الخطر الثالث " شتاء بركاني "

ما الذي يهدّد بمحق الحياة على كوكب الأرض؟ "شتاء نووي" بعد حرب ذرية لا تُبقي ولا تذر كما يُقال؛ ونطحة من "نيزك شارد" يضرب الكوكب بترداد نطحة كل عشرات آلاف السنوات (الآن يتحدثون عن السابح التائه "أبو فيس" جدياً، بعدما انتجت هوليوود أفلاماً خيالية عن نطحته).. وأخيراً، وأكثرها مثولاً، هوجة نشاط بركاني تعقب، على ما يبدو، دورة نشاط زلزالي في السنوات الأخيرة.
آخر الدراسات عقدت قراناً وخيماً بين نطحة كويكب شارد لمنطقة في المكسيك، وهيجان براكين هملايا، الناتجة عن "عناق" شبه القارة الهندية بآسيا.. هذا القران أباد الديناصورات، وطوى حقبة أخرى في الحياة البيولوجية والنباتية.
لآلاف مؤلّفة من السنوات تم حجب أشعة ونور الشمس عن ملامسة سطح الأرض، التي عاش جوها "شتاءً طويلاً" طبيعياً، ومن مفاعيله اشتقت هوليوود عدّة أفلام عن "شتاء نووي"، لعلّ أبرزها فيلم "اليوم التالي". هيجانات البراكين لا تفتك بكثير من البشر، قياساً إلى الزلازل، ولو "أنها دفنت" بصهيرها اللاهب وبغبارها مدينة "بومبي" الرومانية، وقد رافقت البركان هزّات أرضية موضعية فاقمت من تأثيره المدمّر.
يستطيع الإنسان شيئاً لمنع "شتاء نووي" كما قد تستطيع التكنولوجيا البشرية صد نطحات الكويكبات الشاردة، على نحو ما رأيتم ببعض أفلام الخيال العلمي.. وأخيراً، تستطيع البشرية الحدّ من احترار جو الأرض.
لكن، تبقى خارج السيطرة، وإلى حدّ بعيد قدرة التنبؤ، بهذه الزلازل وقدرات البراكين أيضاً، فالإنسان صار يعلم عن جوّ الأرض وأجواز الكون، أكثر مما يعرف عن جوف الأرض وأعماق المحيط (مؤخّراً، اكتشفوا كتلة حيوية جرثومية هائلة في مقرّ المحيطات، قيل إنها تضبط عمل النظام البيئي على كوكب الأرض).
حوالي ربع أو ثلث سكان هاييتي (7 ملايين) لقوا حتفهم أو أصيبوا بجراح، أو تقوّضت بيوتهم، لكن لم تقع ضحية واحدة لثورة البركان الجليدي في جزيرة آيسلندا؛ وأما عن أوسع اضطراب في حركة النقل الجوي تشهده أوروبا فحدّث، إذ تم إلغاء أكثر من 20 ألف تحليق جوي يومياً، وهمدت المطارات الأوروبية أكثر بكثير مما تهمد الحركة بعد إضراب الطيارين أو العمال.
هناك حوادث مسجّلة، وإن كانت نادرة نسبياً، عن سقوط الطائرات المدنية نتيجة دخول طيور في محرّكاتها التوربينية، وتستخدم سلطات المطارات وسائل تكنولوجية وطبيعية عدّة لإبعاد أسراب الطيور عن المدرّجات وسمائها.. وأما في طبقات الجو العليا فالطائرات الحديثة تحلّق على ارتفاعات شاهقة لا تصل إليها أسراب الطيور (أقصى علوّ يتراوح بين 40-30 ألف قدم)، علماً أن التحليق العالي هو وسيلة لتفادي المطبّات الهوائيّة، كما لأجل طيران اقتصادي أكثر.
تكاد تكون أوروبا الغربية بخاصة، والولايات المتحدة عقدتين عالميتين للرحلات الجوية، علماً أن كثافة شبكة الطرق البرية والسكك الحديدية لا مثيل لها في مناطق جغرافية أخرى.
هذه الحركة الكثيفة تفسّر بعض جوانب الاضطراب الكبير لفورة بركان آيسلندا، الذي قذف إلى علوّ 11-5 كيلومتراً بسحابة من الغبار المحملة بنثار من الزجاج والصخور المفتّتة، التي وصل سديمها حتى هضبة الأناضول، تبعاً لاتجاهات الرياح (غرب-شرق).
بما أن أوروبا "عقدة" أو "مهبط" حركة النقل الجوي العالمية، فقد تأثّرت حركة النقل الجوّي والمسافرين، حتى في مطارات بعيدة عن أوروبا، في أكبر انكماش في النقل الجوي منذ كارثة برجي التجارة العالمية في نيويورك عام 2001.
كان فصل الشتاء هذا العام قاسياً في أوروبا التي ارْتَدَت أرضها اللون الأبيض، كما لم يحصل منذ عشرات الشتاءات، كتذكير مفيد بعواقب "الاحتباس الحراري" الذي يجعل جوّ الأرض أكثر فأكثر تطرّفاً في الحرّ والقرّ، التهطال الغزير والجفاف، السيول الجارفة والتصحُّر.
في علم البراكين إن سحابة الغبار والمقذوفات المتطايرة الجافة تشكّل تمهيداً، على الأغلب، لجداول من الصهير الساخن (اللافــا)، وعندما يهدأ بركان ايسلندا قليلاً، سيكون مشهد البركان أخّاذاً، لأنه في منطقة جليدية، أو تحت "نهر جليدي" يعلو قمّة البركان، وسيؤدي ذلك، على الأغلب، إلى فيضانات من ذوبان الجليد والثلوج.
معظم براكين الأرض خامدة منذ وقت طويل، وبعضها "نائم" منذ آلاف السنين.. لكن ماذا لو أن نشاطاً زلزالياً يضرب الأرض، يتبعه "استيقاظ" حزام البراكين الهادئة.
مثل هذا الاحتمال الرياضي سيجعل كوكب الأرض يعيش "شتاءً" مناخياً مصغّراً. أما "الشتاء النووي" فهو متعلق بفعل الإنسان.. أو جنونه.
منقول

» 5 نصائح من أجل شتاء بلا أمراض
» الخطر القادم من الجنوب ؟
» قف ! الق نظرة على الخطر الداهم هنا
» دراسة إسرائيلية الجزائر تعد الخطر الأكبر لإسرائيل
» الموساد جهاز المخابرات الاسرائيلي-ذلك الخطر الكبير -