العقيدة العسكرية
*- العقيدة العسكرية "مصطلح مألوف في تاريخ الجيوش ، وخاصة لدى العسكريين المحترفين ، ولكنه في الوقت ذاته مُعقّد في إطاره ومحيطه وتركيبته ، ولهذا فهو مجهول لدى الكثيرين ، ورغم أننا نمارس مضامين العقيدة العسكرية في حياتنا اليومية بشكل أو بآخر ، إلا أننا نفتقر إلى المعرفة العميقة في هذا المصطلح المهم وذلك لإزالة هالة الغموض الكبيرة المحيطة به على مختلف المستويات العسكرية ، وبالتالي لنتمكن من الممارسة والالتزام والاستفادة من العقيدة العسكرية طبقاً للغرض الذي وضعت من أجله ·
ما هي "العقيدة العسكرية" ؟
قبل أن نتطرق إلى التعاريف ، ولكي نضمن الوصول إلى مفهوم موحد ، لابد من الإشارة إلى بعض النقاط الهامة واللازمة لفهم تعريف العقيدة العسكرية بالشكل السليم وهذه النقاط تتلخص في :
- " العقيدة العسكرية "موضوع إطاره كبير، يمتد عمودياً من أعلى التنظيمات السياسية في الدولة ، ويتدرج حتى أدنى المستويات العسكرية، إلى أن يصل إلى الأفراد في ثلاث مستويات : الاستراتيجي والعملياتي والتعبوي·
- هناك فواصل وحدود توضح أجزاء رئيسية لهذا الامتداد العمودي الطويل للعقيدة العسكرية ، وتعطي كل جزء منها طابعا مميزا ، وتضعه وكل ما يحيط به ويترتب عليه في مستوى معين من العقيدة العسكرية ·
- هناك مداخلات جانبية من جميع الاتجاهات تؤثر في مسار مستويات العقيدة العسكرية ، وتستمر هذه المؤثرات معها على طول امتدادها من أعلاها إلى أدناها ، أما بالنسبة للتعاريف العامة لكلمة "عقيدة "، فقد عُرّفت في معاجم اللغة العربية بأنها ((ما عقد عليه القلب والضمير ، ويدين به الإنسان)) مع ملاحظة أن هذا التعريف لا يقتصر على العسكريين في المقام الأول ، وإنما يشمل مختلف العقائد ، وفي مقدمتها العقيدة الدينية ، وقبل الخوض في تعريف "العقيدة العسكرية" ، من الأفضل أن نعرّف مصدرها، و هو من المصطلح الإنجليزي ( miltary doctrine ) ويقابله في العربية "العقيدة العسكرية " أو "المذهب العسكري" ، وكلمة "المذهب "هي المرادف لكلمة "العقيدة "في قواميس اللغة ، والبعض استخدم مصطلح النهج العسكري ،" وأطلق مصطلح العقيدة العسكرية " بشكل عام للدلالة على المستوى الاستراتيجي ، وهي الإطار لجميع مستويات العقيدة العسكرية ، ولزيادة توضيح هذا الإطار الغامض والتمييز بين مستويات العقيدة ، فقد تم استخدام مصطلحات أخرى مثل :
" العقيدة القتالية "
(fighting doctrine) للدلالة على المستوى العملياتي من العقيدة العسكرية ،
و" عقيدة القتال"
(combat doctrine) للإشارة إلى المستوى التعبوي
، وبناءً على التوضيحات السابقة ، تعرف العقيدة العسكرية بأنها "مجموعة من القيم والمبادئ الفكرية التي تهدف إلى إرساء نظريات العلم العسكري وعلوم فن الحرب ، لتحدد بناء واستخدامات القوات المسلحة في زمن السلم والحرب بما يحقق الأهداف والمصالح الوطنية" ولو تمعنا في هذا التعريف لوجدنا أنه يغطي جميع مستويات العقيدة .
و يركز على المستوى الاستراتيجي ويعطيه اهتماما خاصاً باعتباره أساسا لبقية مستويات العقيدة·
أنواع العقيدة العسكرية
ومن الأسباب الرئيسية في عدم الإلمام بمفهوم العقيدة العسكرية بالشكل الصحيح هو القصور في التمييز بين مستويات العقيدة التي تطرقنا إليها سابقاً ، والتي في مضمونها صنفت العقيدة العسكرية إلى أنواع ، لكل منها حدوده ومفهومه وخصائصه التي تميزه عن غيره ، ورغم هذا ثمة ارتباط وثيق بين هذه الأنواع ، فلا يمكن فصلها عن بعضها ، ولا يمكن الاستغناء عن أحدها ، لأن كل نوع مكمل للآخر ، وجميعها يشكل العقيدة العسكرية في صورتها الكاملة ، وعلى الرغم من كونها مميزة عن بعضها ، إلا أنها تؤثر في تركيبة وتطوير بعضها بعضاً ، بصرف النظر عن المستوى أو النوع أو المؤثرات أو الانسياب التقليدي لها من أعلى إلى أسفل ، وبمعنى آخر : إن العقيدة العسكرية في أدنى مستوياتها قد تفرض تغييراً رئيسياً على المستويات والأنواع الأعلى من العقيدة العسكرية ·
أما النقطة العامة في أنواع العقيدة العسكرية فهي وجود عقيدة على مستوى الدولة ، وتسمى" العقيدة الشاملة للدولة" ، وغالباً ما يحدث خلط بين هذا المستوى و بين المستوى الاستراتيجي للعقيدة العسكرية ، وهذا الخلط يعد من المواضيع الرئيسية التي تسبب الغموض حول مفاهيم العقيدة العسكرية ، فالعقيدة الشاملة للدولة هي مجموعة التعاليم والقيم السامية والمبادئ السياسية والعسكرية والاقتصادية والاجتماعية والمعنوية والعلمية التي نبعت من حضارة الشعب ورسخت في وجدانه وضميره ، فعندما نذكر العقيدة الأساسية للدولة فإننا في الحقيقة نذكر العقيدة الشاملة وليست العسكرية ·
أما بالنسبة للكعسكريين ، فتتلخص أنواع العقيدة العسكرية في ثلاثة أنواع رئيسية هي : العقيدة الأساسية والبيئية والتنظيمية ·
1- العقيدة الأساسية : وهي مبادئ تساعد على تحديد الإطار العام للعقيدة العسكرية على المستوى الاستراتيجي، وتقوم بتوجيهها أيضاً، ونطاق هذا النوع من العقيدة واسع جداً ، ولا تعلوه إلا العقيدة الشاملة للدولة ، وعدم تأثر هذا النوع من العقيدة إلى درجة كبيرة بالسياسة والتقنية مقارنة بالمستوى العملياتي والتعبوي من العقيدة العسكرية·
2- العقيدة البيئية : ثاني أنواع العقيدة العسكرية على المستوى العملياتي ، وهي عبارة عن المبادئ الأساسية التي تنتهجها الوحدات الرئيسية للقوات المسلحة ، لتوجيه جميع نشاطاتها العسكرية المختلفة لتحقيق الأهداف المرسومة لها ·
وتعد العقيدة البيئية مكملة للعقيدة الأساسية التي توجه مستخدميها إلى الأهداف العسكرية والوطنية التي ينشدونها ، و هي التي تربط بين العقيدة في أعلى مستوياتها (الاستراتيجي) وأدنى مستوياتها (التعبوي ) .
وتتميز العقيدة البيئية بأنها أضيق نطاقاً من العقيدة الأساسية، بمعنى آخر أنها تتركز على مواضيع ضمن حدود معينة وتبرزها بتفاصيل أكثر وضوحاً ، و تتأثر العقيدة البيئية إلى درجة كبيرة بمؤثرات خارجية ، مثل: التغيرات التقنية والتغيرات السياسية والإستراتيجية، ولهذا نجدها تتغير باستمرار ، ومن أمثلة العقيدة البيئية : العقيدة القتالية للعمليات المشتركة ، إضافة إلى العقائد القتالية للقوات البرية والجوية والبحرية ·
3- العقيدة التنظيمية: هي المبادئ الأساسية التي تتبعها التشكيلات المختلفة في أي قوة عسكرية لغرض القيام بواجباتها وإنجاز المهام المنوطة بها كجزء من القوات المسلحة ، وتعد العقيدة التنظيمية على المستوى التعبوي للعقيدة العسكرية ، وأكثر أنواع العقائد العسكرية تفصيلاً ، فهي توضح المهام والأدوار ومبادئ الاستخدام لكل نشاط عسكري، وتتدرج في تفاصيلها إلى الطرق والأساليب والإجراءات الخاصة باستخدام أي تشكيل معين ، ويتميز هذا المستوى من العقيدة العسكرية أيضاً بخصائص تكسبه طابعاً يميزه عن الأنواع الأخرى ، ومن هذه الخصائص أنه أضيق أنواع العقيدة العسكرية إطاراً مقارنة بالمستويين الآخرين ، وكذلك هو أكثر أنواع العقيدة العسكرية تغيراً، نظرا لتأثرها الكبير والمباشر بالتطورات التقنية والخبرات والتجارب الفعلية والتدريبية المستمرة ·
مصادر العقيدة
لابد للعقيدة العسكرية من أساسات تقوم عليها ، ومصدر تتغذى عليه حتى تصل إلى مرحلة النضوج ، ثم تستمر لكي تفي بالغرض المطلوب ، وتتلخص مصادر العقيدة العسكرية في الآتي :
1- العقيدة الشاملة للدولة: تعد المصدر الأساسي لجميع مستويات العقيدة بشكل عام، والعقيدة العسكرية الأساسية بشكل خاص ، ومن الأمثلة على عقائد الدول : العقيدة الدينية والإيديولوجيات والأسس والمبادئ التي يضعها القادة السياسيون ، وبهذا " تختلف العقيدة العسكرية باختلاف ظروف كل دولة ، فلا يمكن القول : إن هناك عقيدة عسكرية واحدة لكل الدول" ·
2- الدروس المستفادة من الماضي : وهي من الأساسات التي تبنى عليها العقيدة العسكرية على مختلف مستوياتها ، ويعد التاريخ العسكري مصدراً فعالاً وناجحاً لبناء العقيدة العسكرية و تطويرها، لأنه حصيلة خبرة وتجارب تكررت، ومن أوضح الأمثلة على ذلك: استخدام الأسلحة المختلفة في الحرب العالمية الثانية، وفي مقدمتها السلاح النووي الذي اختتمت به الحرب ، أو المبادئ التي كانت تتحارب بها ومن أجلها الأمم ، ولهذا نجد أن العقيدة العسكرية تتأثر " بأصول تاريخية ، وترتبط بالشعارات التي تلتزم بها الدولة أو الأمة"·
3- التطور التقني: ويلعب هذا العنصر دوراً كبيراً في تطوير العقيدة العسكرية وتحديثها على مختلف مستوياتها، وخاصة على مستوى العقيدة البيئية والعقيدة التنظيمية، ومن الأمثلة على ذلك : عند دخول معدات أو أسلحة جديدة في أي من فروع القوات المسلحة ينعكس أثره على جميع الفروع بدرجات متفاوتة ، وبالتالي تحتاج إلى تحديث لمواكبة هذا التطور ، "ويؤكد العسكريون أن المظاهر التقنية للحرب ذات تأثير كبير على تطور النظريات العسكرية وممارستها "، وأكبر مثال على ذلك التقنية والنظريات العسكرية التي استخدمت خلال حرب تحرير العراق في مارس 2003 ·
4- مصادر التهديد والتغيرات المستمرة في النظام العالمي: وينعكس أثرها بشكل واضح على العقيدة العسكرية على مختلف مستوياتها ، ومن الأمثلة على ذلك : عند انهيار الاتحاد السوفييتي في نهاية العام1991 تغيرت بعض مكونات العقيدة العسكرية على مستوى الدولة في الولايات المتحدة الأمريكية ، وانعكست هذه التغيرات على العقيدة العسكرية بشكل واضح ومباشر ، ثم ظهرت عقائد بيئية وتنظيمية جديدة، وخاصة ما يتعلق بالقوات والعمليات المشتركة ، فقد زالت عقائد عسكرية كانت متبعة أثناء الحرب الباردة ·
5- طبيعة الحرب القادمة: الحرب المتوقع أن تخوضها الدولة ، من حيث نوعها وشكلها ومستوياتها ومشروعيتها ووسائلها، تحدد العقيدة العسكرية للدولة على مختلف مستوياتها ·
6- الاستراتيجية العسكرية للدولة: ينعكس تأثير تنفيذ الاستراتيجية العسكرية بشكل مباشر على وضع العقيدة العسكرية، ولاسيما البيئية والتنظيمية اللتين يجب تطويرهما بشكل مستمر بما يلائم متطلبات الاستراتيجية العسكرية للدولة ·
7- طبيعة الدولة الجغرافية: تنعكس طبيعة الدولة الجغرافية على العقيدة العسكرية بشكل مباشر ، فموقع الدولة يحدد حجم تنظيماتها العسكرية ونوعيتها وطريقة استخدامها ، كما أن موارد الدولة المختلفة تحدد مركزها عالميا وسياساتها الداخلية والخارجية ، ولهذا نجد أن العقيدة العسكرية ترتبط ارتباطاً وثيقاً بنظام الدولة ، وبالأعباء الملقاة على عاتقها في قطاع السياسة الخارجية والداخلية ، وبالحالة الاقتصادية والسياسية والثقافية للبلاد ·
8- المهام الحالية والمستقبلية: تعد المهام العسكرية للدولة أداة قوة وطنية في الحاضر والمستقبل، وتلعب دوراً رئيسياً في وضع وتطوير العقيدة العسكرية على مختلف مستوياتها وبمختلف أنواعها ، وذلك بما يلائم طبيعة المهام المختلفة المنوطة بالقوات المسلحة في الحاضر والمستقبل ·
أهمية العقيدة العسكرية
لا يمكن لأي دولة أن تستخدم قدراتها العسكرية، كقوة وطنية حاسمة لتحقيق أهدافها ورعاية مصالحها، دون الاستناد إلى عقيدة عسكرية واضحة وفعالة ، وذلك للأدوار الهامة التي تقدمها العقيدة العسكرية لتوجيه النشاطات والأعمال العسكرية على مختلف المستويات ، والتي تتلخص في الآتي:
- هي الدليل الأساسي لتنظيم وتدريب القوات المسلحة في مختلف المستويات ·
هي الدليل الرئيسي لإعداد وبناء وتطوير القوات المسلحة وتجهيزها واستخدامها في الحاضر والمستقبل·
- هي المنطلق الأساسي لأية عملية عسكرية تقوم بها القوات المسلحة مهما كان نوعها أو حجمها·
- هي القاعدة الأساسية لتوحيد جميع مفاهيم العسكريين تجاه استخدام القوات المسلحة للدولة، هي الدليل الموحد لجميع الأعمال والنشاطات العسكرية على جميع المستويات في الدولة·
مكونات العقيدة العسكرية
قبل أن نتطرق إلى مكونات العقيدة العسكرية ، نسترجع أنواعها ومستوياتها وهي :" الأساسية ، البيئية و التنظيمية" والتي بواسطتها يسهل التعرف على مكونات العقيدة وهي:
أولاً: مكونات ذات طابع سياسي
(العقيدة الأساسية ) : وهي مجموع المبادئ ذات الصبغة السياسية التي تعالج المسائل المتعلقة بالصراع المسلح والتطور العسكري ككل ، وهي تشكل الأساس السياسي للعقيدة ، ومن الأمثلة على ذلك :
نظرة الدولة لطبيعة الصراع المسلح ، كيفية الاستجابة العسكرية للتهديد ، التحالفات العالمية للدولة، التحالفات الإقليمية للدولة ، نظرة الدولة لاستخدام أسلحة الدمار الشامل ، كيفية الاستجابة لمصالح الدولة (الحيوية، الهامة، الثانوية ) ، ثم كيفية إعداد موارد الدولة المختلفة للحرب·
ثانياً: مكونات ذات طابع عسكري (العقيدة البيئية والتنظيمية) : وهي "مجموع المبادئ ذات الصفة العسكرية الخاصة التي تعالج المسائل المتعلقة بإعداد واستخدام القوات المسلحة في الحرب" ومن الأمثلة على ذلك
كيفية استخدام كل فرع من أفرع القوات المسلحة، كيفية استخدام القوات في العمليات المشتركة ، كيفية استخدام القوات المختلطة )من عدة دول) ، إجراءات القيادة والسيطرة في مختلف المستويات ، إجراءات صنع القرارات العسكرية على مختلف المستويات والتدريب والمحافظة على الكفاءة القتالية، ثم بناء وتطوير وتنظيم القوات.
العناصر الأساسية للعقيدة العسكرية
تقوم العقيدة العسكرية على أفكار تتناول كيفية التفكير، وليس ما يجب أن يفكر فيه المرء·
العناصر الأساسية التي تتكون منها العقيدة العسكرية هي :
أولاً: القيادة في المهام والسيطرة المفصلة:
إن الفلسفة الصحيحة للقيادة ترتكز على أربعة أسس هي :
اتخاذ القرار في الوقت المناسب ، الفهم الجيد لنوايا القائد الأعلى، قدرة المرؤوسين على تفهم توجهات القيادة الأعلى و إنجاز ما يوكل إليهم ، وعزم القائد على أن ينهي خطته بنجاح·
ويمكن للقادة أن يستخدموا أسلوباً واحداً أو أسلوبين أو أساليب عدة لممارسة القيادة والسيطرة والطريقة الأكثر استخداماً في القوات المسلحة هي السيطرة المفصلة، وفي هذا المفهوم تمارس القيادات العليا سلطاتها وتوجيهاتها على معظم القرارات·
أما الأسلوب الثاني للقيادة والسيطرة ، فيعرف بـمفهوم القيادة في المهام، وهو مستخدم بشكل واسع في حلف شمال الأطلسي ، وهو يعزز القيادة غير المركزية وحرية وسرعة العمل وأخذ المبادرة ، وكلا المفهومين يمكن أن يعملا سوياً ، وهذا يعتمد على التوازن بين تدفق المعلومات وصنع القرار·
ثانيا : روح القتال:
إن طبيعة العقيدة العسكرية هي نتاج ضرورات وملحات عسكرية، تؤدي في النهاية إلى الحاجة للتحضير للحرب، وإذا اضطر الأمر للقتال والانتصار فيه ، فعلى كل فرد في القوات المسلحة أن يكون على استعداد للقتال والموت في سبيل أي قضية مشروعة يتم النضال من أجل تحقيقها من خلال الخيار العسكري ، بالتالي فإن العقيدة العسكرية تتضمن في جوهرها روح القتال ·
ثالثاً: التفكر بمفهوم المناورة:
إن التفكر بالمناورة في العمليات يقتضي بأن تُعطى الأهمية لتحطيم تماسك العدو الكلي، وتحطيم إرادته للقتال بدلاً من تدميره المادي، وحرب المناورة هي تطبيق التفكر بالمناورة في الحرب·
رابعاً: مبادئ الحرب:
يتطلب التخطيط للحرب وتنفيذها من القادة والأركان بكافة المستويات، أن يأخذوا بعين الاعتبار هذه المبادئ، التي ترجمت إلى وظائف قتال ملموسة لتكون آلية عملية تنجز في العمليات العسكرية·
خامساً: العمليات المشتركة:
ليست العمليات المشتركة مجرد قوات من مختلف صنوف الأسلحة تعمل في مسرح العمليات نفسه، وإنما هي معرفة نقاط الضعف والقوة لكل عنصر، ومن ثمّ استثمار نقاط القوة الخاصة بكل منها لمساعدة الأخرى·
سادساً: المرونة والتطبيق العملي:
تنعكس المرونة والتطبيق العملي في العقيدة العسكرية لدولة ما ، في تجنب القواعد الإلزامية المفروضة وتشجيع التفكير الإبداعي المميز في العمليات العسكرية·
وتعتبر العناصر التي تم توضيحها أفكاراً أساسية، وهي تشكل معاً أسلوب الاقتراب الذاتي للدول مع العمليات العسكرية ، ويجب أن تكون روح القتال دائماً واضحة وجاهزة للتطبيق ، والعمليات المشتركة هي وسائل يتم من خلالها تطبيق القدرات والمميزات التي تمتاز بها دولة ما بشكل فعلى، والقوات المسلحة لدولة ما يجب أن تعمل كمجموعة واحدة وبتماسك لزيادة قدرتها لتوليد أقصى تأثير عمليات ، وهي بذلك تتبع مبادئ الحرب ملائمة للتطبيق في جميع المستويات ، والاستخدام الذكي لمبادئ الحرب هو عنصر أساسي للتفكير بالمناورة يشجع القادة على تحقيق أهدافهم، وإن ظروف القيادة المتأصلة في" السيطرة المفصلة" و"القيادة في المهام " ، هي التي تؤدي إلى مسك زمام المبادرة وتحقيق المفاجأة·
أسس السياسة الدفاعية للدول
الأساس الروحي : ويتمثل في العقيدة القتالية التي يعتنقها الفرد العسكري وفي الرسالة التي يحملها ويستعد لبذل الغالي من أجلها ·
الأساس المعنو ي: وهو أحد الأسس التي يتم غرسها لدى العسكريين ، بحيث تتوافر لديهم السمات الخاصة التي تجعلهم قادرين على تحمل المواقف الصعبة التي تسود المعارك ، وأبرزها: صفاء الذهن و حسن تقدير الموقف والتصرف بذكاء وشجاعة عند مواجهة المخاطر التي تأتي من خلال المحا فظة على الروح المعنوية العالية لدى القادة والضباط وضباط الصف والجنود ، وذلك لتأمين متطلبات أساسية في مقصد وسلوك المقاتل وأبرزها الانضباط والطاعة والنظام مع التمسك بروح الفريق و الإخلاص للوطن والاستعداد للتضحية بالروح لتحقيق النصر.
الأساس المادي: تعتمد السياسة الدفاعية التي تنتهجها دولة ما ، على ثلاث دعامات أساسية هي :
أ- بناء جيش قوي ذاتي يعتمد على ما وصلت إليه التقنية الحديثة في تسليح وبناء العسكري وتوسيع مداركه العملية بما يتفق وهذه التقنية المتقدمة·
ب- تضامن أمني مع دول الجوار والدول الأصدقاء في إطار اتفاقيات الدفاع المشترك .
جـ- الاتفاقيات الأمنية مع الدول الشقيقة والصديقة ، وتهدف السياسة الدفاعية إلى :
- المحافظة على استقلال الدولة وسلامة أراضيها وتأمين حدودها ومصالحها الوطنية وممتلكاتها، مع استثمار المرحلة الحالية من الاستقرار والهدوء في تطوير بناء وتسليح القوات المسلحة على أسس قوية، تؤمن ردع أي تهديد ومنع العدو من تحقيق أهدافه وذلك بالتعاون مع دول الجوار والدول الصديقة.