صناعة السلاح العربي
يوم كانت الغضبة العربية ضد اتفاقيات كامب دافيد والمشاركين فيها على أشدها، القت الدول العربية مساهماتها في هيئة التصنيع الحربي، التي كانت قد بدأت تعمل في مصر وقطعت أشواطاً لا بأس بها على طريق الانتاج الحربي المتطور.
ويومها تنبه الكثيرون من العرب الداعين لخطر الرأي الهادف إلى الغاء الهيئة بانين وجهات نظرهم على أساس أن اتفاقات كامب دافيد ليست أخر مراحل الصراع التاريخي ضد الغزوة الصهيونية التي يتعرض لها الوطن العربي وأننا بالتالي لا بد لنا من الوصول إلى مرحلة تنتج ما نحتاج إليه من سلاح يمكننا من الوقوف في وجه هذه الغزوة طالما أن الحصول على السلاح المتطور يخضع في كثير من الأحوال إلى اعتبارات سياسية واقتصادية تحول في كثير من الأحوال دون حصول جيوشنا العربية على احتياجاتها الضرورية.
ومع أن مصر قد عملت على إبقاء الهيكل الأساسي لهيئة التصنيع الحربي إلا أن ظروف مصر الاقتصادية من جهة، وما تتطلبه صناعة الأسلحة الحديثة من انفاق هائل على مجالات البحث والتطوير والتكنولوجيا المطلوبة لا تزال تقف حائلاً دون بلوغ الهيئة المستوى الذي يجب أن تكون عليه خصوصاً وقد أصبحت عودة مصر للعالم العربي ضرورة قومية، كما أن التجارب علمتنا أن الاعتماد على طاقاتنا الذاتية في هذا المجال بالذات هو أمر له طابع الضرورة القصوى.
إن العدو يحاول أن يكسب الخبرة من كل أرجاء العالم لتطوير سلاحه فالسفينة الحربية التي اصطحبوا وزير الدفاع الأمريكي لزيارتها، تصيمها فرنسي ورادارها إيطالي ومدافعها دنماركية وطائرة الهليوكوبتر التي كانت على متنها أمريكية، لكن التجميع وبعض المعدات الالكترونية جعلت السلاح إسرائيلياً والأمثلة في هذا المجال كثيرة جداً لا تشذ عنها طائرة كفير ولا دبابة مركفا ولا الرشاشات المضادة للصواريخ البحرية التي يزودون بها قطع أسطولهم الحربي.
وعملية حسابية إلى الأرقام الفلكية التي يدفعها العالم العربي بحثاً عن سلاح يدافع به عن نفسه تدلنا على أن بالامكان العودة إلى دعم الصناعة العسكرية العربية في مصر حيث الكفاءة البشرية، بكل الكفاءات العربية والعالمية الضرورية وبكل المال اللازم لصناعة السلاح الحديث المتطور الذي نحتاج إليه والذي ندفع مقابله أسعارا خيالية وفي كثير من الأحيان يتعذر الحصول عليه رغم كل هذه الأسعار.
إن ربط صناعة السلاح العربي بحاجة جيوشنا إلى السلاح هو أمر لا غنى عنه إذا أردنا أن نستفيد من التجارب الكبيرة المريرة التي واجهتنا ولا تزال تواجهنا بل أنها ستظل تواجهنا إلى أن نصل إلى الرد المناسب على كل هذا الذي يواجهنا.