تبدأ قصتنا القصيرة في جو مشمس ربيعي زاهي الألوان، وهاهي زقزقة العصافير تنعش أسماع زائري حديقة التجارب بالحامة _العاصمة_ ، وكجميع زوار الحديقة هاهي فتاة تجلس على المقعد الخشبي تحت ظل الأشجار ، إنها محظوظة لأنها قد وجدت هذا المقعد خالي في هذا الزحام ، إذ أنه يوم السبت عطلة نهاية الأسبوع كانت قبل أن تجلس قد إشترت جريدة لتقرأها وعلبة بسكويت لتأكلها وتمتع معدتها بالطعم اللذيذ حتى تكتمل اللذة بجميع الأحاسيس تمتع أذنها بزقزقة العصافير و تملأ رئتيها بالهواء النقي...
وفجأة جلس على نفس المقعد الخشبي شاب يبدو أنه لم يجد مكانا ليجلس فيه فحتى الجلوس في العشب ممنوع في هذه الحديقة ومدام هناك متسع في هذا المقعد فقد جلس وألقى السلام، دون أن ينظر إلي من تجلس إلى جانبه ، كما أنه لم يستلم ردا على سلامه...
ثم مد هذا الشاب يده إلى علبة البسكويت وأخذة قطع واكلها ! ولم يلقي بالا إذا ان عينيه كانت على الموبايل يقلب صفحات منتدى ج و ش يرد على المواضيع تعجبت الفتاة ! فكلما أخذت هي قطعة لتأكلها أخذ هو بدوره قطعة ليأكلها هو ياللوقاحة! إحمر وجه الفتاة وهاهي الزفرات والتأففات تخرج منها غضبا على هذا المتعدي والطفيلي ألا يكفي أنه عكر الصفوة التي كانت فيها حتى يتمادى ويأكل من بسكويتها؟
بقيت آخر قطعة بسكويت في العلبة فانتظرت الفتاة حتى ترى ماسيصنع هذا المتطفل ، وإذا به يمد يده إلى تلك القطعة ويقسمها نصفين ليأخذ النصف ويترك النصف الآخر لها ! هنا بلغ السيل كلبى وانتفضت من مكانها وأخذت تصرخ في وجهه وتصفه بعدم التهذيب والإنحطاط الخلقي واللؤم وماشابه وهو لم يتفوه بكلمة ! والمارة ينظرون ! عندها نهض الشاب دون أن ينظر إليها وابتعد بين العشب الأخضر...
مزالت الفتاة كالبركان الثائر الذي صب حممه للتو، ولم يعد لها حتى مزاج لمتابعة قراءة الجريدة والجلوس في الحديقة فتحت حقيبة يدها لتضع الجريدة فيها وإذا بها تجد علبة البسكويت التي إشترتها في الحقيبة...
تحياتي