تحدث الدكتور روبن نيبليت، مدير معهد 'تشاتهام هاوس' للشؤون الدولية في لندن عن موضوع 'استعادة المبادرة: فرص الولايات المتحدة تحت ادارة باراك أوباما' في لقاء في المعهد الملكي حضره عدد كبير من الاختصاصيين، علما ان 'تشاتهام هاوس' سيصدر كتاباً بهذا العنوان في الربيع المقبل.
وأهم ما قاله نيبليت في اللقاء بالنسبة للشرق الأوسط ان 'امريكا تحت قيادة الرئيس الجديد سيصعب عليها من الآن فصاعداً تطبيق قوانين وقواعد عمل سياسي داخل بلدها مختلفة عن القوانين التي تطبقها في الشرق الأوسط بحجة ان الامور مختلفة في المجالين'. كما أشار إلى ان 'تصاعد دور المنظمات الاقليمية والمجموعات والكتل الضاغطة في الشرق الأوسط سيدفع أمريكا إلى تغيير سياساتها المنحازة وسيؤدي إلى تصاعد أدوار دول تقوم بمبادرات فاعلة لتحقيق السلام العادل على شاكلة قطر وتركيا والمبادرة العربية للسلام'.
هذه النشاطات والتحركات، 'لن يكون من السهل على الرئيس باراك أوباما ان يتجاهلها، كما فعلت إلى حدّ ما ادارة بوش الابن، وخصوصاً ان أوباما لن يفكر بأنه يوقع معاهدات مع دول بمعزل عن رغبات شعوبها.. كما سيبتعد أوباما عن سياسة تصنيف القادة من منطلق شخصي قصير النظر'.
وأشار نيبليت إلى ان 'رغبة العالم باستمرار أمريكا في القيام بدور قيادي أساسي وبارز وبعقد تحالفات معها لا يعني بأنه يجب عليها الاستمرار في تصنيف الدول والقيادات والشعوب وفرض مشيئتها عليها فرضاً'. وأعطى المحاضر مثالاً في هذا المجال عن علاقة أمريكا بسورية في السنوات الماضية حيث 'كانت الاملاءات الأمريكية تأتي إلى دمشق حول ما يجب أن تفعله في علاقتها مع 'حماس' و'حزب الله' ومنظمات المقاومة وايران من دون ادراك للعوامل التي دفعت سورية إلى انشاء مثل هذه العلاقات، ومن دون التخطيط للسياسات والبدائل في طبيعة هذه العلاقات التي يمكن تحقيقها بوسائل القوى الذكية والاقناع والدبلوماسية'.
وسئِل نيبليت عما إذا كان يتوقع أن يعترف الرئيس أوباما بحركة 'حماس' كقوة فاعلة على الساحة الفلسطينية بعد ما حدث في غزة مؤخراً، وأن يتفاوض معها فقال: 'ان هذا هو أحد أهم الأسئلة المطروحة بالنسبة لتوجهات الادارة الأمريكية الجديدة. المشكلة ليست فقط ان اسرائيل وحلفاءها لا يقبلون بمبادارت أمريكية مع حماس، فهناك أيضا السلطة الفلسطينية التي تفضل ان تمرّ أي مبادرات أو مساعدات اغاثة أو اعمار، أو مساعدات مادية أخرى إلى غزة عبرها هي. ان هذا الوضع ينطبق على المرحلة الحالية وربما يتغير إذا حدث تفاوض ناجح ما بين السلطة (فتح) وحماس، وهذا التغيير مطلوب انسانياً وإلا استمرت المآسي في غزة'. وأضاف قائلاً: 'سيكون من الصعب جداً على أوباما تمرير أي رغبة بالتفاوض مع حماس في الكونغرس الأمريكي. ولعل التصريحات التي أعلنها الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي تساهم في حل هذه المشكلة لأوباما، حيث قال ان فرنسا مستعدة للتفاوض مع حماس إذا وجدت حماس بداخل حكومة وحدة وطنية فلسطينية'.
وطُرِحَ عليه سؤالان حول كيف ستكون سياسة أوباما ازاء ايران عموماً، وبرنامجها النووي خصوصاً؟ فأجاب على السؤال الأول بقوله: 'اعتقد بأن أوباما سيتخلى عن المبدأ الذي اعتمدته ادارة بوش الابن وهو المبدأ الفوقي الذي يفسر لايران كيف يجب أن تدير شؤونها عموماً ويهددها اذا لم تفعل ذلك. وسيركز على قوة الاقناع وانتهاز الفرص من أجل خلق علاقة أفضل بين البلدين تتوصل إلى نتائج مثمرة. أما بالنسبة لتطبيق معايير مختلفة بشأن التسلح النووي على ايران مما يطبق على اسرائيل فقال نيبليت: 'ان اوباما مهتم بقضية نزع السلاح الخطير في العالم، وقد يتخلى عن برنامج تعزيز نصب الصواريخ في دول أوروبية شرقية قريبة من روسيا وعن توسيع رقعة حلف شمالي الأطلسي في تلك المنطقة، وذلك لأسباب اقتصادية وسياسية، أما بشأن تطبيق 'اتفاقية منع انتشار الأسلحة النووية' على ايران واسرائيل فالقضية أكثر تعقيداً، ولست متأكداً من توجهات أوباما بالنسبة لامتلاك اسرائيل للأسلحة النووية وعدم انتسابها إلى المجموعة التي وقعت على اتفاقية منع الانتشار'.
وفي أحد الأسئلة قال دبلوماسي سابق ان 'أوباما ذكر الاسلام في أكثر من مناسبة في خطابه الأول كرئيس أمريكا، وأشار بشكل غير مباشر لاستعداده لمدّ يديه إلى العالم الاسلامي، ولكنه أحاط نفسه بمسؤولين يهود مؤيدين لاسرائيل في ادارته الجديدة، فكيف سيوفق بين الأمرين؟ فأجاب نيبليت: 'ربما وجود بعض المعاونين اليهود المؤيدين لاسرائيل في ادارة أوباما سيساهم في اعطاء الرئيس الجديد قدرة أفضل على التحرك والمناورة في عمله السياسي مع اسرائيل واقناع اسرائيل بتبديل بعض سياساتها. وهذا أمر لا يتحقق عبر عزل هؤلاء المسؤولين عن الادارة الجديدة'.
كما شدّد نيبليت على أن موقف أوباما بالنسبة لفعالية دور الأمم المتحدة سيكون مختلفاً عن موقف ادارة بوش الابن السابقة إذ سيعزز أوباما الأمم المتحدة، ولن يحاول انشاء منظمات بديلة لها تحاول سلبها دورها الرئيسي في شؤون العالم.