التدابير الأمنية الأخيرة أدخلت شبكات التهريب في حلقة مفرغة الجيش والدرك في حرب تطهير الحدود
عرفت الأيام الأخيرة، تراجعا لافتا في نشاط تهريب الوقود عبر الحدود، خصوصا من جهة تبسة، نتيجة التعبئة الشاملة لقوات الجيش والدرك للتصدي للظاهرة، التي أخذت منحنيات خطيرة باستنزاف 25 بالمائة من الإنتاج الوطني، وتمكّنت تحركات الجيش والدرك الأخيرة من شلّ شبه تام لـ «الحلابة» من جهة تبسة، التي فجّرت أزمة الوقود الأخيرة، ومغنية بتلمسان، التي تستهلك عشر مرات الوقود الذي تستهلكه العاصمة، الجنوب من جهة إيليزي وتمنراست، أين تنتعش مقايضة المواشي بالإفريقية والوقود المهرّب. دخلت شبكات التهريب عبر الحدود، التي تدير 10 آلاف مركبة رباعية الدفع تستخدم في التهريب في أزمة حقيقية بعد التدابير الأمنية الحازمة، التي أعلنت عنها مختلف أجهزة الأمن ودخلت حيز التنفيذ، خصوصا ما تعلق بترخيص وزارة الدفاع لوحدات الجيش الوطني الشعبي مؤخرا بإطلاق النار مباشرة على المهربين إذا لم يستجيبوا للإنذار الأول، فضلا على رقابة مشدّدة على نقل الوقود ومشتقاته بمحطات توزيع البنزين، ومراقبة العربات المزودة ببراميل وقود بسعة 200 لتر وكذا سيارات من أصناف معروفة باستعمالها من قبل المهربين كـ «هيليكس»، إضافة إلى اختراق أعوان الأمن لسوق المقايضة بين التّجار بالجنوب الكبير ونظرائهم بمالي والنيجر، خصوصا بإليزي، أدرار وتمنراست، وبدأت مؤشرات تحجيم نشاط المهربين إثر الإجراءات الحكومية والأمنية، تظهر في انخفاض محسوس للكميات المهرّبة، عكس شهور سابقة، أين وصلت كمية الوقود المهربة خلال السداسي الأول من السنة الجارية فقط أكثر من نصف مليون لتر وبالتحديد 800 ألف لتر، وانعكس ركود نشاط المهربين على فتور حركة وسطاء المهربين من الشباب وسكان بعض الولايات الحدودية، المغرّر بهم لاستخدام مركباتهم في نقل براميل الوقود، وهذا بفضل الرقابة الصارمة المفروضة عليهم وتتبّع تنقلهم من محطات البنزين إلى الوجهات النهائية للوقود، ويذكر أنّ الشبكات المنظّمة لـ «الحلابة» تشغّل تسعة آلاف مركبة لتهريب الوقود بمنطقة مغنية بولاية تلمسان، إلى درجة أنّ مغنية على الحدود مع المغرب باتت أهم معابر المهربين بتلمسان، التي تستهلك سنويا كميات وقود تعادل ما تحصل عليه 10 ولايات، كما تفوق كمية الوقود بذات الولاية ما تستهلكه العاصمة، وتتوزّع هذه المركبات بين 7000 مركبة دائمة النشاط و2000 أخرى موسمية، وكان المدير الجهوي للجمارك بتلمسان، كشف عن حجز أكثر من 43 ألف لتر من الوقود خلال الثلاثي الأول من السنة الجارية فقط، وأفاد المسؤول أنّ ما يفوق 100 ألف لتر كانت موجهة نحو المغرب خلال السنة الماضية، وبالحدود الجنوبية، أين ينتعش تهريب الوقود منذ التدخل الفرنسي بشمال مالي، الذي فرض على الجماعات الإرهابية والحركات المسلحة بإقليم أزواد المتاخم للحدود الجزائرية خناق، وزادها التطويق الأمني المحكم لقوات الجيش والقوات المشتركة مع الدرك المنتشرة على طول الحدود المالية تخبّطا، فما كان منها إلا التحالف مع المهربين مقابل تامين تحركاتهم بالصحراء الشاسعة و عدم التعرض لهم، وحسب تقارير حديثة تعتبر إليزي، إحدى الولايات الثلاثة المرخّص لتّجارها بممارسة المقايضة مع تجار أفارقة معبر هام لـ «الحلابة»، وتدير شبكات التهريب نحو 800 بإيليزي. ومكّنت التدابير الأمنية الأخيرة، بفضل استعمال رادارات تقصّي تحركات المهربين عبر الأودية المنخفضة والمسالك الوعرة، وتنصيب كمائن وحفر خنادق للإيقاع بـ «الحلابة»، تشديد الرقابة على مسار نقل براميل الوقود من سعة 200 لتر، إلزام أصحاب محطات الوقود بعدم تزويد الشاحنات بأكثر من 40 لتر وسيارات الصنف الأول بـ 60 لتر، تفكيك مخابئ التهريب السرّية بعمق الصحراء، ترصدّ وتفتيش ومن ثم إيقاف المركبات المهيئة لتهريب الوقود، وأخيرا الترخيص بإطلاق النار على «الحلابة» بعد أول إنذار، من انخفاض حجم التهريب على الحدود الجنوبية، بعد أن كان ما نسبته 75 بالمائة من حصة الوقود الإجمالية الخاصة بولايات الجنوب يهرّب، بفضل سيارات الدفع الرباعي المزودة بمخازن إضافية تسمح بتهريب 400 لتر بنزين بواسطة سيارات تويوتا «أف جي 55 «، ونشير أنّ قوات حرس الحدود التابعة لقيادة الدرك الوطني حجزت خلال ستة أشهر فقط 77 سيارة رباعية الدفع وشاحنة تستخدم في تهريب الوقود عبر الحدود.
المحور