الثورية الإسلامية التي نريد
قد يظن قصيرو النظر أننا -بامتناعنا عن المشاركة في المظاهرات والمسيرات- ندعو إلى الخنوع والرضا بالظلم وتبرير جرائم المسؤولين.
مع أن الحقيقة أننا نحن الداعون إلى الثورة الإسلامية الحقيقية، التي تقوم على الأسس التالية:
أن يبدأ كل فرد بإصلاح نفسه، وحينها ستصلح مختلف مؤسسات الدولة وسيصلح الحاكم، لأنه كما تكونون يولَّى عليكم.. فالحاكم ومختلف معاونيه هم جزء من الشعب وليسوا من المريخ.
أن يتعلم كل فرد وجوب النهي عن المنكر والأمر بالمعروف وقول كلمة الحق عند المسؤول الجائر، حتى لو كلفه ذلك الطرد من المنصب والوظيفة أو السجن أو حتى القتل.
أن يتعلم الأفراد الإحسان الظن ببعضهم، وبهذا تُحلّ المشاكل قبل وقوعها، ولا تزداد الفجوة بين الحاكم والمحكوم، بحيث يسيء الحاكم الظن بالمحكومين أيضا.
أن يعتاد الناس على الصبر، فالمسؤول يصبر على أخطاء الناس، والناس يصبرون على أخطائه، وحين يعرف المرء أنه أخطأ بينما صَبَر الآخرون على خطئه ولم يواجهوا خطأه بخطأ أكبر فإنه يخجل على نفسه ويتراجع عن خطئه. ولعل من أهم أسباب انتصار شباب مصر في هبّتهم الأخيرة هي أنهم لم يمارسوا القتل والدموية التي مارسها مشايخ ومتطرفون ادعوا ضلما وعدواننا انهم مسلمون ارتكبوا ابشع المدابح فى الجزائر قبل عشرين، بل صبروا على قمع اعتصاماتهم.
إذن، نحن بصبرنا وطاعتنا وإحساننا الظن وصِدْقنا وعدم تآمرنا ومشاركتنا في نهضة أمتنا ببذلنا قصارى جهدنا في تنمية بلدنا وبقولنا كلمة الحق عند المسؤول الجائر من دون تشهير به ولا غيبة له فإننا نذيب القلوب المتحجرة ونجعلها تتراجع عن أخطائها. هذه هي أركان الثورة، والتي لا بد من المساهمة فيها.
نحن لسنا مسؤولين عن وصول مجتمعاتنا إلى هذا الحال المتردي؛ من استبداد وفساد وظلم وفقر وبطالة، بل المسؤول هو كل مواطن حين لم يقُم بالخطوات الثورية الإسلامية السابقة.
مع أننا لم نشارك في المظاهراتولن نشارك، ولا نرى المظاهرات وسيلة تتفق مع الشرع، إلا أن الواجب أن أشهد شهادة حق في صالح المسيرات المصرية الأخيرة في تمسك القائمين عليها بعدم سفك الدم وعدم التخريب والوضوح في المطالِب. وندعو الله تعالى أن يجعل الحدث كله في صالح مصر وأهلها. ولكن في الوقت نفسه لا بد من الحذر من التفاؤل، وأن القضية لم ولن تُحلّ بمجرد تغيير رجل، بل بتغيير فكر الأمة وسلوكها.
www.alsabiil.110mb.com