفحواه: نقف في الجانب " الصحيح " من الصراع، ونقوم بمساعدته للوصول إلى السلطة، وفي هذه الحالة يصبح التخلي عن مساندة "الشريك"،
طعناً بقيمنا الديمقراطية وليس مجرد توزيع البيض على السلال.
كل مؤتمرات السلام التي عقدت في الماضي، بما فيها مؤتمر يالطا وبوتسدام، قامت بعمل واحد هو تقسيم العالم. وكان آخر تلك المؤتمرات مكرساً من أجل حل أزمة البلقان.
تم في المؤتمر الأول التوقيع على اتفاق دايتون للبوسنةعام 1995. ثم عقد مؤتمر لحل أزمة كوسوفو عام 1999 . تجربتان من المفيد التذكير بهما،
لأنهما ترسمان إثنين من السيناريوهات المحتملة جداً للأزمة في سورية.
الأول، سيناريو دايتون- وهو سيناريو إيجابي عموماً، حيث أجبر اللاعبون الخارجيون الطرفين المتقاتلين على الجلوس إلى طاولة المفاوضات والإتفاق على حل الدولتين.
وهذا ما يراه المتفائلون الذين يثقون بإمكانية نجاح "مؤتمر جنيف-2" لمناقشة المسألة السورية.
أما المتشائمون فعليهم أن يعودوا إلى بداية فبراير/شباط من عام 1999. حينها، نجحت الجهود الدبلوماسية الكبيرة في تنظيم مؤتمر سلام لحل النزاع في كوسوفو،
لكنه لم يتوج بالنجاح. فالعنف المتبادل كان قد بلغ أشده.
لايمكن تطبيق هذا الأمر حرفياً، في المسألة السورية. فللأزمة السورية خصوصياتها الكثيرة، ومنها سيناريو انتشارها السريع إلى الجوار، في حال عدم التوصل إلى اتفاق في " جنيف-2".
وهذا أمر يمكن أن يحدث بالفعل. وهناك فرق جوهري آخر يميز الحالة السورية عن كل ما سبقها. فعندما كانت الدول الكبرى تقوم بإطلاق عملية سلام أو التدخل في صراعات محلية،
كانت تسعى إلى تحقيق مصالح محددة، وكانت لديها فكرة واضحة عن المكاسب التي ستحققها، فماذا عن سورية؟
لقد تمكنت دول أوروبا الغربية، بمساعدة قوية من قبل الولايات المتحدة الأمريكية، من إعادة رسم الخارطة الأوربية وفقاً للتصورات التي سادت في " فترة الحرب الباردة ".
أما في سورية، إذا وضعنا جانباً مسألة الهيبة والسمعة المشار إليها أعلاه، فلن نتمكن من فهم حقيقة المصالح الأمريكية والأوربية والروسية في عملية السلام هناك.
إن التفكير بتوسيع مجال السيطرة في الشرق الأدنى الحالي فكرة طوباوية. فكل القوى الخارجية تحاول بحمية شديدة القيام بردود أفعال صحيحة على الأحداث الجارية،
وتحاول جاهدة التكيف مع واقع أن الأحداث تجري والأمور تتغير رغماً عن إرادتها ورغباتها، وليس هناك أي استراتيجية للفعل. والجدير ذكره أن دول الجوار التي أعلنت عن مصالحها في سورية،
بدءاً من إيران إلى المملكة السعودية وقطر، لا تزال صامتة بخصوص مؤتمر جنيف-2، ولا تُسمع تصريحات منها بشأنه، مع أن اتفاق الأطراف المتقاتلة على الأرض السورية،
لا يمكن أن يتم من دون التنسيق مع هذه الدول الفاعلة في الأزمة.
منذ زمن ليس بعيد، كانت لعبة الأمم الكبرى تتشابك مع مؤامرات اللاعبين المحليين، وكانت لتلك الدول الريادة والقرار، أما اليوم فقد تغيرت الصورة،
وأصبح للعمليات(على الأرض) منطقها الخاص. هنا، يتم تبادل الأدوار باستمرار.
إن ما يجري في سورية اليوم سيشكّل في المستقبل نبعا لا ينضب، يمكن للمؤرخين أن ينهلوا منه. أما اليوم، فهو بالنسبة للدبلوماسيين مسألة شبه مستحيلة الحل.
المقال منقول كاملا يعبر عن وجهة نظر واستقراء للتّاريخ و اسقاط على الواقع المصدر |
|