توفي، أمس، عن عمر ناهز 102 سنة، الجنرال الفيتنامي، فو نغوين جياب، بطل استقلال فيتنام، الذي هزم بخططه العسكرية جيشي فرنسا والولايات المتحدة، في أحد المستشفيات العسكرية في العاصمة الفيتنامية هانوي، التي قضى بها عدة سنوات، وهذا إثر تدهور حالته الصحية.
اشتهر جياب برسم خطط حروب الكر والفر، والعمليات الفدائية التي مكنته من هزم قوات تفوقه عددا وعدة. فبعد أن وقع بدهائه العسكري موقعة ”ديان بيان فو” وأخرج فرنسا من فيتنام، تجر أذيال الهزيمة عام 1953، نجح في هزم القوات الأمريكية وحلفائها في فيتنام الجنوبية عام 1975، وأعاد توحيد شطري فيتنام بعد انقسام البلاد في وقت سابق. وقد سجل الجنرال المحنك في الحروب عديد مواقف الإعجاب تجاه الثورة الجزائرية، من أبرزها زيارته الأولى إلى الجزائر في 8 جانفي 1976 والتي تحدث عنها الرئيس الجزائري الراحل الشاذلي بن جديد في مذكراته بعنوان: ”لقائي مع الجنرال جياب”، يقول عنه الرئيس الشاذلي: ”وزار جياب الجزائر مرة ثانية. واستقبلته كرئيس للجمهورية. لم يتغيّر، بخفة روحه وابتسامته المنشرحة”. وأبدى الجنرال جياب إعجابا كبيرا بذكاء المجاهدين الجزائريين أثناء الثورة التحريرية، وقوتهم في إضعاف خطط الاستعمار الفرنسي، كما أورد المجاهد السعيد بوعزيز في إحدى شهاداته التاريخية، أن الجنرال جياب علق على إحدى العمليات قائلا: ‘’إنها المرة الأولى التي ينقل فيها المُستَعْمَر الحرب إلى تراب المُسْتَعْمِر”. وتتوازى بطولات جياب في مكانة التاريخ الإنساني بنضال تشي غيفارا وغيره، مواقف مدونة في عديد الكتب التي ألفها جياب، من أبرزها كتاب ”حربنا الشعبية انتصرت على حرب الإبادة الأمريكية” المترجم للعربية عند دار الطليعة اللبنانية في سبعينيات القرن الماضي، كما اشتهر جياب بمقولة خالدة ضد الاستعمار مفادها: ”الاستعمار تلميذ غبي لا يفهم إلا بتكرار الدروس”، وكان يقصد الاستعمار الفرنسي. يذكر أن الجنرال جياب ولد في 15 أوت 1911، وقد تولى بعد ذلك منصب وزير الدفاع في بلاده، وانضم إلى الحزب الشيوعي عام 1934؛ وشارك في تأسيس ”الجبهة الديمقراطية” في عام 1941، وانضم جياب إلى الزعيم الفيتنامي هوشي منه، ووطنيين آخرين، وشكلوا ”جبهة الفيت منه”، ثم عاد إلى فيتنام عام 1944 ليقاوم الاحتلال الفرنسي.