عند الإجابة عن منهجهم ومصادرهم يرفض الوهابيون أن يقفوا عند الكتاب والسنة باعتبارهما مرجعيْ كل مسلم، بل يضيفون لهما عبارة "بفهم سلف الأمة".
ويروْن أنّ القرآن والسنة قابلان لأفهام شتّى، لذا لا بدّ من منع تعددية الأفهام التي تؤدي إلى الاختلاف، فكان لا بدّ من هذه الإضافة، لتقييد طريقة الفهم وحصرها بطريقة واحدة.
لكن، من هم السلف تحديدا؟ أهم جماعة معروفة العدد؟ هل هم الصحابة جميعًا؟ هل هم التابعون جميعًا؟ هل هو واصل بن عطاء وعمرو بن عبيد وهشام بن الحكم؟ هل هم أهل الحديث؟ هل هم مدرسة أبي حنيفة؟
إن هؤلاء جميعًا سلف، ولكنهم مختلفون جدًّا. والناس يجهلون أن الوهابية ترفض أبا حنيفة رفضًا كبيرًا، ويجهلون أنها تمجّد قتل المعتزلة ومن سُمّوا بالمبتدعة.
والذين يُطلق عليهم معتزلة الآن هو كل من يستعمل عقله لفهم آية، فالذي يفسر السحر على أنه تخييل وخداع فهو معتزلي، والذي ينفي النسخ في القرآن معتزلي، والذي ينفي رجم الزاني المحصن بحجة أنه ينافي القرآن معتزلي.. وهكذا كل من يرفض التقليد، ولو في مسألة، فهو معتزلي.. وهؤلاء المعتزلة قتلُهم ممجّد! ألم يمجد السلفيون ما قام به المتوكل العباسي من استئصال لمعتزلة بغداد؟ أي أن قتل كل مثقف مسلم أمر مرغوب فيه عندهم.
لو راجعتَ كتب التفسير لتبينت أن السلف مختلفون في كثير من الأمور، لكن المسألة التي لا يريد لها الوهابيون أن تحتمل معنى آخر يزعمون أن السلف فسروها بالمعنى الذي يريدون. فاصطلاح "بفهم سلف الأمة" لا أراه أكثر من أداة قمع واضطهاد وكبت.
المهم أن يعرف المسلمون اليوم أن أبا حنيفة ليس من سلف الأمة عند السلفيين، وأن أبا الحسن الأشعري مبتدع ضالّ. وحتى يتأكد عوام الناس اليوم صحة قولي، فليس عليهم سوى مراجعة الخلافات بين ابن تيمية ومعاصريه الذين حكموا بسجنه مدى الحياة بسبب مخالفته أقوال السابقين من سلف الأمة على حدّ زعمهم! أي أن سيفَ مخالفة السلفي سلّط على ابن تيمية قبل أن يسلطه السلفيون على غيرهم.
ما هو فهم السلف إذن؟
إنه كل رواية عن صحابي وعن تابعي مهما بدت سخيفة. فهؤلاء لا يمكن أن يصل العلماء المعاصرون إلى عشر معشارهم، مهما تقدم العلم ومهما سهل البحث والتنقيب!!! هذا ما يراه السلفيون.
ولتقريب ذلك إلى القارئ لا بد من أمثلة على عقائد آمن بها السلفيون محتجين بأحاديث ضعيفة تخالف القرآن أو بأقوال صحابة أو تابعين:
1-كل سلفي يؤمن أن هنالك سُوَرًا قرآنية قد ألغيت من القرآن الكريم. وأن سورة الأحزاب كانت بطول سورة البقرة.
2-كل سلفي يؤمن أن هنالك أحكاما قرآنية ملغية.
3-كل سلفي يؤمن أن الجهاد القتالي لا بد أن يشمل العالم أجمع.
4- كل سلفي يؤمن أن موسى u قد فقأ عين الملك حين قدم لقبض روحه.
5- كل سلفي يؤمن أن الحجر قد فرَّ بثياب موسى u بينما كان يستحم.
6-كل سلفي يؤمن أن الرسول r قد أجاز لسالم -وهو ذو لحية-أن يرضع من سهلة.
7-كل سلفي يؤمن أن أيوب u قد أقسم ليضربن زوجته مائة جلدة، لمجرد أنها طالبته بأن يدعو الله ليشفيه من المرض. وأن الله قد احتال على القسم بأن طلب منه أن يضم مائة من العصي الخفيفة ويضرب بها زوجته ضربة واحدة غير مؤذية.
8-كل سلفي يؤمن أن إبراهيم u كذب ثلاث كذبات.
9-كل سلفي يؤمن أن سليمان u قد ضاجع مائة من نسائه في ليلة واحدة. وأنه أقسم أنه سينجب منهن مائة فارس. وأنه لم ينجب إلا نصف إنسان.
10- كل سلفي يؤمن أن سليمان u قد مات واستمر متكئا على عصاه وهو ميت سنة كاملة. ولم يشعر بموته أي من زوجاته المائة ولا أبناؤه ولا أركان حكومته، ولا أحد من أتباعه ولا أعدائه.
وغير ذلك من قصص تشيب لها الولدان، لكن اكتفيت بنبذة لما يُجمعون عليه من غير أي خلاف.
ثم نسأل السلفيين، ماذا لو اختلف السلف في تفسير آية على قولين، فهل يحق لعالم اليوم أن يأتي بقول ثالث؟ لو قالوا بعدم الجواز، سألناهم: ما دامت المسألة تحتمل أكثر من قول، فلِم التحريم؟ وإن قالوا بالجواز حُلَّت القضية. وانتهى مبرر التقليد.
على أننا لا نرفض اتباع السلف، بل نرفض أن ننسب لنبيّنا ما يخالف القرآن لأنه يستحيل أن يصدر منه، كما لا نرى أن ما قاله أحد الصحابة فهو القول الفصل في التفسير، ولا ما قاله أحد التابعين، بل إن القرآن لا تنقضي عجائبه، ولا يُخلق على كثرة الردّ.
أما مقولة أنّ فهم السلف هو الفهم الصحيح دائما، ومن دون أي استثناء، فلا دليل عليه البتة. وهو ما نرفضه جدًّا. بل الأصل أن يكون الخلف أقدر على الفهم، باعتبارهم قد قرءوا للسابقين جميعًا، فاستفادوا ممّا قالوا. وأما أن السلف هم خير القرون، فالخيرية هنا في التقوى والقرب من الله عند عامة السلف، ولا تعني صحة الاجتهادات، خصوصا أنهم مختلفون فيها.ولكن هل يترك المجتمع الجزائرى ينعم بالاستقرار والتقدم فى ضل ما نشئ عليه اجدادنا من فهم للدين على اساس العقل والاعتدال ان بعض الدين يرون فى انفسهم اوصياء على عباد الله ومنهم
للمخابرات السعودية التى بحثت عن شيوخ آخرين ونجحت في اختراق التيار السلفي الجزائري الذي انقسم إلى ثلاثة تيارات: السلفية الحركية بقيادة علي بلحاج. والسلفية الجهادية التي يقودها أمراء الحرب والدم في الجبال والمغاوير والسلفية العلمية بقيادة الوهابي الجزائري الشيخ محمد علي فركوس المكنى بـ"أبي عبد المعز"، وهو من تبنى راية الوهابية السعودية في الجزائر ودخل في صراع مع علي بلحاج لنشرها. ومن طرائف هذا الشيخ الوهابي إصداره فتوى تحرم أكل "الزلابية" وحلويات أخرى محلية تعرف باسم "الطمينة" وهي حلوى تصنع عادة في الجزائر احتفالا بالمولود الجديد. أصبحت الخرافات الوهابية وأساطيرها تدخل الجزائر عبر هذا الشيخ الذي يصدر فتاوي نمطية مشابهة لفتاوي شيوخ الوهابية في الرياض من رضاع الكبير تارة إلى تحريم الرقص والموسيقى والسينما والفن والحب والعشق أيضا تارة أخرى... فكل شيء جميل في الحياة حرام في حرام... لكنه على عكس الشيخ علي بلحاج يدعو لطاعة أولي الأمر، أي الحاكم مثل الشيوخ الوهابيين في الرياض...