'البديل': العرب مدمنو اوهام وفرسان هواء
وإلى ما نشر عن نتائج المذبحة ومن الرابح والخاسر فيها، ونبدأ من 'البديل' يوم الخميس، وقول مستشار التحرير زميلنا وصديقنا مدحت الزاهد: 'مشكلتنا أننا ندمن الأوهام، ونعشق خداع انفسنا، فقد شاهدت في قناتي 'المنار' و'الجزيرة' مفكرين 'استراتيجيين' يتحدثون عن انتصار تاريخي استراتيجي حققته غزة وجبهة الممانعة، وهزيمة ساحقة تلقاها معسكر الاعتدال العربي، وكلها - فيما يرون - حقائق - سوف تتأكد مع ولاية أوباما الذي سيفتح مسار المفاوضات مع إيران وسورية وحماس.
أخشى أن تغيب إعلانات النصر الأسئلة الصعبة التي تواجهنا بعد أن سكتت المدافع، ومع ولاية أوباما ومن بين هذه الأسئلة: هل ستفتح الإدارة الأمريكية حوارا مع حماس دون أن تعترف بإسرائيل، وتنبذ ما يسمونه الإرهاب وتخفض السلاح؟
ومن الصحيح أن حرب لبنان وصمود غزة ملحمتان بطوليتان وأن حرب لبنان بالذات أجهضت مشروع الشرق الأوسط الجديد، واحتمالات الحرب على إيران، وكسرت ميزان الردع الإسرائيلي، وأنهما معا 'لبنان وغزة' جددتا الشعور الشعبي العارم المعادي لإسرائيل، ومنعتا مزيدا من الإظلام في المنطقة وكشفتا بربرية إسرائيل، وعزلتا الأنظمة المتهادنة، ولكن حصادهما المباشر يصب أكثر في خانة تحسين شروط التسويات، التي تساعد في عودة الجولان لسورية، وهذا حقها، وتعزيز مكانة إيران الإقليمية، حصادا لدورها، وفي أحسن الأحوال قد تدفع بحل الدولتين، دولة إسرائيل وميكرو دويلة فلسطينية مفتتة.
أما التغيير الاستراتيجي فيرتهن بما يحدث في العالم العربي في مواجهة أنظمة بوليسية تمتد من المحيط للخليج'.
الفلسطينيون اليوم اقوى من اي وقت سابق
ونشرت 'البديل' في نفس العدد مقالا للدكتور إبراهيم غانم تناول فيه نتائج المذبحة من زاوية أخرى تماما، قال عنها: 'ما هدمته آلة الحرب الإسرائيلية المجرمة من منشآت ومبان سيعاد بناؤه، وما أراقته من دماء الشهداء والجرحى سيرسم ملامح الجيل الرابع للمقاومة الفلسطينية الباسلة وهي في طريقها الطويل نحو الحرية والانعتاق من أبغض وأحقر محتل عرفه تاريخ البشرية، قتل إسرائيل أطفال غزة هو محاولة متعمدة لقتل ثلاث قيم تصنع المستقبل هي: البراءة، والجمال، والحق.
لقد استوعبت حركة التحرر الوطني الفلسطيني ثلاثة أجيال نضالية منذ منتصف الثلاثينيات 'ثورة الشيخ عز الدين القسام سنة 1935 من القرن الماضي' حتى اليوم بحساب أن العمر السياسي النضالي لكل جيل هو من خمسة وعشرين الى ثلاثين عاما، وتغيرت ملامح كل جيل عن الذي تلاه بحسب تغير الظروف والأحوال التي مرت بها القضية الفلسطينية وكان كل جيل أشد بأسا، وأكثر صلابة وثباتا وعنفا في جهاده للعدو المحتل.
الجيل الرابع للمقاومة تتشكل ملامحه الأولى هذه الأيام من تحت ركام الدمار ومن وسط بحور الدماء التي أراقتها آلة الموت الإسرائيلية، ولابد أنه ستكون له إضافته المتميزة الى تراث المقاومة حتي تصل الى تحرير أرضها'.
'الوفد' حانقة
على ممالأة قمة الكويت لعباس
وإذا تحولنا لـ'وفد' نفس اليوم سنجد زميلتنا الجميلة والرقيقة سناء السعيد، وقد تفجرت غضبها على مصر وقمة الكويت بسبب مساندتهما للرئيس الفلسطيني محمود عباس، فقالت الجميلة.
'السلطة الفلسطينية ممثلة في الرئيس محمود عباس الذي انتهت ولايته في الثامن من الشهر الحالي، وعليه فهو ليس رئيسا للسلطة الفسطينية الآن فضلا عن الدور السلبي المخزي الذي لعبه خلال المحرقة التي سلطتها إسرائيل على غزة، بل أنه اعطى مبررا لهذه المحرقة عندما صرح بأن حماس هي التي استفزت اسرائيل فكان أن برأ الجلاد وصب اللوم على الضحية، ثم عاد أثناء الحرقة ليتحدث عن ان لا حاجة لمقاومة تقضي على شعبها!
وعلى الرغم من ذلك وللأسف بدت مصر الحريصة على دعم عباس الذي لم يشأ التوجه الى غزة ليتفقد الوضع بعد وقف اطلاق النار، ولم يدع الى ملاحقة كل القيادات الإسرائيلية التي أقدمت على ارتكاب جرائم قتل الأطفال وتدمير المنازل فوق رؤوس من فيها كما فعل 'بان كي مون'عندما زار غزة الثلاثاء الماضي، أو كما فعل 'جون جانج' ممثل الأونروا في غزة الذي استمر في القطاع يتفقد الوضع وسط الانقاض ولا يبالي بخطر تواجده تحت القصف الإسرائيلي لم يخش الرجل على حياته وكان همه الأكبر الأطمئنان على شعب غزة الذي تعرض لمحرقة إسرائيل التي فاقت في ضراوتها الهولوكوست النازي.
لذا كان يتعين على مصر - وهي تقود مبادرة المصالحة - أن تدعم المقاومة الفلسطينية البطلة التي صمدت امام محرقة إسرائيل كان على مصر أن تتخلى عن نبرة العداء التي تتباناها ضد حماس'.
'المسائية' تنتقد خطاب حماس
وعكس الجميلة سناء، فإن زميلنا حسن الرشيدي رئيس تحرير 'المسائية' لم يكن لديه أي اعجاب بحماس، أو رئيس مكتبها السياسي خالد مشعل لأنه قال عن خطابه الأخير: 'لم يكتف مشعل بالهجوم على إسرائيل وإنما هاجم أطرافا فلسطينية ويقصد بالطبع السلطة الفلسطينية، قائلا: يجب ألا تذهب الأموال التي تعهدت بها الدول العربية لإعمار غزة الى أيدي الفاسدين.
مشعل حاول أن يؤكد انتصار حماس وأن إسرائيل انسحبت نتيجة الضربات التي تلقتها، وصمود المقاومة.
فهو يكابر ولا يريد الاعتراف بالدور الايجابي للمبادرة المصرية في وقف إطلاق النار ووقف شلالات الدم المنهمرة من دماء الضحايا الفلسطينية.
كلام خالد مشعل يشير إلى أنه لم يتعلم الدرس، ولم يستفد من الأخطاء، وسوف يستمر في ترديد الشعارات الجوفاء التي تؤكد أنه وقيادات حماس لا يمكن أن يتحركوا إلا بتعليمات فارسية، ولن يخرجوا عن الجلباب الإيراني والدائرة السورية، مهما كان الثمن الذي يدفعه الشعب الفسطيني المقهور،
كلام مشعل لا يثير التفاؤل، وانما يزيد الفجوة والمسافة نحو المصالحة الفلسطينية'.
'الجيل' تتساءل عن بطولات الاسد ونجاد
وإلى استمرار المعارك حول المذبحة وتوالي ردود الأفعال عليها، فمثلا، قال محسن هاشم من قيادات حزب الجيل المعارض في صحيفة 'الجيل' لسان حال الحزب: 'هوغو شافينز 'الرئيس الفنزويلي' البطل ضرب أروع الأمثلة في تحدي الأمبريالية العالمية، والكيان الصهيوني وأمر بطرد السفير الإسرائيلي من فنزويلا، لم يفعلها حاكم عربي 'رئيس كان أم أمير أم غفير' ياللعار شافنيز الذي لم يكن عربيا ولا إسلاميا يتحدى الجميع، ويكشف عن أقنعة هؤلاء الحكام الخونة، والذين اصبحوا أدوات في ايدي العدو الهصيوني.
لقد صدعوا رؤوسنا أحمد نجاد وبشار الأسد الرئيس السوري فأحمد نجاد في خطبه يدعوا إلى إزالة إسرائيل من الوجود، ولم يطلق طلقة واحدة وهو يمتلك الكثير والكثير من العتاد والجيوش، أين الصواريخ التي صدعتم بها رؤوسنا.
ثم تأتي الى سورية وأرضها المحتلة وهي هضبة الجولان، وقد سبق للطيران الإسرائيلي ان قام بالتحليق فوق القصر الرئاسي للرئيس بشار وضرب 'المفاعل النووي السوري' وقبلها بعام قام بالتحليق فوق القصر الرئاسي للرئيس بشار وضرب 'المفاعل النووي السوري' وقبلها بعام قام الطيران الإسرائيلي بضرب مواقع 'المجاهدين والمناضلين الفلسطينيين والذين يقيمون في سورية'، ولم نسمع عن إطلاق صاروخ واحد من سورية في اتجاه إسرائيل فأين صواريخك يا سورية، أين طيرانك يا سورية، وشعبنا يذبح ويباد أمام أعينكم فماذا تنتظرون، هل تنتظرون حتى يتم القضاء على كل الشعب الفلسطيني أم ماذا؟
علينا جميعا أن نتصدى لهؤلاء الحكام والأمراء والملوك ولا استثني منهم أحدا جميعهم، باعوا القضية الفلسطينية'.
لا، ليس بيع القضية الفلسطينية فقط، وانما حكومة ما أشبه، وما يسبقها معروف فعلت شيئا آخر، أثار أعصاب زميلنا بـ'الوفد' أحمد أبو زيد، فكتب عنه يقول يوم الأربعاء: 'مع بدء الغارات الصهيونية على غزة ارتكبت الحكومة المصرية حماقة كبيرة تدل على أنها حكومة مغيبة عما يدور من حولها على المستوى الفلسطيني والعربي، ففي الوقت الذي تشتعل فيه نار الغضب بين الشعب المصري والشعوب العربية بل وشعوب العالم أجمع على اليهود الصهاينة من جراء ما يرتكبونه من مجازر في غزة الفلسطينية، يتساقط فيها آلاف الشهداء والجرحى، وبعضهم من الأطفال والنساء والشيوخ، تسمح الحكومة المصرية لليهود بإقامة احتفالهم بمولد 'أبو حصيرة' المزعوم على الأرض المصرية.
لقد تواكبت الاحتفالات اليهودية، مع ضرب إسرائيل لغزة وسقوط الشهداء والجرحى ورغم ذلك لم تستح الحكومة المصرية وسمحت لآلاف اليهود بالتوافد إلى القرية لممارسة طقوس إباحية ماجنة، بل والأنكى من ذلك أن قوات الأمن المصرية فرضت حصارا مشددا بالقرية كان أشبه بحظر التجوال لتأمين احتفالات اليهود بالمولد.
هم يذبحون إخواننا في غزة، ونحن هنا نؤمن احتفالاتهم الماجنة على أرضنا المصرية التي نجسوها بأقدامهم، ملعون هذا التطبيع الذي يسمح للحكومة أن تدوس على كرامة المصريين جميعا، فليذهب اليهود وصاحبهم 'أبو حصيرة' الى الجحيم، وليذهب التطبيع الذي يرفضه شعبنا المؤمن الى الجحيم.