ما سرّ صفقة "الميغ 29" الروسية إلى لبنان؟

ما علاقة صفقة الطائرات الحربية الروسية للبنان بالاستراتيجية الدفاعية لهذا الوطن الصغير ولدور المقاومة وللحرب الباردة بين أميركا وروسيا. رد الفعل الاول على إعلان وزير الدفاع اللبنانى الياس المر من موسكو بشكل مفاجئ ومن دون مقدمات، موافقة الحكومة الروسية على منح لبنان هبة عسكرية هى عبارة عن عشر طائرات مقاتلة من طراز ميغ 29، هو أن ثمة خطأ ما حصل فى الحوار اللبنانى الروسي، أو ربما فى الكلام اللبناني، أو حتى فى التقدير الروسى لحاجات الجيش اللبناني، وللاستراتيجية الدفاعية التى يجادل حولها اللبنانيون، وينقسمون إلى معسكرين، لا ثالث لهما، ولا وفاق بينهما.

لا يمكن أن تكون موسكو قررت التورط فى هذا الجدل الداخلى الذى ليس منه طائل، وهو صار من عمر لبنان وتاريخه الحافل بتلك الازدواجية المستحيلة بين الدولة والمقاومة، والتى كانت على الدوام تثير عصبياته الطائفية القصوى... كما لا يبدو أن يكون الكرملين قرر فجأة العودة إلى الحرب الباردة، وتحويل لبنان إلى إحدى قواعده المتقدمة فى مواجهة القواعد الأميركية المنتشرة فى المشرق العربي... كلا القرارين ينمّان عن خفة لم تظهر على روسيا فى عهد فلاديمير بوتين.

ليس من المستبعد طبعا أن يكون بعض اللبنانيين يتطلعون إلى توريط الروس فى الصراع الداخلى اللبناني، أو حتى فى حرب باردة جديدة مع أميركا لم تعد مؤهلة لخوضها، لكن ذلك لا يعنى تلقائيا أن موسكو جاهزة لمثل هذه الحماقة، كما لا يثبت حتى الآن على الأقل أنها قررت فعلا أن تزود الجيش اللبنانى بطائرات ميغ 29 لا يستطيع أن يستخدمها أو حتى أن يحميها.

الحديث يدور عن هبة من دولة لم تعرف بمثل هذا السخاء مع لبنان بالتحديد؛ وثمة أنباء عن أن هناك صفقة مشتريات عسكرية لبنانية ستعوض ثمن الطائرات العشر، التى لا يحتاجها الجيش اللبنانى فعلا بقدر ما يحتاج إلى أسلحة ومعدات وذخائر أشد إلحاحا وجدوى فى الدفاع عن أرضه وأمنه وحدوده، بالمقارنة مع مقاتلة الميغ 29، التى تضيق مساحة لبنان ومجاله الجوى أمام تحليقها بسرعة تبلغ ضعف سرعة الصوت، ولا يمكن أن تفيد فى ضرب أهداف داخل الأراضى اللبنانية، لا فى المخيمات الفلسطينية أو سواها.

قد تكون الطائرات العشر هى للاستعراض فقط فى عيد الجيش اللبنانى أو الاستقلال، وربما كان الهدف منها هو الإيحاء بأن المؤسسة العسكرية اللبنانية تزداد قوة وهيبة، لكن كلفتها السياسية تبقى مرتفعة جدا، إذا صح أنها هبة فعلا، وإذا صدق أن تلك الهبة تشمل التدريب والصيانة والتجهيز والتسليح، وهو ما يمكن أن يعادل نصف المبالغ المخصصة للدفاع فى موازنة الدولة اللبنانية، ويفوق بكثير ما تنفقه سنويا على البرامج الاجتماعية لمكافحة الغلاء والتضخم.

إذا كانت الصفقة هى من مقدمات حرب باردة جديدة تلوح فى الأفق، فإن انخراط لبنان بها لا يحتمل مثل هذا المزاح.

أما إذا كانت هذه الطائرات الحربية الروسية مقدمة على جدية الاتفاق على استراتيجية دفاعية لحماية لبنان من الاعتداءات الإسرائيلية ومن الأعمال الإرهابية التى تسهدفه، فتكون لهذه الصفقة أهمية عملية لا إعلامية فقط.

الجواب هو ان روسيا بدأت في النهوض من جديد كقوة عالمية لتعود القطبية الثنائية من جديد

» وزير الدفاع اللبناني يدافع عن هدية مقاتلات الـ"ميغ" الروسية
» صفقة الميغ -35 الجزائرية
» إنهاء مشكل صفقة الميغ-29 الجزائرية
» نجم "الميغ"يبقى ساطعا
» سر صفقة بيع مقاتلات "ميغ – 31 " الى سوريا ما زال يثير الاهتمام