النبوءات عند اليهود تبشر بالمسيح الملِك الذي يقيم مملكةَ بني إسرائيل، لذا فقد حرّموا على أنفسهم العودة إلى "أرض الميعاد" بشكل جماعي وإقامة دولة إلا بعد ظهور المسيح الذي سيعيد لهم ذلك.
بيد أن انتظار المسيح قد طال، فقرر العلمانيون منهم إقامة الدولة، ونجحوا في ذلك.. أي أن إيمانهم لم ينجح، بل نجح كفرُهم.
هذا ظاهر الأمر. ولكن الحقيقة هي أنهم لم يعرفوا المسيح الأول فكفروا به، أما عودتهم إلى أرض الميعاد فهي نبوءة مرتبطة بالنزول الثاني للمسيح، وقد تحققت هذه النبوءة.
أما نجاحهم فهو مؤقت ليكشف مزيدا من زيف أعداء المسيح الذين كفروا به وظلوا كافرين عبر العصور، وليؤدي إلى دمارهم.
المهم أن نجاحهم كان بسبب كفرهم بما ظلّ يؤمن به كبارُهم لقرون.
الخميني قلّد خطوة اليهود هذه في العودة الجماعية وإقامة الدولة الدينية، حيث تبنّى عقيدة ولاية الفقيه بديلا عن عقيدة الانتظار التي ظلّ معمولا بها أكثر من ألف عام، والتي تنصّ على أنّ إنقاذ الأمة منوط ببعثة الإمام الغائب، وأنه لا مجال لإقامة الدولة والانتصار مِن غير ظهوره.
فكان تمرّد الخميني على هذه العقيدة هو سبب النصر.. أي أن الكفر هو سبب النصر، ولكنّه نصر مؤقت ليكشف السوءات الفكرية والسلوكية كلها.
المهم أن نجاحهم كان بسبب تركهم لما ظلّ يؤمن به كبارُهم لقرون.
وهذا حال المشايخ؛ فقد ظلّوا يصرخون أن الجهاد هو الحلّ، وأنه لن تصلح هذه الأمة إلا بإعلان الجهاد، ودون ذلك خرط القتاد، وأنّ الدولة لن تُقام بغير السنان، فهاجموا عماراتٍ ضخمة بالطائرات المدنية، وفجروا سفارات ومطارات، ولكن جهادهم هذا باء بالفشل الذريع، حتى عادوا إلى صناديق الانتخابات، فحققوا نصرا مثل نصر اليهود الذين ظلّوا بالمسيح كفار، ونصْر الخميني المتمرد على عقيدة الانتظار.
فكان نصرُهم هزيمةً لفكرهم الذي ملأوا الدنيا به ضجيجا.. أي أنّ كفرهم العملي بالجهاد هو سبب نصرهم.
وهذا النصر مؤقت، ولن يكون إلا ليكشف سوءاتهم الفكرية والسلوكية، وسيليه دمارهم .