إسلام اباد: رفضت الولايات المتحدة مرة جديدة طلب باكستان تأمين نقل تكنولوجيا الطائرات دون طيار الفتاكة لجيشها بغية تحقيق "أهداف أكثر دقّة" في صفوف المتشددين من طالبان والقاعدة الذين يختبئون ضمن نطاق قبلي مضطرب في المنطقة الشمالية على الحدود مع أفغانستان، بحسب مصادر عسكرية ودبلوماسية في المنطقة.
وقد أعلنت المصادر نفسها الأسبوع الماضي أنّ رئيس وكالة المخابرات العسكرية الباكستانية الفريق ظهير الإسلام الذي يملك تأثيراً كبيراً في أفغانستان، قد أثار المسألة في اجتماعه مع رئيس وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية في واشنطن دون أن يتوصّل إلى إقناع نظيره الأميركي بالفكرة.
ومن جهته أعلن مسؤول عسكري رفيع المستوى رفض ذكر اسمه نظراً لحساسية الموضوع ودقّته لموقع الأمن والدفاع العربي – SDA، أنّ "نقل تكنولوجيا الطائرات دون طيار شكّلت إحدى المسألتين الرئيسيتين اللتين ناقشهما مدير الاستخبارات المركزية الأميركية ونظيره الباكستاني مع مسؤولين عسكريين رفيعي المستوى من كلي الطرفين خلال اجتماعهما مؤخراً في واشنطن."
وقد أكّد المسؤول العسكري أنّه لم ينتج عن الاجتماعات التي عقدت مؤخراً أية "نتيجة جوهرية" نظراً لأنّ الفريقين رفضا التنازل عن موقفهما.
وفي إطار الحديث عن الضغط الأميركي المستمر على باكستان لتطلق هذه الأخيرة عملية عسكرية ضد شبكة حقاني القوية المتمركزة في شمال وزيرستان والتي تؤثر على محافظات بكيتا، بكتيكا وولاية خوست في شرقي أفغانستان، أعلن المسؤول:"لم يكن الطرف الأميركي متحمساً في الرد على طلبنا بخصوص نقل تكنولوجيا الطائرة دون طيار، بل استمرّ رئيس الاستخبارات المركزية الأميركية بالتشديد على ضرورة شنّ هجوم عسكري على شمال وزيرستان."
وقد أفادت وسائل الإعلام الأميركية بعد الاجتماع أنّ الحليفين المقرّبين في موضوع ما يسمى الحرب على الإرهاب اتفقا على تنفيذ عملية مشتركة أطلقا عليها اسم "الطاقم الليلي" في شمال وزيرستان، لكنّ المسؤولين الباكستانيين أنكروا هذه التقارير وأعلنوا أنّه "ما من اتفاق أو تفاهم حول أي عملية عسكرية. فقد كان هدفنا أنّه في حال تم توفير تكنولوجيا الطائرة دون طيار لباكستان، سيكون من الممكن معالجة مسألة فقدان الدقة بفضل شبكة استخبارات بشرية أفضل بكثير من وكالات الاستخبارات الخاصة بنا في شمال وزيرستان وجنوبها."
وبحسب مؤسسة أميركا الجديدة ومنظمة العفو الدولية فقد قُتل 3 آلاف شخص في أكثر من 300 هجوم طائرات دون طيار في شمال وزيرستان وجنوبها منذ العام 2004، حيث أنّ 50 بالمائة منهم من المدنيين وبينهم أطفال ونساء.
يشار إلى أنّ بعض المحللين يعزون السبب الرئيسي وراء رفض سلطات الدفاع الأميركية إلى الخوف من أن تصل تلك التكنولوجيا إلى أيدي طالبان والقاعدة.
ولكنّ محلل الأمن والدفاع في كاراتشي إكرام سيغال، لا يوافق على هذا الرأي.
"فإن طلب باكستان امتلاك تكنولوجيا طائرة دون طيار لا يقتصر على موضوع وزيرستان فحسب. فباكستان تريد تكنولوجيا الطائرة دون طيار كميزة مستمرّة لأمنها ودفاعها الوطني." بحسب ما صرّح به سيغال لموقع الأمن والدفاع العربي.
وأضاف: "تمتلك باكستان أصلاً تكنولوجيا الطائرات غير المسلّحة، ومن الممكن أن يعزز التعاون مع الولايات المتحدة الأميركية هذه التكنولوجيا لدرجة كبيرة. ففي حال حصلت باكستان على تكنولوجيا الطائرة دون طيار، ستكون قادرة على تحويل تكنولوجيا الطائرات غير المسلّحة إلى تكنولوجيا طائرات مسلّحة مما قد يشكّل دعماً كبيراً لأمنها."
واعتبر إكرام سيغال أنّ "الولايات المتحدة تضع شروطاً صارمة في موضوع تصدير العديد من تقنيات الدفاع لديها.
وأضاف قائلاً: "حتى في حالة أرادت إدارة أوباما نقل تكنولوجيا الطائرة دون طيار، فهي غير قادرة على ذلك بسبب هذه الشروط التقليدية. الموضوع في الواقع لا يقتصر على باكستان بشكل خاص، بل إن الولايات المتحدة الأميركية لن تنقل أي تكنولوجيا دفاع خاصة بها من هذا القبيل حتى للمملكة المتحدة التي تعتبر شريكتها في الحرب في العراق وأفغانستان. وبالإشارة إلى صناعة إنتاج الدفاع الكبيرة الباكستانية، يرى سيغال أنّ المنافسة في إنتاج الدفاع سبب رئيسي آخر يمنع الولايات المتحدة من نقل تكنولوجيا الطائرة دون طيار إلى حليفها المقرّب."إنّها مسألة منافسة وملاءمة. كيف يستطيع بلد واحد بسهولة نقل التكنولوجيا التي عمل عليها بجهد إلى منافسيه."
في الواقع، يعتقد سيغال أنّ الولايات المتحدة الأميركية التي كانت ملتزمة بتعاون دفاعي واستراتيجي أساسي مع الهند، بخاصة في أفغانستان، لا تريد مضايقة عملاق تكنولوجيا النووي الآسيوي عبر نقل تكنولوجيا الطائرة دون طيار إلى منافسيه.
وقد عبّر سيغال عن أنّ "باكستان ليست الدولة الوحيدة التي تشكّل جزءاً مهمّاً من حرب بالوكالة ضد الصين، بل الهند أيضاً. لذا فإنّه من غير السهل على الولايات المتحدة الأميركية اتخاذ قرار توفير تكنولوجيا الطائرة دون طيار لباكستان على حساب علاقات الدفاع والعلاقات الإستراتيجية مع الهند."
وفي حديث عن غياب الثقة بين وزارتي الدفاع الأميركية والباكستانية، أشار سيغال إلى تخوّف مسؤولي الدفاع الأميركيين من أن تستخدم باكستان هذه التكنولوجيا للتفوق على الهند، مع العلم أنّه لا يعطي أهمية كبيرة للقلق الأميركي.
هذا وقد تذرّع العديد من أعضاء الكونغرس ومجلس الشيوخ الأميركي مجدداً بأنّ باكستان تبذر أموال دعم التحالف المخصصة للحرب على الإرهاب فقط، من أجل تقوية دفاعها ضدّ الهند التي تشكّل عدواً يمتلك سلاحاً نوويّاً.