guermat rabah نقـــيب
عدد المساهمات : 823 نقاط : 69 سمعة العضو : 2 التسجيل : 25/12/2008
| موضوع: الاستقلال وبداية الكارثة : السبت فبراير 07, 2009 11:07 am | |
| كان محمد بوضياف يحلم بجزائر قويّة تعتمد على نفسها , وتعمل على ترجمة الأهداف الكبرى التي سطرتها ثورة التحرير المباركة بدماء مليون ونصف مليون من الشهداء , وكان بوضياف يأمل أن أن يتحد رفاق الأمس الذين ضحّوا بالغالي والنفيس من أجل تحرير الجزائر , الاّ أنّه شاهد بداية تمزق صفوف الثوّار وانحرافا عن خطّ الثورة الأصيلة , وعايش بنفسه ظهور المحاور والتكتلات التي كادت تتسبب في اندلاع حرب أهلية في الجزائر . وكان متضايقا من تهميش بعض مفجري الثورة الجزائرية , وهاله أن يحتل ضباط فرنسا المواقع الأمامية على حساب الثوّار الحقيقيين . وتعود قصّة التمزق الى ما قبل الاستقلال الجزائري بقليل عندما فرض بعض عقداء جيش التحرير الشعبي أراءهم على باقي الثوّار وسعوا لخلق تكتلات داخل صفوف الثورة الجزائرية , ويعترف رئيس الحكومة المؤقتة يوسف بن خدّة أنّ الخصام بين ثوّار الأمس قد بلغ الذروة , وهو لذلك فضّل الانسحاب من الساحة السياسية في وقت مبكّر . ورغم الدعوة المتكررة لاعادة كتابة تاريخ الثورة الجزائرية بسلبياتها وايجابياتها , فانّ العديد في الجزائر ما زال يضع العراقيل في وجه هذه الدعوة , وربما يخشى هذا البعض من رفع الغطاء عن العديد من الذين خانوا الثورة الجزائرية وأسعفهم الحظ على تولّي مناصب حسّاسة في الجزائر . وهذه المتناقضات بين ثوّار الأمس في عهد الاستقلال كادت تؤدي الى حرب أهلية , ولما تفاقم الصراع خرج الشعب الجزائري متظاهرا في الشوارع رافعا شعار : سبع سنوات تكفينا , في اشارة الى السنوات السبع التي قضّاها الشعب الجزائري في محاربة الاستعمار الفرنسي . وقد حسم الصراع لصالح قيادة الأركان والتي عينّت أحمد بن بلة على رأس الدولة الجزائرية الفتية . وقد اعترف بن بلة أنّه كان ضئيل الثقافة والخبرة ورغم ذلك فقد حاول مع رفاقه أن يبني معالم الدولة الفتية , وكان رفاقه يأخذون عليه استحواذه على ثمانية مناصب حسّاسة في وقت واحد , وهو الأمر الذي أثار حفيظة بعض رفاقه الذين فسروا تصرفه أنّه سلطوي وديكتاتوري . و كان محمد بوضياف أحد الناس الذين هالهم تحريف الثورة الجزائرية عن مسارها وتغليب الأنا في معالجة الأمور بدل المصلحة الوطنية العليا , ولما كان أحمد بن بلة يخشى جانبه أمر باعتقاله وايداعه السجن ثمّ حكم عليه بالاعدام بتهمة التأمر على أمن الدولة . وعن هذا الاعتقال قال محمد بوضياف : أنّ اعتقاله تمّ بطربقة بشعة حيث كان يتجول في الشارع وجرى اعتقاله ثمّ أبدى استغرابه لكون الشخص الذي امر باعتقاله البارحة من دعاة الديموقراطية اليوم . وبعد أن تدخلت أطراف متنفذة ولاعتبارات تتعلق بماضي بوضياف التاريخي أطلق سراحه, ففضّل مغادرة الجزائر وبشكل نهائي , وأقام بشكل مؤقت في باريس حيث أسس حزبا معارضا اشتراكيّ التوجه , كما ألّف كتابه الشهير الجزائر الى أين ! وفي هذا الكتاب تحدث عن مصير الثورة الجزائرية والخلل الذي انتاب مسيرتها , وبعد فترة لم تدم طويلا قام بالغاء حزبه , وفضلّ الاقامة في القنيطرة في المغرب , وقد أقام مصنعا للأجر وظلّ يتابع الأحداث في الجزائر دون أن يدلي بأي تصريح أو تعليق لوسائل الاعلام. وقد رفض محمد بوضياف جميع الدعوات التي وجهها اليه هواري بومدين بالعودة الى الجزائر غداة اطاحته بأحمد بن بلة في 19 حزيران – جوان –1965 , الاّ أنّه رفض كل هذه الدعوات محبذا المنفى على معايشة مشاهد اغتيال الثورة الجزائرية . وكان محمد بوضياف في المغرب محط رعاية العاهل المغربي الراحل الحسن الثاني , كما كان محل احترام السكان المجاورين له . وقد استطاع وهو في المغرب وكما قال هو شخصيا أن يحقق ثروة تكفل له ولأبنائه وزوجته العيش بكرامة , ولذلك لما عيّن على رأس المجلس الأعلى للدولة في مطلع سنة 1992 رفض أن يتقاضى راتبا ليؤكّد على نزاهته , وأنّه يختلف عن الأخرين الذين اختلسوا أموال الجزائر وصيرّوها بعد غنى وثراء فقيرة تستجدي العون من البنوك الدولية.. |
|