التأني في الإجابة وعدم التسرع في الجزْم
يتبنى بعض الناس بعض العقائد من غير دليل، ثم توقعهم في حرج حين يتبين عدم دقتها، وقد يرتد جزء منهم، ومنهم من يملأ الشكُّ قلبه، ومنهم من يضطر للتراجع عن خطئه مما يجرِّئ الخصم.
الواجب في الردّ على أيّة مسألة لستَ على يقين منها هو قولُ "لا أعرف"، أو "قد يكون"، أو "لعلّ للمسألة زوايا أخرى للنظر منها" وليس التسرع بالإجابة القاطعة.
هناك مَن لديه معلومات كثيرة وقلبٌ قاسٍ ويسعى للإيقاع بالطيبين من قليلي المعلومات، فمثلا قد يبدأ معهم الحوار بقوله: هل يمكن أن تؤمن بنبي قتل مئات الناس إعداما بعد استسلامهم في معركة؟ فيسارع قليل المعلومات بقوله: حاشا لله، هذا مستحيل، وهذا ليس نبيا، فالنبي يعفو ولا يقتل المئات... فيأتيه هذا المخادع بقصة بني قريظة.
فصاحب هذه الإجابة قد أوقع نفسه في ورطة، إذ عليه أن يقول: لا أجيب على هذا السؤال؛ فقد يكون هؤلاء المستسلمون خونة، أو قد يكون هناك شيء ما غامض لا أعرفه؛ فالذي أعرفه أن قتل الأسير لمجرد أنْ كان مقاتلا في جيش العدو جريمة، أما قتل الخائن فلا بأس به حتى لو أُسر، فيمكن الحكم عليه بالإعدام. لذا فإن سؤالك متشعب ولا يُجاب عليه بنعم أو لا.
لا عيب في أن تكون معلوماتنا بسيطة جدا، فالناس لم يولدوا متعلمين، لكن العيب هو التسرع في الجزم بالجواب مهما ظنَنَّا أن معارفنا كبيرة. {وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ}.