أكرر أننا لسنا مع الفوضى ولا مع المظاهرات ولا مع النفاق للحاكم، بل الواجب هو قول كلمة الحق عند السلطان الجائر حتى لو كلَّفنا ذلك حياتنا. ونؤمن أن هذا هو الطريق الصحيح لمواجهة الظلم.
وأكرر أن ما أوصل أمتنا الى هذا الحال المتردي هو بعدهم عن أخلاقيات الإسلام عموما، وأخلاقياته في مواجهة الظالم خصوصا.
ومع هذا فليس الموضوع هنا هذا، بل هو: هل هذا التغيير في مختلف الدول يصبّ في مصلحة الإسلام أم في مصلحة أعدائه.. أي هل يصبّ في مصلحة الوطن أم في مصلحة التديّن الزائف؟ او شيوخ منضرى الارهاب
الجواب هل سيحكم مثلا فى مصر وتونس وليبيا مشايخ دعاة الارهاب ! لأنهم إذا حكموا ظهر عوارهم وفشلوا فشلا ذريعا، وإذا فشلوا انتهى صراخهم، وعرف الناس طريق الخلاص الحقيقي المتمثل في الإسلام الحقّ، وليس الإسلام المشوّه الذي يصرخ المشايخ كثيرا من أجله.
إن خير داعم للشيوخ هي الدكتاتورية والغموض في المواقف، وإن أفضل مبيد لهم هو الحرية والصراحة والوضوح.
الدكتاتورية والغموض يوحّدهم ظاهرا، مع أنك {تَحْسَبُهُمْ جَمِيعًا وَقُلُوبُهُمْ شَتَّى} (الحشر 15)، أما الحرية والانفتاح والوضوح فتكشف عمق خلافهم.
وفي النتيجة سيتبين لهم أن الأفكار الإسلامية التي ظلَلْنا ننادي بها سنوات طويلة هي الحق المبين، وأن فكرهم خَرِب، وحينها سيدخلون في الإسلام أفواجا.
.
وآمل الآن أن تبدأ الفرحة بانتصار المشايخ في انتخابات مصر، لأنهم عندها سيواجهون الواقع، ويغيّرون أفكارهم، ويُثبتون صحة ما نقول.
هذه الثورة الشبابية المصرية وما نجم عنها صدم المشايخ، خصوصا السلفية منهم؛ ذلك أنهم لا يجيزون المشاركة في الانتخابات ويرونها كبيرة من الكبائر، لأنها تتناقض عندهم مع المعلوم من الدين بالضرورة!
وقد عبّر الشيخ محمد حسّان عن هذه الصدمة والقلق في خطبة قبل يومين حين قال: "أطالب شيوخنا بإعادة النظر في كثير من المسلَّمات في السنوات الماضية، كمسألة الترشح لمجلسي الشعب والشورى وللرئاسة وللحكومة وللنظام، وأطالب شيوخنا أن يجتمعوا وأن يؤصلوا ليُخرجوا شبابنا من الفتنة ومن البلبلة التي عاشوها طيلة الأيام الماضية، شبابنا يتخبط يسمع الشيخ يقول كذا وشيخ يقول هذه رؤى كثيرة واجتهادات شخصية، وشبابنا يقع في حيرة". وأضاف قائلاً "تركنا الساحة لأولئك الذين لا يحسنون أن يتكلموا عن الله ورسوله". (جريدة اليوم السابع وغيرها)
يريد ماشيخ الدعون لنصرة التطرف الاعمى لخطف ثورة الشباب ليس لكثرتهم، بل لأنهم أكثر الناس تنظيما، وغيرُهم مشتَّت.. إن لم يكن في المرحلة القريبة فالتي تليها. وفوزهم في مختلف نقابات الجامعات في الدول ذات المساحة المعقولة من الحرية مع قلة عددهم يُظهر هذه الحقيقة. المهم أنهم إذا حكموا فسيواجهون الواقع ويفشل فِكْرُهم، ويُتَّهمون بأنهم غيّروا جلودهم من أجل الدنيا، وتعود الأوضاع لعنة عليهم كما يُلعن الآن الرؤساء وارثو الثورات القومية. وقبل ذلك سينشقّون على بعضهم انشقاقا رهيبا لا يتوقعه عامة الناس، لأن تعاليم كثير من هؤلاء المشايخ لا تعرف إلا محاربة المخالف، وهم في الوقت نفسه يرون آراءهم لا تقبل الخلاف؛ فكل طرف منهم سيحارب الطرف الآخر ويرى حربَه أوجبَ الواجبات. فالملخَّص أنهم سيحكمون يوما ما، وهذه المرحلة الدمارية يبدو أنها ضرورية للنهضة الحقيقية للأمة ولعودتها إلى كتاب ربها. سيحكمون مدعومين من اعداء الامة وسينلون دعما اعلاميا رهيبا حتى يتمكنوا من زرع الفتنة عى الامة.
وحين تأتي هذه المرحلة ويحكمون ويفشلون سنقول للناس ولهم: كان يمكن أن تتجاوزوا هذه المرحلة، وكان يمكن أن لا تضيع هذه السنوات، وكان يمكن أن نكون قد بدأنا النهضة منذ زمن بعيد، وقد {نَصَحْتُ لَكُمْ وَلَكِنْ لَا تُحِبُّونَ النَّاصِحِينَ} (الأَعراف 80). ونأمل أن لا تأتي، بل أن يستمعوا ويَعُوا من الآن.
www.alsabiil.110mb.com