ما معنى الإسلام هو الحل
أخذ هذا الشعار بالانتشار منذ ثلاثة عقود حسب ظني. والظاهر أنه ردّ على التجارب القومية والماركسية وغيرها في الوطن العربي؛ تلك التجارب التي فشلت فيما كانت تصبو إليه من تحرير من الاستعمار، ومن تنمية اقتصادية، ومن تطور صناعي وعدالة اجتماعية.
فلسان حال هذا الشعار يقول: أيها العرب، لقد جربتم أطروحات عدة وفشلت، فلماذا لا تجربون الإسلام؟ ألم يُعِزّ العربَ أول يوم؟ ألم يُخرجهم من العبودية ليصبحوا سادة العالم؟ ألم يُغنِهم بعد فقر؟ ألم يطرد فارس والروم؟
الحق أن هذا الخطاب عنصريٌّ لا يمتُّ لدين الله بصلة.
إن دين الله يجب التمسك به في كل حين، ليس للنصر على الكفار، ولا للازدهار الاقتصادي، ولا للتنمية؛ بل لأنه دين الله فقط، لأنه الحق، لأن الالتزام به يُرضي الله تعالى، الذي أرسل رسوله رحمة للعالمين، والذي وسعت رحمته كل شيء.
كان كفار مكة قد ساقوا ياسرًا وابنه وزوجته إلى الحر الشديد يسومونهم سوء العذاب عندما مرّ بهم رسول الله صَلّى اللهُ عليْه وسلَّم، فقال: "صبرا آل ياسر، موعدكم الجنة". هكذا فقط، من دون شعارات قومية تعصبية تُحوِّل الدين إلى قومية. لم يقل لهم: إن الإسلام هو الحل، ولم يعدهم بأي نعيم دنيوي، ولا بنهضة قومية، بل برضوان الله فقط. لم يقل لهم: اصبروا، فالدولة على مرمى حجر، ولا قال: إن الروم والفرس سينتهيان عما قريب.
إن شعار (الإسلام هو الحل) هو تحويل للإسلام من دين إلى قومية.
قد يقول قائل: لكن العرب ما صاروا أعزة إلا منذ اعتنقوا الإسلام. فنقول: هذا صحيح، لكنهم لم يعتنقوه ليصبحوا أعزة، بل اعتنقوه لأنه الحق، فأصبحوا أعزة. أما من اعتنقه ليصبح عزيزا، فهذا ليس في سبيل الله، فلن ينصره الله، ولن يصبح عزيزا.
المطلوب منا أن ندعو إلى الإسلام لأنه الحق، وليس لأي غرض دنيوي، مهما بدا ساميًا.
وينسبون إلى عمر مقولة: نحن قوم أعزنا الله بالإسلام، وإن ابتغينا العزة بغيره أذلنا الله. فهذا القول على فرض صحة نسبته إلى عمر لا يعني ما ذهب إليه المنادون بشعار (الإسلام هو الحل)، لأن عمر لم يدعُ إلى التمسك بالإسلام رافعا هذا الشعار، بل هذا القول ليس أكثر من وصف لما حصل، وهو أن الله نصر العرب لما تمسكوا بالإسلام، فأصبحوا أعزة. فالوصف ليس شعارا يُرفع. وهو من باب التحديث بنعمة الله، وليس الدعوة إلى الدين لتحقيق أماني دنيوية. فَذِكْرُ نِعَمِ الله بعد أن تمَّت على العباد، ونِسْبَتُها إلى الله، وحمدُه عليها، وذِكرُ أنها من باب (ومن يتق الله يجعل له مخرجا) شيءٌ مختلف عن دعوة الناس للتمسك بالدين لينصرهم على عدوهم القومي.
فلندعُ إلى الإسلام لأنه الحق، ولأنه يرضي الله. وليس لأنه يؤدي إلى تحرير فلسطين واليمن والعراق وليبيا وسوريا ومصر ...