قراءة إستراتيجية// تطورات التدريب والتشبيه

ساعد العبور تدريجياً من التدريب على الطيران السريع نحو الاعتماد اكثر على مشبهات الطيران وبيئات التدريب الاصطناعية، التقدم السريع في الاداء الفعلي والتفاعلي في تكنولوجيا التشبيه الرقمية. وكما شوهد خلال العشرين سنة الماضية، تمكّنت خدمات الطيران العسكرية حول العالم من اعتماد المشبهات على الارض على نطاق واسع للتعويض عن الوقت الفعلي الذي يقضيه الطيارون الطلاب والمدربون على طائرات التدريب على الطيران او على طائرات القتال العملانية المجهزة بمقعدين، التي تستهلك وقوداً وتستعمل هيكلاً ومحركات ثمينة تمضي ساعات في الطيران على هذه المهام الروتينية. ولما كانت نسبة عالية من التدريب على الطيران في الجو تعتبر اساسية، فان الضغوط المالية الكبيرة على الميزانيات الدفاعية اجبرت قوات جوية عديدة والجيش وخدمات الطيران البحرية على تعديل اولويات التدرب نحو انماط من التدريب الاصطناعي لزيادة الانتاجية الى اقصى حد. وان الطيران الفعلي والمهارات التكتيكية لا يمكن اعتمادها على الاطلاق على نظم التدريب الاصطناعية، الا ان المنحى في هذا الاتجاه بات لا يشفي غليلاً بالنسبة لمعظم انواع التدريب على الطيران. وقد تم تحويل هذا، بالاضافة، الى نواحي اخرى من المهارات العسكرية والتدريب التكتيكي لمشغلي النظم الذين هم حالياً لاعبون رئيسيون في تأمين قوة جوية متكاملة.
ان كل النظم الجوية دون طيار يشغلها حالياً مراقبون من بعيد من مراكز على الارض او في طائرات مأهولة، او حتى حيث تتمتع المركبات الجوية دون طيار بجانب طيران اوتوماتيكي وبقدرات تكتيكية مستقلة، فان المراقبين البشر يحتاجون لتدريب عميق وتأمين تشغيل سليم وموثوق لهذه الأصول الجوية الجديدة الثمينة.

الأزمة الحديثة في الأجهزة العسكرية الأميركية، التي أحدثها العجز في الميزانية الوطنية والحاجة الى اجراء خفوضات جذرية في الانفاق العسكري، ادت الى وضع قيود حادة على عدد ساعات الطيران التي يجب ان تنفذها الوحدات العملانية والتدريب على الطيران خلال كل شهر. وقد تم تجميد العديد من اسراب الطيران على الارض في محاولة لادخار بلايين الدولارات، واجبار عدد اضافي من الطيارين والأطقم الأخرى على التحول الى المشبهات لدعم مهاراتهم خلال هذه الفترة الصعبة.
اما في اوروبا، فقد خفض العديد من القوات الجوية عدد ساعات الطيران ويتحولون ايضاً الى مشبهات الطيران والى مساعدات تدريب اخرى تعتمد على الكمبيوتر للحفاظ على المهارات، في حين تخفض ساعات الطيران. ولولا لم تكن متاحة المشبهات الفعلية المنتشرة على نطاق واسع، لكانت الاوضاع حينئذ خطيرة جداً، كما حدث مرة انه تعرض الطيران النظامي ومستويات المهارة التكتيكية للانخفاض. من ناحية الاداء الفردي، وفي هذه الحال لا تنحط قدرات الدفاع العسكرية فقط، بل يتعرض الطيارون لمجازفات كبيرة. ففي العقود الماضية، عندما انخفض التدريب على الطيران لادخار المال، ارتفعت الحوادث الجوية ومعدلات الوفيات، كما يمكن التوقع، لذلك يمكن ان يصبح هذا ادخاراً خاطئاً ما لم يسمح للطيارين، بممارسة مهاراتهم على الارض في اكثر البيئات الفعلية الممكنة. وليس هناك شك ان احدث مشبهات الطيران الثابتة والتي تتمتع بحركة تامة يمكن ان تشكل بيئة حاضنة تماماً للطيارين مع القدرة على ايجاد اوضاع طارئة، مثل فشل المحرك والنظام والأحوال الجوية المعاكسة في النهار او الليل وسيناريوهات التهديد التكتيكي المحمولة جواً مع مقاومة جوية وارض - جو مشبَّهة.
ويمكن تنفيذ كل هذه السيناريوهات باستعمال خلفيات بصرية بصورة فعلية قريبة من الابعاد الثلاثية، التي يمكن اختيارها لتشبيه الاوضاع الجغرافية المرغوبة من الصحاري والجبال الى الخطوط الساحلية او الى المدن.
ان مستوى التفاعل الواقعي لا يمكن تمييزه حالياً تقريباً عن القيام بمهمة جوية فعلية. ويمكن تكرار الطيران بتشكيلات وتكرار المواجهات القريبة ونقل الوقود جواً تربط مشبهات متعددة معاً اذا دعت الحاجة، حتى لو كانت قائمة في اماكن مختلفة. وسوف تكون البيئة الاصطناعية من القمرة الافتراضية كاملة - والطيارون الذين يظهرون بعد تنفيذ مهام كثيفة متعددة يشعرون غالباً بمستويات الانتعاش والاعباء نفسها من افرازات الادرينالين العالي. لا شك ان برامج التدريب على الطيران التقليدية القديمة لا تأخذ وقتاً طويلاً فحسب لتولد نتائج جيدة. اذ ان العديد من طائرات التدريب اخذت تقترب من نهاية حياتها المفيدة، وهي بحاجة للاستبدال. وباستثمار مشبهات طيران بصورة كاملة اكثر، سوف تدعو عندئذ الحاجة الى اساطيل طائرات تدريب اصغر، مما يجعل الافادة من صناديق الاموال الدفاعية مفيدة اكثر. ولكي تعزز فعالية الادخارات، فان بنية التدريب بحاجة اجمالاً لأن تكون متكاملة تماماً لتخلق الميزان الصحيح بين ساعات التدريب الحي والاصطناعي المطلوبة واعتماد اكثر خليط من مشبهات الطيران المناسبة تماماً ونظم التدريب الاصطناعي الأخرى وصولاً الى الكمبيوترات المكتبية والشخصية والأدوات المستعملة على الطاولات.
من المؤكد ان الفرص امام الطيارين المتدربين لم تكن ابداً اكبر للتمتع بها في الدروس التي هي تحت تصرفهم مباشرة من حيث البيانات والمعلومات التقنية حول كل ناحية من دروس التدريب، انطلاقاً من التحكم بالطائرة والتعرف على النظم وصولاً الى تخطيط الملاحة والمهام. ان استعمال هذه الاسعافات له فوائد اضافية كبيرة باعتبار انه يمكن الوصول الى البيانات المسجلة في اوقات الطلاب الخاصة، بين جلسات الدروس الرسمية، ويمكن اعادة التمارين وبحثها مع اركان التدريس وهذا يوفر الوقت والمال واسلم من استنفاد كل هذه السيناريوهات من خلال الطيران الفعلي.
ان طموح مخططو التدريب ينبغي ان يدمج الحل الناشىء في برامج تكاليف معقولة يمكن ضبطها، التي تأخذ بالاعتبار العوامل التالية: افضل استعمال للتكنولوجيا المتاحة المجرّبة التي تجعل الخطة متكاملة ومرنة، كما يجب ان يكون هناك منعطف تعليم ثابت للتعامل مع قدرة الطلاب على استيعاب وتطوير المهارات الجديدة وهم يتقدمون فسواء أمَّن حل التدريب اجمالاً مؤسسة عسكرية داخلية او مورداً تجارياً متعاقداً، فسوف يكون هناك حتماً شراكة وثيقة بين كلبائن العسكريين وموردي نظم التدريب الرئيسيين. اذ اصبح اختيار المشبّه الصحيح في الأوقات الأخيرة اسهل باعتبار ان هناك مزيد من التصاميم التضمينية ووحدة ثابتة مبسّطة او أجهزة تدريب فوق المكتب يمكن اعادة تصميمها على الشاشة لتمثل طائرات مختلفة بالاضافة الى مهام تدريب مختلفة. حتى انه يمكن اعادة تصميم مشبهات طيران كاملة بصورة اسهل تأخذ بالاعتبار تغييرات في التحديث وتعديلات أخرى. والواقع ان الطائرات العملانية من الجيل الجديد تتميز بشاشات عرض متعددة الوظائف في قمراتها تعني انه من السهل على البرمجية اعادة انتاج تصاميم مختلفة مقارنة، عندما كانت كل شاشات العرض الرئيسية شاشات فردية او ساعات تقليدية.
اصبحت سوق مشبهات الطيران مجالاً نامياً مهماً جداً، في الوقت الذي باتت فيه مبيعات الطائرات النفاثة السريعة العسكرية الجديدة نادرة نسبياً. فالمؤتمر الأخير الذي عقده معرض (ITEC) في روما اظهر بوضوح كيف تعالج الشركات حاجات التدريب للقوات الجوية من خلال نظم المشبهات الجديدة ومساعدات التدريب والبرمجية المعززة ورزم التدريب الاجمالية التي تشمل كل خدمات الدعم الداخلي المهمة طوال الحياة.
في تعليق في خطابه الرئىسي في اليوم الاول لاحد المؤتمرات، قال الجنرال كارلو ماغراسي (Lt. G. Carlo Magrassi)، نائب قائد سلاح الطيران الايطالي وقائد القوات العملانية الايطالية: ان النظم المستعملة في مجال الدفاع هي نظم قوية ومعقدة وباهظة التكاليف بصورة متزايدة، وسوف تكون السيناريوهات في المستقبل لا يمكن التكهن بها بصورة رئيسية، مثل الحرب غير المتماثلة والحرب المدينية التي تتمتع فيها العمليات بالامكانية على التأثير على السكان. وكل هذه المناحي تولد تغييرا فعليا في الموقف والسلوك تجاه تدريب الرجال والوحدات والقادة. وهذه العوامل تدفعنا لنأخذ بالاعتبار بشكل اعمق حول كيف سيكون التدريب والتثقيف قادرين على ادارة النظم المعقدة المزوّدة مع موارد قليلة. ويبدو ان التكاليف المخفضة تشكل العامل الرئيسي للحفاظ على التدريب وعلى الميزان العملاني متقدما. وقد اعلن كثير من موردي مشبهات الطيران الرئيسيين في المؤتمر عن احدث تطوراتهم الخاصة.
تشارك شركة (Selex ES) التابعة لشركة (Finmeccanica) في طيف تطبيقات التشبيه بكامله، انطلاقا من شبكة البيئات الاصطناعية المخابراتية المتفاعلة مع منصات متعددة وصولا الى تشبيه المستشعرات للتدريب على المهام والصيانة. وتُبنى نظم التشبيه حول مجمعات إنشائية خاصة طوّرت في داخل البناء. وقد دمجت التكنولوجيات الجديدة، مثل البيئة الافتراضية السريعة، او التدريب المكثّف واحد المنتوجات الذي عرضته شركة (Selex ES) في معرض (ITEC) كان طائرة تدريب جديدة لصيانة الطائرات المدمجة، التي تتيح لمهندسي الخدمات التعريف بانفسهم على الطائرات الحديثة وتمكّنهم من معرفة وسائل الادراك الضرورية لتشغيل منصات الطائرات الحديثة ونظمها واصلاحها. وقد عُرض منتوج آخر هو مدرب على نظم الكترونيات الطيران المستعمل لدراسة واصلاح نظم الكترونيات الطيران على متن الطائرة. وان مشبّه الرادار المحمول جوا باساليب متعددة (MARS) هو برمجية تؤمّن تشبيها سريعا للنظم الرادارية الرئيسية جو - جو وجو - سطح. وقد صمم ليدمج بسهولة بمشبهات طيران مختلفة. ويستعمل حاليا على مشبهات (Eurofighter).
عرضت الشركة ايضا في معرض (ITEC) مدربا مكتبيا على مهام المقاتلة (FMDT)، وهو اداة تشبيه يُعاد تصميمها، تمنح تشبيه مستشعر كامل، عُرض في بيئة فعلية. وعُرض ايضا مختبر (MALE Battlelab)، الذي يمثل حلا تضمينيا منخفض التكاليف لتطوير وتجربة وتشبيه مهام المركبات الجوية دون طيار.
ان شركة (CAE) هي شركة رائدة عالميا في التشبيه على الطيران، تستخدم 8000 موظف في 100 موقع واماكن تدريب في 30 بلداً مع مبيعات للقوات الدفاعية في اكثر من 50 بلدا. وتغطي العقود الاخيرة للزبائن العسكريين سلسلة من متطلبات التدريب تشمل تصميم وصناعة عدد من المشبهات بمهام تامة، يمثل كل مشبه نسخة من القمرة بدقة عالية، تحيط بها شاشة في قبة امامية بارزة تبلغ مساحتها 11 قدما. وسوف تزوّد الشركة (CAE) ايضا بموجب هذا العقد اجهزة تدريب اجرائية مدمجة واداة تدريب تصريف وجهاز تدريب على قذف المقعد ومجموعة من نظم التلخيص. وقد مُنحت الشركة (CAE) ايضا عقودا لتقدم بموجبها دعما للخدمات الداخلية لاسطول مقاتلات (CF-18 Hornet) في سلاح الجو الكندي الملكي. واعلنت الشركة (CAE) في المعرض (ITEC) انها سلّمت حاليا نظاما بصريا محدثا لمشبه الطوافة البحرية (Lynx Mk 8) في البحرية الملكية. وان مشبه طيران المهام الذي تزوّده الشركة (CAE) انجز اكثر من 000،100 ساعة طيران لاطقم طوافة (Lynx). واتاح احدث نظام بصري (Medallion-6000) من الشركة (CAE) للبحرية الملكية ان تحول درجة كبيرة من التدريب من الطيران الحي الى المشبه. وان التدريب على مشبه (OC Lynx) في قاعدة البحرية الملكية (RNAS) في المملكة المتحدة تحقق تحديثه في الموعد المقرر وبالميزانية المقررة، واصطحب معه فائدة الاتاحة لاطقم الجو في البحرية الملكية القدرة على تطوير مهاراتهم الملاحية على مستوى منخفض خلال العمليات في اوقات النهار، لكن الاهم هو في الليل لدى استعمال نظارات الرؤية في الليل. وان التدريب على المشبهات يتيح للاطقم ان يتدربوا في مجموعة من الاحوال الجوية المختلفة، تندرج من الاجواء الزرقاء الصافية طوال الوقت الى عواصف الرياح القوية. ويتمتع اطقم طوافة (Lynx) في البحرية الملكية (RN) حاليا بنظام رؤية ذات دقة عالية بفائدة انهم يستطيعون ان يتدربوا في كل الاحوال الجوية تقريبا التي يحتمل ان يواجهوها في العالم الواقعي، على ان يفعلوا ذلك في بيئة آمنة وبتكاليف منخفضة. وان نظام التقاط الصور (Medallion-6000) من شركة (CAE) الكندية هو قيد العمل في العديد من البرامج المختلفة ويولد بيئات افتراضية حقيقية بظلال ديناميكية خفيفة ترتبط بمواقع الشمس والقمر وصور وانسجة ذات دقة عالية وما يُزعم بانه اعلى كثافة مشهد في السوق.
قراءة إستراتيجية// تطورات التدريب والتشبيه 1288_957_s

قراءة إستراتيجية// تطورات التدريب والتشبيه 1288_957_s

» اخر تطورات السلاح الايرانية
» إستراتيجية الدوران
» إستراتيجية عسكرية
» إستراتيجية عسكرية
» دراسات إستراتيجية