تجابه الكثير من المنقبات والمتجلببات جملة من المشاكل والعراقيل نظرا لاضطرارهن في كل مرة لخلع النقاب والكشف عن وجوههن رغم أن ذلك يتنافى مع خصوصية وقدسية الرداء الشرعي الذي يلبسنه، وهو ما يشعل فتيل الفتنة ويفتح الباب للعديد من مشاكل والاحتجاجات عند عتبات ومداخل الإدارات العمومية والهياكل التابعة للدولة والتي تمنع منعا باتا الدخول إليها بالنقاب، ولا يقتصر الأمر على ذلك بل يتعرَّضن أيضا لجملة من المضايقات والاستفزازات حتى أثناء قيادتهن للسيارات.
تستغرب السيدات المنقبات في الجزائر اللواتي التقيناهن، لما أثارته قرارات منع النقاب في الدول الأوروبية وإلزام السيدات اللواتي يرتدينه على خلعه والكشف على وجوههن أو إلزامهن بدفع غرامات مالية، من احتجاجات عارمة في الدول العربية والجزائر بشكل خاص، في الوقت الذي مازلن فيه مجبرات على خلع النقاب والكشف على وجوههن في كل مرة أثناء توقيفهن في الحواجز الأمنية أو أمام الضبطية القضائية.
إلى ذلك، تحكي لنا "سعاد" وهي خريجة كلية العلوم الشرعية بخروبة، عما تعانيه يومياً من مضايقات بسبب نقابها حيث تقول: تخرّجت في المعهد منذ 3 سنوات وفي كل مرة أدق فيها باب إحدى الإدارات العمومية أجده موصدا أمامي فهم يرفضوني بسبب النقاب والجلباب، معتبرين أن هذا الرداء ممنوعاً في تلك الإدارات بل لا يسمحون لي حتى بالدخول فما بالك بالعمل، وعند مطالبتي لهم باستعراض القانون الداخلي الذي يمنعني ومثيلاتي من العمل يكتفون بالصراخ وطردي بعبارات جارحة ووصفي بـ"السلفية" وغيرها، وهو حالُ الآلاف من خرِّيجي كلية العلوم الشرعية ذكورا وإناثا فجميعنا نعاني من مقت المجتمع لنا ورفضهم لنا استنادا على أفكار تقليدية مترسخة لديهم.
في حين أكدت "خديجة" 28 سنة، أن النقاب الذي ترتديه هو جزء من تعاليم ديننا الحنيف ولا يهمُّها ما تتعرض له يوميا من مضايقات في الشارع من المارة والذين يصفونها أحيانا بـ"الخفاش" أو "الشبح"، بينما تقوم بعض النسوة بإطلاق أحكام قيمية عليها من خلال المظهر الخارجي، مضيفة "حتى في الحواجز الأمنية يطالبنا بعض رجال الشرطة بتسليمهم الوثائق ورفع النقاب في موقف محرج من الممكن تفاديه لو تم إسناد الأمر لشرطيات للقيام بهذه المهمة، والأدهى من هذا أنهم في كل مرة ينددون بالقوانين الأوروبية التي تحظر ارتداء النقاب على أراضيها المسيحية، ونحن جزائريات في بلد مسلم محرومات من القيادة بحرِّية بالنقاب أو الدخول لبعض الوزارات والعمل فيها رغم أن أغلبية المنقبات حائزات على شهادات تعليمية عالية وأخلاقهن رفيعة لكن طلبات عملهن تُرفض في كل مرة".
أما "جوهرة" فكانت أكثر مرونة إزاء المسألة واعتبرت إلزامية الكشف عن وجهها في كل مرة تدخل فيها مركز الشرطة أو تقف فيها أمام الهيئات القضائية بـ"الإجراء الروتيني والعادي" ولا ترى فيه أي إشكال أو حرج إن كان الغرض منه فقط التأكد من هويتها وبياناتها الشخصية خاصة إذا كانت من تتولى المهمة من نفس جنسها، أي امرأة مثلها، إلا أن الأمر يفوق المعقول في بعض الأحيان فهناك من يطالبنا بكشف النقاب فقط من أجل رؤية وجوهنا زيادة على التهكمات والنظرات الغريبة التي تلازمنا أثناء سيرنا في الشارع.
وفي السياق ذاته، أوضح الشيخ "جلول قسول" إمام مسجد القدس بحيدرة، أن كشف المرأة المنقبة عن وجهها من الناحية العملية والأمنية حفاظا على مصالح الدولة من بعض النساء المندسّات ومن ينتحلن صفات الغير تفاديا لأذاهن، فالضرورات تبيح المحظورات، فلا حرج من كشفهن وجوههن للحارس أو رجل الأمن في حالة الشك للتأكد والنظر في وجهها والتحقق من بياناتها، ومن أجل الحفاظ على حرمة النساء وسترهن دعا إمام مسجد القدس لتجنيد عدد من السيدات كأعوان أمن ووقاية في مختلف المراكز والإدارات وحتى الحواجز الأمنية ليتولين عملية تفتيش السيدات والتحقق من بياناتهن تفادياً للإحراج، معقبا أنه في حال عدم توافر السيدات فلا حرج من تولي الرجل المهمة مع ضرورة التزامه بالسرية والتحقق من بياناتها فقط وعدم وصفها والتكلم عليها مع الغير.