younes34 نائب القائد الأعلى للدرك
عدد المساهمات : 1485 نقاط : 2423 سمعة العضو : 46 التسجيل : 02/08/2009 الموقع : الشرق الجزائري المهنة : .ان شاء الله نقاط التميز : 20
| موضوع: استخدامات الطاقة النووية الأحد أبريل 04, 2010 5:25 pm | |
|
إحدى المشاكل التي تهم الإنسانية برمتها عن كثب و التي تخلق خلافات خطيرة في السياسة الدولية ، هي تلك المتعلقة بإستخدام الطاقة النووية . وقد لوحظت خلال الأعوام الأخيرة العديد من الأمثلة المتعلقة بهذه المشكلة . فمن المعلوم أن إيران و كوريا الشمالية تتصدران اليوم أجندة السياسة الدولية في هذا المجال ، كما أن دولا من قبيل باكستان و العراق و ليبيا كانت تشغل نفس الأجندة في الماضي القريب . ثمة جانب إيجابي و اخر سلبي للطاقة النووية التي يتم الحصول عليها من تشطير الذرة . وجانبها الإيجابي هو أنها وسيلة مفيدة جدا لمواجهة إحتياجات الناس . فالطاقة النووية تستخدم في العديد من المجالات مثل توليد الطاقة الكهربائية و الطب و الأبحاث العلمية و الصناعة . ويتم تفضيل الطاقة النووية بسبب قلة تكاليفها بالمقارنة مع المصادر الطبيعية الأخرى وكونها أكثر نظافة . غير أنه سواء لمصاعبها التكنولوجية و سواء للعراقيل السياسية الدولية ، فإن عدد الدول القادرة على تخصيب اليورانيوم الذي يعتبر مصدرا للطاقة النووية ، لا يبلغ سوى نحو عشرين دولة فقط ، ونذكر من بينها الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن "أي الولايات المتحدة الأمريكية و روسيا و بريطانيا و فرنسا و الصين" فضلا عن المانيا و اليابان و كندا والسويد و باكستان و الهند . و الجانب المغري الأخر لإمتلاك الطاقة النووية ، هو أنه يوفر الإمكانية لإستخدامه كسلاح نووي لغرض إكتساب القوة العسكرية و السياسية . و بعبارة أخرة فإن بعض الدول ترغب في التمتع بقدرة تخصيب اليورانيوم لغرض إنتاج السلاح النووي . وذلك لأن الدولة القادرة على تخصيب اليورانيوم بنسبة عالية ، سيكون بمقدورها لو أرادت إنتاج السلاح النووي . حسنا ، لماذا لا تمتلك مزيد من الدول الطاقة النووية و تقنيات إنتاجها ؟ أو لماذا لا تستطيع إمتلاكها؟ ثمة ثلاثة أسباب رئيسية لذلك . الأول هو أن الكثير من الدول تفتقرإلى التجهيزات التكنولوجية اللازمة لهذا الغرض . و الثاني هو أن بعض الدول لا ترغب طواعية إمتلاك هذه الطاقة بسبب مخاطرها الكامنة أو بسبب الخيارات السياسية لهذه الدول . و السبب الثالث هو أن الدول الكبرى لا تسمح للدول الأخرى بإمتلاك هذه الطاقة ، على الرغم من قلة عدد الدول الراغبة في إمتلاكها . وبغض النظر عن هذه الأسباب المختلفة ، فمن المعلوم أن للطاقة النووية مخاطر جسيمة أو تأثيرات جانبية سلبية . وأهم هذه المخاطر هو إحتمال إستخدام هذه الطاقة لأغراض هجومية في حال تحويلها إلى سلاح نووي . وإن مدى خطورة الأسلحة النووية أمر جلي و واضح. إذ من المعروف الدمارالهائل الذي حصل بفعل لجوء الولايات المتحدة الأمريكية إلى إستخدام القنبلة الذرية ضد مدينتي هيروشيما و ناغازاكي اليابانيتين في اب/أغسطس عام 1945 . وقد خلف ذلك الهجوم الذري الذي يعتبر المثال الوحيد من نوعه حتى الأن ، خلف في اللحظة الأولى مئات الألاف من القتلى ، كما أن أثار الدمار الذي أحدثه للبيئة و الإنسان إستمرت عشرات الأعوام . إن الطاقة النووية تنطوي على مخاطر كبيرة حتى في حال إستخدامها لأغراض مدنية . وخير مثال على ذلك حادث مفاعل شيرنوبيل الذي وقع عام 1986 بمدينة كييف الأوكرانية التي كانت أنذاك تابعة للإتحاد السوفيتي . وهذا الحادث لم يسفر عن وقوع خسائر كبيرة في الأرواح ولكنه خلق مشاكل بيئية في البلاد و في دول البحر الأسود الأخرى و إستمرت تلك المشاكل لفترة طويلة ، وذلك بفعل إنتشار الجزيئات النووية في الغلاف الجوي . إن المشاكل الناجمة عن الأسلحة النووية و الطاقة النووية ، ادت إلى اللجوء إلى وضع ترتيبات دولية بشأنها . وأحد هذه الترتيبات هو معاهدة حظر إنتشار الأسلحة النووية المبرمة عام 1968 و التي بدأت بالسريان عام 1970 . و الأخر هو تأسيس وكالة الطاقة الذرية الدولية عام 1957 . إن معاهدة حظر إنتشار الأسلحة النووية التي وقعت عليها 189 دولة حتى الأن ، تهدف إلى منع إنتشار الأسلحة النووية عبر ثلاثة ترتيبات . الأولى هي إقتصار الدول الممتلكة للسلاح النووي على الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي ، ومنع الدول الأخرى الموقعة على المعاهدة من إمتلاك هذا السلاح . ومن أجل هذه الغاية فإن الدول الخمس تلتزم بعدم إستخدام الأسلحة النووية التي بحوزتها وبعدم نقلها إلى الدول الأخرى بأي شكل من الأشكال . كما أن الدول الأخرى الموقعة على المعاهدة ، تعهدت بعدم السعي إلى إمتلاك السلاح النووي . و الترتيبات الثانية للمعاهدة هي السماح لجميع الدول بإمتلاك الطاقة النووية لأغراض مدنية شريطة إلتزام هذه الدول بإبقاء نشاطاتها النووية مفتوحة أمام تفتيش وكالة الطاقة الذرية الدولية . و تقوم هذه الوكالة بمنع الدول الأعضاء من إستخدام الطاقة النووية لأغراض عسكرية ، ورفع تقارير إلى الأمم المتحدة في حال وجود مشاكل بهذا الشأن . أي أن مهمة وكالة الطاقة الذرية الدولية هي تفتيش الدول الممتلكة للطاقة النووية و تأمين تطبيق المعايير المطلوبة بهذا الصدد . أما الترتيبات الثالثة للمعاهدة فتتمثل بالعمل على القضاء التام على الأسلحة النووية في العالم أجمع . حسنا ما قدر نجاح هذه المعاهدة ، وما قدر نجاح وكالة الطاقة الذرية الدولية ؟ لو أردنا الإيجاز نقول بأن النجاح بهذا الخصوص لم يكن كبيرا . وذلك لأنه على الرغم من المعاهدة ، نرى أن الأسلحة النووية إنتشرت إلى دول أخرى أيضا غير الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن . ومن المعروف أن دولا من قبيل الهند و باكستان و إسرائيل و كوريا الشمالية هي دول تمتلك الأسلحة النووية على الرغم من توقيعها على معاهدة حظر إنتشار هذه الأسلحة. كما يدعى أن الولايات المتحدة الأمريكية أمنت السلاح النووي لبعض دول حلف الناتو . من ناحية أخرى يلاحظ أن الدول الموقعة على معاهدة حظر إنتشار الأسلحة النووية ، قد إستغلت المعاهدة و وكالة الطاقة الذرية الدولية لأغراضها السياسية أو العسكرية ، كما لوحظ في المسيرة الجارية بين إيران و مجموعة 5+1 . وبينما ترغب إيران في التحول إلى دولة نووية و إلى إمتلاك قدرة إنتاج السلاح النووي لو دعت الضرورة ، فإن الولايات المتحدة الأمريكية ترمي إلى منع إمتلاك إيران الطاقة و التكنولوجيا النووية ولو لأغراض سلمية . وكل ذلك يتم عبر معاهدة حظر إنتشار الأسلحة النووية و وكالة الطاقة الذرية الدولية . والدليل الأخر لفشل المعاهدة هو غياب أي مبادرة لجعل العالم أجمع خاليا من الأسلحة النووية . وإن لجوء الدول الممتلكة للأسلحة النووية بصورة خاصة إلى مطالبة الدول الأخرى بعدم إمتلاك هذه الأسلحة ، هو حقا موقف غير عادل وغير صادق . و ليس ثمة داعي للشعور بالدهشة من سياسة الكيل بمكيالين هذه ، وذلك لأنه وللأسف فإن مثل هذه المشكلة تكمن في جوهر السياسة الدولية . |
|