اعتبرت الأزمة المالية العالمية الحدث "السياسي" الرئيسي في عام 2008. فقد حالت هذه الأزمة عمليا دون نشوب حرب باردة جديدة بين روسيا والغرب بعد نزاع القوقاز في أغسطس 2008.
وكانت نتائج السياسة الخارجية الروسية في عام 2008 غير متوقعة. فكان الكرملين يكافح طوال السنة بضراوة من أجل تعزيز وزن روسيا دوليا. وتضمنت الرؤية المستقبلية الجديدة للسياسة الخارجية للرئيس الروسي دميتري ميدفيديف، مقولة أنه تم "وضع حد لعالم القطب الواحد" بصورة نهائية، وأن روسيا نهضت كليا. وأعلن ممثلو الكرملين أن صوت روسيا اصبح بعد الحرب مع جورجيا مسموعا في العالم بشكل اكبر. وأخيرا، تقدمت موسكو بخطة طموحة بصدد توقيع معاهدة جديدة للأمن الأوروبي.
إلا أن الأزمة المالية شطبت من حيث الجوهر، كل ما كانت السلطات الروسية تتهيأ لتدوينه في مآثرها، وغيرت بشكل مفاجئ أولويات سياسة موسكو الخارجية، وأقر الرئيس الروسي دميتري ميدفيديف بذلك خلال المقابلة التي أجرتها معه قنوات التلفزيون الروسية. وأكد ميدفيديف على ضرورة "تأمين موقع مناسب لروسيا في العلاقات الدولية"، ولكنه استدرك فيما بعد قائلا أنه "لا يوجد اليوم أهم من مهمة تذليل عواقب الأزمة المالية العالمية".
وهذا يعني أن السلطات الروسية أدركت أن سياستها الخارجية لم تعد طموحة كما في السابق، على الأقل لأنه لا تتوفر الأموال لذلك. وجرى الحديث في مسودة استراتيجية السياسة الخارجية الروسية لأول مرة عن ضرورة الاقتصاد في المشاريع الدولية الكبرى. ويرى معدو الوثيقة أنه يتعين على موسكو ممارسة سياسة براغماتية "تستبعد التبذير على المواجهة، بما في ذلك على سباق تسلح جديد".
ولعب خريف عام 2008 الصعب دورا إيجابيا في العلاقات الروسية الأمريكية. فبعد الحرب في جورجيا، أجمع كافة الخبراء الأمريكان على ضرورة عزل روسيا، إلا أن الأزمة عدلت الوضع. فقد تبين أنه تشغل بال البلدان الكبرى قضايا بعيدة عن تصفية الحسابات، وزحفت قضية جورجيا بالنسبة للولايات المتحدة إلى الموقع الثاني أوتوماتيكيا