تكوين النظام التجسسي
يوجد في العمل التجسسي نظامان هما:
> نظام الخط الواحد: ويتكون، عادةً، من شخصين هما: ضابط المخابرات والعميل الأساسي، ويربط بينهما تعهد بعمل استخباري نظير ما يتلقاه العميل من مقابل، ويقوم الضابط بتدريب عميله وإرشاده لمعرفة الأخطاء ونقاط الضعف، وكيفية إقامة وسائل الاتصال المأمونة، وإدارة العمل وتشغيله· وهنا يكمن النجاح، أو الفشل الذي غالباً ما تكون عواقبه وخيمة، إذ ربما يلجأ العميل إلى الجهة المعادية·
وتهتم المخابرات اهتماماً كبيراً بالسيطرة على العميل بوسائل قوية ومستمرة، ومن أهم الوسائل التي تستخدمها المخابرات العالمية، الجرم المشهود الذي توافرت كل عناصره، فإذا حاول العميل التحول إلى جهة معادية، أو رفض التعاون يهدد بتقديمه للمحاكمة، وساعتئذ لا يكون أمامه من سبيل سوى التجاوب والتعاون ، بيد أن إنهاء عمل العميل، إنهاءً عادلاً، يعتبر من الأمور التي تثبت ثقة العملاء الآخرين·
> نظام الشبكات: تتكون شبكات التجسس، دائماً، من عدة عملاء، قد يعرفون بعضهم بعضاً، أو قد لا توجد علاقة بينهم، ويكون لكل شبكة رئيس هو ضابط العملية، ويرتبط هذا الضابط بشبكته عن طريق إحدى وسائل الاتصال السرية·
إدارة المصادر
تُعنى إدارة المصادر بأسلوب التعامل مع مصادر الأمن من الأفراد، بتدريبهم وإعدادهم، وتكليفهم بالمهام، ثم استخلاص المعلومات منهم، وتحسين أدائهم وتجويد وسائل الاتصال بهم، وحفزهم إذا أجادوا وعقابهم إن قصروا·
ويزيد من أهمية هذه الإدارة، أن العميل >المصدر< قد يكون أجنبياً فرضت عليه ظروف ما أن يكون عميلاً، وهذا يستدعي المحاذرة في التعامل معه، تعاملاً لا تحسنه إلا إدارة متخصصة كإدارة المصادر·
وعند تكليف مصدر ما بمهمة ما، يجب الاعتناء بالآتي:
> الحصول على المعلومات عن آخر مهمة قام بتنفيذها·
> تذكيره بالأخطاء التي حدثت في آخر مهمة وتصحيحها، ومكافأته على الإنجازات لضمان العلاقة السليمة والولاء·
> تنبيه المصدر إلى الساتر >الغطاء<، وضرورة التقيد به·
> شرح المهمة الجديدة للمصدر بكل تفاصيلها، والاستدلال في الشرح بالصور والخرائط والرسومات، وطرق استخدام المعدات اللازمة·
> التثبت من أن المهمة المكلف بها المصدر مناسبة لقدرته وكفاءته·
> الاهتمام بألا يكلف المصدر بأكثر من مهمة في آن واحد·
> توضيح خطة الأمن للمصدر، وإعلامه بما إذا كانت الأولوية للدقة أم للسرعة·
> توضيح الخطط البديلة للمصدر·
> التأكد من ثقة المصدر بنفسه في تنفيذ المهام ومعالجة أية مشكلة متعلقة بشخصه أو إمكاناته·
> تحديد مكان اللقاء القادم وزمانه، ووسائل الاتصال·
تأمين الجاسوسية
قياساً إلى ما يترتب على عمل الجاسوس من خطورة، فإنه لا منجى له سوى اتباع قواعد أمن محددة، تضمن سلامته، وتنجح مهمته وتشمل تلك القواعد:
> التقيد الصارم بتنفيذ الخطة·
> لكل جاسوس غطاء >ساتر< بمثابة مبرر لوجوده في المكان والزمان المعينين، ويجب أن يكون الساتر متقناً ومناسباً، وأن يعيشه الجاسوس بدقة·
لا بد من أن يلم الجاسوس بأساليب المخابرات المضادة في البلد الذي يعمل فيه·
> يتوجب على الجاسوس أن يخطط مسبقاً للطوارئ المحتملة، وأن يعد أسلوباً للتخلص، فمثلاً، في بحثه عن مكتب للعمل، أو مأوى للسكن فمن الضروري أن يكون للمكان أكثر من مهرب عبر الأبواب·
> على الجاسوس ألا يعقد صداقات عاجلة، ولا يدخل في خصومات ظاهرة، وألا يفصح عن درايته باللغات، ولا يكتب بلغته لأحد حينما يكون في البلاد الأجنبية·
> يتوجب عليه الحذر من المتابعة، وألا يقابل مصادره إلا بعد التأكد من عدم المتابعة، كما أن عليه أن يحرق الأوراق والمستندات، أو يتلفها حتى لا يمكن إعادة جمعها وعلى الجاسوس ألا يبدي اهتماماً بمعلومة معينة، بل عليه أن يسعى للحصول على معلومات كثيرة أخرى· كما أن عليه الحيطة والحذر عند تسجيل المعلومات·
> ينبغي على الجاسوس استخدام وسائل جيدة للإخفاء، فالأرقام والمسافات، مثلاً، يمكن كتابتها كأسعار أو مصروفات شخصية·
> من الضرورة أن يصبح تجنب الجاسوس الثرثرة سلوكاً لازماً له، إلا إذا كان القصد من الثرثرة استدراج الآخرين للإطالة في موضوع ما·
طرق الاتصال
إن الحصول على المعلومات، وإرسالها إلى الرئاسة، هو أساس عملية التجسس، ويغدو البعد السري هنا بالغ الأهمية، لأنه يشكل مكمن النجاح في الانتهاء إلى نتائج مثمرة· وسوى ذلك يكون الأمر كله إخفاقاً في المقدمات ثم إخفاقاً في الحصيلة·
ومن أدوات ووسائل إخفاء المعلومات:
1- الحبر السري : هنالك ثلاثة أنواع من الأحبار المتعارف عليها في الكتابة الأمنية، وهي:
أ- الحبر السري العضوي : وتكتب به الرسائل السرية لأنه لا يرى بالعين العادية، فعند تعريض الرسالة للإحماء بالنار تظهر الكتابة بوضوح·
ب- الحبر السري الكيميائي: وتكتب به الرسائل السرية وعندما تعالج الرسالة بعامل كيميائي معين تبدو كلماتها بوضوح·
ج- الحبر السري المشع: في هذه الحالة تكتب الرسائل بمادة طبيعية، كالمواد المستخدمة في التصوير بالأشعة السينية >X-Rays<، وهي لا ترى عند الكتابة بها على الورق، ولكن يمكن قراءتها بوضوح عند تعريضها للأشعة السينية >أشعة اكس<·
2- الأفلام الدقيقة >micro film<: وهذا النمط يجري فيه استخدام العدسات للتكبير والتصغير، ويكون عند الإرسال لتصغير الرسالة إلى أصغر حجم ممكن، وتصويرها عبر الميكروفيلم، المؤلف من جزئيات هاليد الفضة >halide<، على طبقة من السليلوز >ceilulose< تتفاعل عندما تتعرض للضوء·
3- النقاط المتناهية الصغر >micro<: وتسمى هذه النقطة، أيضاً >النقطة الميكروسكوبية<، وهي تتمثل في تصغير الرسائل حتى تصل إلى حجم نقطة صغيرة تلصق على طابع البريد، أو في نهاية إحدى الفقرات في رسالة عادية، وتعرف النقطة المتناهية الدقة عن طريق استعمال جزئيات الانلين الحساسة تجاه الضوء، وتستخدم النقطة المتناهية الصغر بين الجواسيس، إذ "يضعها أحدهم في مكان متفق عليه، يعرف اصطلاحاً بالنقطة الميتة " في جذع شجرة، مثلاً أو في موضع الهاتف العمومي، ثم يأتي الجاسوس الآخر لالتقاطها دون مقابلة بينهما·
4- الاتصال بوسائل خفية: إن الوسائل الخفية التي يمكن إبلاغ المعلومات عبرها بسرية، من الكثرة بحيث يضيق المجال عن حصرها، ويعتمد تطويرها على الذكاء والخبرة، فمثلاً: يمكن استخدام الصحف اليومية بإعلان مدفوع الأجر عن منزل للإيجار أو مكتب للعمل، ويكون ذلك رمزاً بين طرفين للقاء في زمان ومكان محددين· أو يمكن ذلك بإرسال كتاب، أو صحيفة مع إحداث ثقوب دبوس في الكلمات التي تشكل الرسالة السرية، وعلى هذا المنحى تطَّرِِد كثرة هذه الوسائل وتنوعها·
الإخفاء
الإخفاء وسيلة قديمة، ظل يستخدمها الإنسان كلما أراد ألا يبلغ ما تخفيه أيدي الآخرين أو أعينهم، ولكن أجهزة التجسس طورت هذا الأسلوب إلى علم وفن راقيين، فالأدوات التي يستعملها الجواسيس تصنع في حجم صغير يمكن إخفاؤه بيسر، فصرنا نشهد آلات التصوير ومكبرات الصوت التي يمكن دسها في غلاف كتاب أو غطاء، مثلاً كما مضت التقنية تصنع أدوات منزلية أو مكتبية عادية، تحوي أمكنة للإخفاء، مثل المواضع السرية في حقائب السفر، وطفايات السجائر كما استحدثت وسائل إلكترونية ومغناطيسية لمزج الأصوات، مثل نشر طيف الأصوات أو إخفائه·
أما في مجال إرسال المعلومات فإن علم الإخفاء يعتمد عليه في نظام الشفرة والرموز >cypher and codes<، فنظام الشفرة يرمي إلى تحويل الرسالة العادية وفق قواعد متفق عليها إلى أشكال يصعب حلها إلا على من يعرفون تلك القواعد المتفق عليها·
>الشفرة متعددة الأبجدية< (pclyalphabeti cipher) وهي تعامل الحروف الأبجدية حسب تشكيلها، وتستخدم مفاتيح مختلفة في المواضيع المختلفة من النص، دون تكرار أو نمطية في تطويع الحروف· ولا شك في أن اختلاف إعراب الكلمات واختلاف تشكيل الحروف العربية يعطي الشفرة العربية درجة أكبر من السرية·
أما الرمز أو الكود فهو اصطلاح يختلف عن ا لشفرة، فبينما تستخدم الشفرة حرفاً أو رقماً ليرمز إلى حرف أو رقم آخر فإن الكود يستخدم كلمات بل أحياناً جملاً لتمثل كلمة أو كلمات أو جملاً أخرى، >والرمز< هو عملية تعويض من عنصر واضح بمجموعة رمزية >كودية< وقد يُترك جزء من الرسالة >المرمزة< واضحاً، فيستخدم الرمز لإخفاء الأجزاء السرية الهامة فقط·
والرسالة المرسلة بالشفرة أو >الرمز< تتطلب مزيداً من إجراءات التأمين، مثل إرسال الشفرة دون مواعيد منتظمة، ومضاعفة سرعة التسجيل في حالة الرسائل المرسلة عبر الهاتف السلكي واللاسلكي، واتباع إجراءات أمن وسائل الاتصال الذي أفردنا له حيزاً خاصاً في ما سبق·