كانت الأسلحة في البداية تمر خاصة عبر الحدود الشرقية والغربية والجنوبية ذلك عن طريق قوافل دوريات من المجاهدين، التي كانت تذهب من الداخل إلى تونس والمغرب إلى الرجوع إلى، كذلك تكوين كتائب في تونس والمغرب تعمل على نقل الأسلحة إلى الداخل.
وإذا كانت الدوريات لعبت دورا مهما في بدايتها إلا أنها في النهاية كانت وراء موت آلاف المجاهدين، حيث أصبح الجيش الفرنسي يتتبع خطواتها ذهابا وإيابا فيترصدها بقوات كبرى وكانت هذه الدوريات عندما تذهب إلى الحدود لا تأخذ معها أسلحة، وهذا يعرض أغلب أفرادها إلى الاستشهاد في حالة إشتباك مع العدو، وقد تضاعفت هذه الصعوبة بعد إنشاء خط موريس، لأنه أصبح مكن الصعب جدا المرور عبر هذا السلك المكهرب.
وكان عدد أفراد الدوريات يبلغ أحيانا حتى 232 مجاهدا و34 بغلا وتبلغ الأسلحة كمية الأسلحة التي تجلبها 400 بندقية و4 مورتيات 45 مام، و20 مدفع رشاش و52.000 خرطوشة، وحمولة بغلين من الأدوية، وقد تدوم المسيرة من تونس إلى الولاية الثالثة مثلا 24 يوما وهذا في الضروف العادية.
أما نوعية الأسلحة التي كانت تأتي من الخارج في هذه المرحلة فإن الأسلحة الخفيفة، هناك المدافع الرشاشة، والبازوكة، والمورتيات 45، ووسائل الإتصال اللاسلكية.
وكان قد تقرر في مؤتمر الصومام، أن تتزود الولايات الأولى والثانية والثالثة من الحدود الشرقية، والولايات: الرابعة والخامسة والسادسة من الحدود الغربية وكذلك ادخلت الأسلحة بطرق أخرى مثل إخفائها مع أشياء أخرى، كما كانت هناك شبكة لإرسال البلاستسك من تونس إلى الجزائر في صناديق الحوت، وكانت القنابل التي انفجرت في العاصمة (مثل ملك بار)، صنعت من هذا البلاستسك، وان السلكات الفرنسية اكتشفت التونسيين الذين كان يتم عن طريقهم جلب البلاستك وقبصت عليهم.
بعد إنشاء الحكومة المؤقتة للجمهورية الجزائرية، بدأت الأسلحة تأتي من عدة بلدان، خاصة من الدول الاشتراكية. وأنشأت وزارة خاصة بالتسليح تعمل على الحصول على الأسلحة وإدخالها إلى الجزائر بكل الطرق. واصبحت هناك علاقات مباشرة بين الحكومة الجزائرية والحكومات الأخرى فيما يخص الحصول على الأسلحة، كما بدأت تستغني عن الأسلحة الآتية من السوق السوداء. وإذا كانت الأسلحة بالنسبة للجبهة الشرقية تمول بمرسى مطروح حيث كان هناك 160 جزائريا مكلفين بشحن الأسلحة، ونقلها إلى مزرعة بليبيا، ليتم بعد ذلك نقلها ثانية إلى تونس فالجزائر، أو إدخالها مباشرة عبر الحدود الليبية الجزائرية. فإن الأسلحة التي تأتي للجبهة الغربية تأتي في سفن تشحن على الحدود الغربية، ثم يتم نقل الأسلحة عبر الحدود، كما كانت بعض الأسلحة تأتي عن طريق الطائرات، على شكل (طرود) وكذلك عبر السفن. وبصفة عامة فإن دخول الأسلحة كان يتم بطريقة سرية حتى عن الوزراء في الحكومة المؤقتة باسثناء الوزير المختص. وبعد تشديد الحراسة على الحدود الشرقية والغربية، فإن الجبهة عمدت إلى أساليب أخرى فأدخلت الأسلحة داخل السيارات والحافلات وبراميل الزيت إلى الجزائر العاصمة ووهران. أما نوعية الأسلحة التي كانت تأتي من الخارج فهي ذات أنواع مختلفة، أنما الأسلحة الثقيلة مثل مدفعية الميدان فبقيت بالحدود الشرقية والغربية.
إن الجبهة أقامت مراكز لصناعة الأسلحة وهي تجربة رائدة خاصة في تلك الظروف الصعبة، وكان الهدف من محاولة صنع الأسلحة هو الإستغناء عن جلب الأسلحة من الخارج وما يخضع له من مناورات وضغوط سياسية، بالاضافة إلى الاعتمادات المالية الضخمة التي تخصص لهذا الغرض. وقد تم صنع مسدس رشاش، القنابل اليدوية، والمورتيان 50، 60 و80 وذخيرة هذه الأسلحة. كما أرسلت الجبهة عدة دفعات من الطلبة إلى البلدان العربية والاشتراكية للتدريب على مختلف الأسلحة، وكذلك الطيران والبحرية وهذا لتلبية حاجات الثورة المتزايدة وكذلك التحضير لما بعد الحرب.
إن بداية التفكير في إنشاء سلاح الطيران لم يأت منفردا أو من طرف شخص معين، بل جاء ضمن دراسة شاملة واستراتيجية كاملة تهدف لتطوير أساليب الكفاح في جيش التحرير الوطني. وهذا التفكير رواد قادة الثورة منذ البداية، ولكن تجسيده في الواقع يحتاج إلى وقت وإمكانيات ورؤية واضحة وهكذا وبعد مرور سنتين من اندلاع الكفاح المسلح جاء مؤتمر الصومام وجاءت مقرراته الداعية لوضع خطة كاملة بعيدة المدى تستهدف خلق جيش عصري متكامل. وعلى ضوء هذه المقررات كان نداء الثورة موجها للطلبة الجزائريين بتوقيف الدراسة والالتحاق بصفوف المجاهدين، من أجل تكوينهم في جميع المجالات العسكرية والمدنية.
إن الهدف من تكوين الإطارات في مختلف الأسلحة (طيران، مدفعية، بحرية...) هو تكوين جيش متكامل يتقن أداء الحرب الحديثة مع احتمال استعمالها أثناء الثورة ولو بشكل محدود، وفي نفس الوقت فإن إعداد هذه الإطارات يمكن من بناء جيش عصري مباشرة بعد الاستقلال الذي أصبح شيئا أكيدا.
كانت هناك بعثات طلابية للتكوين في فروع علمية بموازة التخصصات العسكرية، إلا أن سلاح الطيران حظي باهتمام خاص لدى قيادة الثورة لما يمثله من بعد استراتيجي في مشروع إقامة الدولة العصرية وتحدي الاستعمار في آن واحد.
ومن اجل عصرنة أسلوب الكفاح، أثناء الثورة ونتيجة لتنفيذ هذه الاستراتيجية التي تمخضت عن قرارات مؤتمر الصزومام التاريخي شكلت هيأة تحت إشراف وزير الدفاع آنذاك (كريم بلقاسم) رحمه الله للبحث عن البلدان الشقيقة والصديقة التي توافق على تكوين هؤلاء الطلبة سيما منهم العسكريون. ومن بعده أسندت المهمة إلى العقيد أوعمران رحمه الله واستخلفه في وقت لاحق الرائد رباح نوار الذي استمر إشرافه على جميع التخصصات التقنية إلى غاية دخوله مع الطلبة عشية الاستقلال، والذي يعد الشخصية الأساسية التي لعبت دورا بارزا في وضع النواة الأولى لجميع الاسلحة لجيش التحرير من مهندسين وطيارين، ورجال ضفادع لنا عودة إن شاء الله مع الجزء الثانى تنكلم فيه عن أول دفعتين بالأسماء لسلاح الجو الجزائري
يتبع.....