أفادت رئاسة الجمهورية أن التغييرات ضمن دائرة الاستعلام والأمن تندرج في إطار "هيكل تنظيمي" تم وضعه منذ ربع قرن، ويهدف إلى تعزيز قدرة ونجاعة مصالح الاستعلام الجزائرية وتكييفها مع التحولات السياسية الوطنية.
وتضمن بيان لرئاسة الجمهورية نقلته وكالة الأنباء الجزائرية، الخميس، أن التغييرات جاءت في سياق حركة إصلاحات أمنية وسياسية "واسعة" بوشرت في سنة 2011، برفع حالة الطوارئ وتنفيذ عدة قوانين ذات بعد سياسي، "وهو مسار سيتوج عن قريب بمشروع مراجعة الدستور". وأوضحت أن هذه الإصلاحات شملت أيضا "كلما اقتضى الأمر" المؤسسات المكلفة بالحفاظ على الأمن على غرار عمليات إعادة التنظيم التي بوشرت والتغييرات التي أجريت على مستوى دائرة الاستعلام والأمن "التي ساهمت بتفان في الحفاظ على الدولة وتضطلع بمهام ذات مصلحة وطنية كبرى وتتوفر على موارد بشرية ذات كفاءات عالية".
ويعد هذا البيان الأول من نوعه الذي تقدمه الرئاسة منذ تنحية الفريق محمد مدين المعروف باسم الجنرال توفيق، بخصوص عملية التغييرات التي مست جهاز الأمن، في وقت صاحبت عملية التغييرات التي مست جهاز الأمن والاستخبارات، عديد التحليلات السياسية والإعلامية التي ذهبت في مجملها إلى وجود صراع بين الرئاسة وجهاز الأمن ورغبة أطراف في النظام في تكسير الجهاز وكسر شوكته، فيما ذهب آخرون إلى اعتبار أن التغييرات التي حدثت لم تكن بناء على قرارات داخلية وإنما فرضتها دول كبرى وعلى رأسها كل من فرنسا والولايات المتحدة الأمريكية، بعد أن أصبح هذا الجهاز يثير مخاوفها، وجاءت تحليلات أخرى في صف القائمين بها، مؤكدة أن الجهاز لم يتم إضعافه كونه مازال موجودا وأهم هيئتين فيه مازالتا تنشطان وهما مديرية الأمن الداخلي، ومديرية التوثيق والأمن الخارجي، وأن التغييرات حقيقة جاءت لإعطاء دينامكية جديدة للجهاز بعد 25 سنة من وجود عديد المسؤولين على رأسه دون تغييرات.
وفي هذا الخصوص يعتقد الأستاذ في كلية العلوم السياسية، رشيد مسيلي، أن توضيح الرئاسة جاء لإبعاد شبهة وجود صراع بين الأمن والرئاسة، معتبرا أن عملية التغييرات التي تم إحداثها في جهاز الأمن والاستعلامات ضرورية، غير أن الإشكال المطروح حسبه: هل سيخرج هذا الجهاز من الساحة السياسية، معتبرا في تصريح لـ"الشروق" أن التغييرات إن كانت جذرية ستكون نقطة إيجابية، داعيا إلى توسيع الديمقراطية الاجتماعية والابتعاد عن مركزية اتخاذ القرارات التي لا يطلع عليها المواطن البسيط الذي يعتبر حلقة مهمة فيها، "إن لم تصبح "الدي ار اس" تدق أبواب المواطنين ليلا ستكون في هذه التغييرات نقطة إيجابية"، يختم الأستاذ مسيلي.
وتشير المعطيات المتوفرة إلى أن الهيكلة الجديدة لجهاز الأمن والاستخبارات انتدبت مصلحة التعاون العملياتي لمكافحة الإرهاب "سكورات"، التي كان يشرف عليها اللواء عبد القادر آيت أوعراب المعروف بالجنرال حسان، لقيادة الأركان بالجيش الوطني الشعبي حيث تعمل تحت قيادة مديرية الأمن العسكري التي كانت تحت قيادة الجنرال جبار مهنا، ويشرف عليها حاليا الجنرال لخضر، تحت الإشراف المباشر لقيادة اللواء عثمان طرطاق، المعروف باسم الجنرال بشير، هذا الأخير أصبح يشرف على مديرية الأمن الداخلي، ومديرية التوثيق والأمن الخارجي، وكانت التغييرات التي مست الجهاز، قد ألحقت مصلحة الصحافة التي كان يشرف عليها العقيد فوزي، بخلية الإعلام بوزارة الدفاع الوطني، كما حلت مصلحة الاقتصاد التي فجرت قضايا الفساد بما فيها قضية الطريق السيار وقضية سوناطراك، كما قامت بتجميد نشاط مصلحة النقاط الحساسة، هذه الأخيرة كان لديها مكاتب بمختلف الوزارات والهيئات العمومية، يطلق على العاملين بها اسم "المراسلين". ويرتقب بعد التجميد الذي دام سنتين أن تعود مصلحة الشرطة القضائية إلى النشاط، إذ كان مرتقبا تفعيل نشاطها قبل تنحية الفريق محمد مدين المعروف بالتوفيق، وستكون مهمتها محاربة الإرهاب، في حالة الذهاب إلى هيكلة جديدة للجهاز.