أمة لا تخطيط عندها.. بلدة لا كبيرَ فيها.. عائلة لا يعرف كلُّ فرد دوره فيها.. ما أسوأها!
أمة بلا قائد، جماعات بلا رئيس، غنم قاصية بلا راع..
ما الذي يريده العرب والمسلمون اليوم؟ هل يريدون أن يحاربوا إسرائيل؟.. أن يسالموها؟ هل وضعوا إستراتيجية؟.. كلا.
هم يجرّبون فقط.. يحبون التجارب، ويحبون أن يكونوا حقل تجارب.
ماذا تريد حماس من إسرائيل؟ هل تريد حربها؟ هل تريد معاهدة معها؟ هل هدنة؟ قولوا بربكم، ضعوا دائرة على إحداها.
إن كانت تريد حربا، فالحرب تظل مستمرة حتى يُهزم طرف وينتصر آخر، أو يتفق الطرفان على إيقافها.. وخلال ذلك لا يُعقل أن يشتكي أحد الطرفين من ظلم الطرف الآخر أو شدته في الحرب، وإلا فهذا لَعِب أطفال.. هذا ذلّ ومهانة لا يقبل به محارب.. المحارب لا يستجدي، بل يحمي مواطنيه ولا يدعو أحدا للضغط على عدوه.
إن مَن يعلن الحرب فلا بد أن يكون قد حسب نتائجها جيدا، وإلا فالذنب ذنبه أولا.
قالوا إنّ هناك هدنة ولا بد من إيقافها، ثم أخذوا يطلقون مفرقعاتهم أو تنكاتهم أو مواسيرهم.. فقام الطرف الآخر بالرد بصواريخه. وكان المنظر المدمي المبكي المخجل المذلّ..
أمة من المحيط إلى الخليج لا تستطيع سوى التحسّر والحزن والبكاء كالثكالى..
وتجّار الحرب في هذه الأمة فرحون في داخلهم، فلعل هذه الجثث توقظ الأمة النائمة، فتهبّ.. هؤلاء الفرحى للجثث يتمنّون هبّات الشعوب.. لكن، إلى أين تهبّ؟ وماذا تفعل إن هبّت؟
قالوا للناس: اخرجوا للشوارع! قلتُ: لماذا يخرجون؟ ليتظاهروا! ضدّ مَن؟ ضد إسرائيل؟ وماذا سيقولون لها؟ هل سيقولون لها: اضربي، ولكن ضربات معقولة، أم يقولون: لا تضربي وتحملي صواريخ سكود صنع حماس؟
لن يقولوا هذه ولا تلك، بل سيصرخون ضد الحكومات ليجدوا فرصة للتنفيس عن حقدهم على هذه الحكومات أراها أمة التجارب العشوائية التى هي أقل سوءا من المحرّضين على الخروج العشوائي.. والتجارب العشوائية. وما أسوأ التجارب العشوائية!
أمة التجارب العشوائية غير المحسوبة توقع نفسها في ورطة بعد كل تجربة، ثم لا تحتمل الورطة، فتسعى لتجربة جديدة للخروج من الورطة، فتقع في ورطة أعمق، ثم تجرب لتخرج من الورطة الجديدة فتقع في ورطة أعمق وأعمق. وهكذا بلا نهاية ما دامت التجارب عشوائية. وهذا كله بسبب تجار الحرب وتجار العبث والعشوائية.
فيا أيها الراقصون على جراحات الآخرين، كفاكم تلذذا! كفاكم طربًا! .