استعرضنا في المقال الماضي الذي نشر في عدد أمس أغرب الأحكام القضائية التي صدرت في أمريكا خلال عام 2006م، والتي حازت على المركز الخامس في استفتاء على عينة ممن يمثلون الرأي العام الأمريكي، وكان عدد القضايا التي حازت على ذلك المركز ثلاث قضايا،
وفي لقاء اليوم نستعرض بقية القضايا التي حازت على المراكز من الرابع إلى الأول تنازلياً.
المركز الرابع: حصل المدعو (جيري ويليامز) بناء على حكم قضائي على تعويض مالي مقداره أربعة عشر ألف وخمسمائة دولار، بالإضافة إلى تكاليف علاجه بعد أن تسلل إلى داخل حديقة منزل أحد جيرانه فهاجمه كلب جاره وعض مؤخرته، مع العلم أن ذلك الكلب كان مربوطاً بسلسلة في داخل سور الحديقة.
وكان ويليامز قد طالب في دعواه التي رفعها ضد جاره بالحصول على تعويض مقداره خمسين ألف دولار، إلا أن المحكمة خفضت ذلك المبلغ، وقالت في حيثيات حكمها أنها وضعت في الاعتبار أن ويليامز ربما يكون قد استفز الكلب عند قفزه إلى داخل الحديقة من فوق السور كما أنه أطلق النار على الكلب من بندقية صيد إلا أنه لم يصبه!!!، إن إطلاق النار من بندقية صيد أكثر من عملية استفزاز للكلب، والقضية الأساس هي انتهاك حرمة بيت الجار، ودخوله إليه لسبب غير معروف وغير مشروع!!
المركز الثالث: كان هذا المركز من نصيب (آمبر كارسون) بعد أن حصلت على تعويض مالي مقداره أكثر من مائة وثلاثة عشر ألف دولار من أحد المطاعم في مدينة فيلادلفيا، وذلك بعد أن تزحلقت وسقطت على أرضية المطعم التي كانت مبللة بمشروب غازي كان قد انسكب عليها للتو، وأصيبت (كارسون) بكسر في أسفل الظهر جراء ذلك الحادث، إلا أن العجب والدهشة والغرابة تظهر عندما نعلم أن (السبب) الذي أدى إلى بلل أرضية المطعم بالمشروب الغازي، فقبل الحادث بنصف دقيقة، نشبت مشادة بين كارسون وصديقها فما كان منها إلا أن قذفت المشروب الغازي في وجهه فتناثر الشراب على الأرضية ثم حدث ما حدث، ولا يسع المتابع إلا أن يقول هكذا العدالة وإلا فلا، ولا أدري بماذا كانت ستحكم المحكمة لذلك الصديق الذي تلقى وجهه المشروب الغازي من تلك اليد الناعمة الحسناء.
المركز الثاني: كان من نصيب (كارا وولتون)، من ولاية ديلاوير، التي رفعت دعوى قضائية ضد ملهى ليلي بعد أن سقطت وكسرت اثنتين من أسنانها الأمامية في أثناء محاولتها الخروج عبر إحدى نوافذ حمامات الملهى، وعلى الرغم من أنها كانت تحاول أن تهرب عبر النافذة، كي تتهرب من دفع الحساب المستحق عليها للملهى، فإن المحكمة التي نظرت دعواها حكمت على الملهى الليلي بدفع اثني عشر ألف دولار تعويضاً على الأضرار التي تعرضت لها، بالإضافة إلى دفع تكاليف معالجة أسنانها!!
المركز الأول: فازت بالمركز الأول قضية (ميرف غرازينسكي) التي تعيش في ولاية أوكلاهوما، فقد استحقت المركز الأول عن جدارة واستحقاق بعد أن اشترت منزلا متنقلا يبلغ طوله نحو عشرة أمتار وانطلقت به على إحدى الطرق السريعة حيث ضبطت جهاز التحكم في السرعة على 115 كيلومترا في الساعة، ثم غادرت مقصورة القيادة وتوجهت إلى المطبخ في المؤخرة، كي تصنع لنفسها وجبة خفيفة، وبطبيعة الحال فقد انحرفت العربة تدريجياً عن الطريق وارتطمت بحاجز إسمنتي لتنقلب رأساً على عقب، ونجت (غرازينسكي) من ذلك الحادث، ونجا من كان يسير في الطريق بسيارته، ولكن السيدة رفعت دعوى قضائية ضد الشركة المصنعة للمنزل، متهمة الشركة بأنها ارتكبت إهمالاً جسيماً لأنها (لم تشرح بوضوح في كتيب التشغيل إلى أنه لا يجوز للمستخدم أن يغادر مقعد القيادة تاركاً مهمة توجيه المركبة لجهاز التحكم الآلي)!! إنه منطق عبقري ومقنع بلا شك!!!. وبعد نظر تلك الدعوى، قررت المحكمة أنه يحق للمدعية أن تحصل على تعويض مقداره مليون وسبعمائة وخمسين ألف دولار من تلك الشركة، بالإضافة إلى منزل متنقل جديد عوضاً عن الذي تحطم في الحادث.
ويمكننا أن نضيف إلى ما سبق تلك القضية المشهورة التي رفعتها سيدة أصيبت بالسرطان على إحدى شركات التبغ، وحصلت بموجبها على حكم قضائي يقضي بدفع ما يقارب ثلاثة بلايين دولار لتلك السيدة، وقبله بعدة سنوات تناقلت وسائل الإعلام خبر رفع دعوى على شخص كان يجلس في مقعد خلف إحدى السيدات المعمرات في إحدى دور السينما، وعطس ذلك الرجل، وفي تلك الليلة مرضت السيدة، ونقلت إلى المستشفى وهناك وافاها أجلها، فما كان من أسرتها إلا أن رفعوا قضية ضد ذلك الرجل الذي كان يجلس خلفها، فعطسته كانت سبب وفاة السيدة!!
إنها أحكام غريبة وعجيبة، ولا يصدق أنها تتم في بلد يقود العالم في الصناعة والتطوير العلمي، ويملك أكبر قوة عسكرية في العالم، ولهذا لا نستغرب الحكم المجحف والغريب في قضية حميدان التركي، ولا نستغرب الأحكام المخففة التي صدرت بحق من دمروا أسراً، وقتلوا واغتصبوا، ومارسوا أعمالاً غير إنسانية في كثير من الدول.
وقبل أن أنهي هذا المقال أود أن يفكر كل من يقرؤه في الحكم الذي كان سيصدره لو كان هو القاضي في تلك القضايا، إن جميع من رفعوا تلك الدعاوى يستحقون العقاب، ويستحقون إلزامهم بدفع تعويضات بدلاً من تلقيها..!!
المصدر