الجيش المصري مطالب باللحاق بركب الأمة وتخطي حاجز الوهن
عمد النظام المصري السابق إلى تأمين الحدود مع الكيان اليهودي المحتل على وجه جعل منه حليفاً استراتيجياً لهذا الكيان الغاصب، فمنع عن أهل غزة السلاح الخفيف وضرب بينهم وبين إخوتهم بسور في باطن الأرض، فمنع عنهم الغذاء والدواء بحجة منع السلاح، وأحكم عليهم الحصار.
فهل كان وصول السلاح الخفيف إلى أهل غزة الذين يتعرضون لأعتى أنواع الأسلحة المدمرة والمحظورة دولياً جرماً أو يهدد -كما ادعى النظام السابق- الأمن القومي المصري؟!!!
إن هذه الأكذوبة التي روج لها نظام "مبارك" ليس لها نصيب من الحقيقة وتتنافى مع علاقة الأخوة التي تربط أهل غزة بإخوانهم في مصر.
واليوم يعيد التاريخ نفسه، وكأن شيئاً لم يكن، وكأن مصر بلا "مبارك" هي مصر "مبارك"، وكأن ميدان التحرير لم يصدح بشعار تحرير فلسطين ولم تصدح حناجر الملايين "عالقدس رايحيين شهداء بالملايين"، وكأن تآمر النظام على أهل غزة وخذلانهم وتركهم لقمة سائغة ليهود لم يكن سبباً رئيساً لانقضاض تلك الجماهير الثائرة على النظام المتفاني في التبعية.
ففي مشهد متكرر، كما كنا نراه في العهد البائد،أعلنت قوات الأمن المصرية اليوم عن ضبط خمس شاحنات محملة بالأسلحة قيل أنها كانت متجهة من السودان صوب غزة.
إن استمرار السياسة السابقة تجاه أهل غزة هو استمرار في خذلانهم، وإن استمرار السياسة السابقة تجاه كيان يهود المحتل هو استمرار في حفظ أمنه وحدوده وتحويل الجيش الرابض في سيناء ورفح إلى حرس حدود له، بالرغم من أن هذا الكيان المتغطرس لم يحفظ لحكام مصر الجدد عهداً ولا ذمة ولم يركن لتطمينات طنطاوي لوزير دفاعه باراك، ولم يطمئن لإعلان الجيش المصري إبقائه والتزامه باتفاقية كامب ديفيد ولا لترحيبه بزيارة عاموس جلعاد للقاهرة ولا استئنافه لضخ الغاز.
وكتأكيد لسلوك هذا الكيان المتغطرس فقد أعلنت قوات الأمن المصرية –وفق موقع قضايا مركزية العبري- عن اعتقال خلية تجسس تتبع للموساد في القاهرة. وأضاف الموقع أن طبيعة عمل هذه الخلية كان متابعة خط الغاز المصري إلى "إسرائيل"، وكذلك التحركات العسكرية للجيش المصري بالإضافة إلى مواضيع إستراتيجية أخرى.
إن واجب الجيش المصري تجاه أهله في غزة هو نصرتهم امتثالا لقول الله سبحانه (وَإِنِ اسْتَنصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ)، لا أن يمدهم بالسلاح والعتاد فحسب، بل أن يتخطى الحواجز الوهمية كما تخطى خط "بارليف" من قبل ويذيق كيان يهود شر صنيعهم واعتدائهم على حرمات المسلمين ومقدساتهم واحتلالهم لأرضهم المباركة.
إن الجيش المصري مطالب اليوم أكثر من أي وقت مضى بأن يلحق بركب الجماهير الثائرة وأن يحقق تطلعاتها، وأن يكسر حاجز الوهن والخوف من القوى الغربية ويخيب آمالها فيه، فما عادت تلك القوى قادرة على الوقوف في وجه سيل الأمة الجارف، وأن يرفض أن تكون مصر بوابة للنفوذ الاستعماري في المنطقة وأن يتحرك لتحرير فلسطين ونصرة المسلمين في ليبيا وفي ذلك عز الدنيا ونعيم الآخرة لو كانوا يتدبرون.