تفشت في الفترة الأخيرة، ظاهرة “الحواجز الأمنية” عند مداخل المحاكم، حيث يمنع أعوان الشرطة دخول المحاكم لأي شخص آخر عدا المتقاضين أو من جاؤوا لاستخراج وثائق إدارية كصحيفة السوابق العدلية والجنسية، رغم أن القانون واضح ويقول إن الجلسات علنية ويحق لكل مواطن حضور الجلسات التي تنطق الأحكام فيها باسمه.
يضطر المواطنون الذين يرغبون في ممارسة حقهم في حضور المحاكمات وأيضا أقارب المتقاضين، للبقاء في الخارج جالسين على الأرصفة بمقربة من المحاكم، ويمنعون حتى من البقاء بالقرب من مداخل المحاكم، ويضطر هؤلاء للبقاء لساعات تحت أشعة الشمس الحارقة صيفا والبرد القارس شتاءً.
الظاهرة وقفنا عليها أمس بمحكمة حسين داي، حيث مُنعنا من دخول المحكمة حتى بعد استظهارنا لبطاقاتنا المهنية، وتحجج ضابط الشرطة بتعليمات تقول بمنع حضور أي شخص إلا المتقاضين، تعليمات يفهم أنها صادرة من وزارة العدل. وعند اتصالنا بمصالح الوزارة، رد علينا مسؤول رفض الكشف عن هويته بالقول إنه لا توجد تعليمة رسمية تمنع المواطنين من حضور جلسات المحاكمات.
تصريحات مسؤول وزارة العدل، فندتها شهادات رجال ونساء قانون اتصلت بهم “الخبر”، حيث قال الأستاذ مصطفى الأنور رئيس اتحاد المحامين الجزائريين في هذا الصدد: “بالفعل سجلنا هذه الظاهرة في الفترة الأخيرة، وهي أساسا في المدن الكبرى وخاصة العاصمة، وحسب ما علمنا فإنه إجراء تم اتخاذه لدواعيَ أمنية، لكن يبقى غير مفهوم بسبب تواجد عدد كبير من رجال الأمن وأجهزة التفتيش مثل السكانير، ويبقى أن الإجراء غير قانوني، لأن الجلسات علنية ويحق لكل المواطنين حضور المحاكمات”.
وتجدر الإشارة إلى أن هذا الإجراء، يتسبب في كثير من الأحيان في حدوث مناوشات بين رجال الأمن والمواطنين الذين يمنعون من حضور الجلسات، خاصة أقارب المتقاضين الموقوفين.
الأستاذة بن براهم: ضياع حُقوق المتقاضين بسبب الإجراء
من جهتها قالت المحامية فاطمة الزهراء بن براهم، أن هذا الإجراء الذي لوحظ خلال الفترة الأخيرة، تسبب في ضياع حقوق متقاضين وتخلف شهود، وقالت لـ"الخبر”: “مثلا عندما يقوم القاضي بتأجيل قضية فإنه يحدد التاريخ الجديد شفهيا ولا يسلم استدعاء، وفي ذلك التاريخ يمنع المتقاضي من دخول المحكمة لأنه لا يملك استدعاءً”، وأضافت: “نفس الشيء بالنسبة للشهود، فليس هناك استدعاء ويمنع هؤلاء من قبل الأعوان من دخول المحاكم بسبب هذا الإجراء الذي وقفنا عليه في الأشهر الأخيرة، ويتسبب في معارك يومية أمام المحاكم بين المواطنين والأعوان”.
وأردفت المحامية: “منع المواطنين من حضور الجلسات يعد مساسا بسلامتها وأيضا ضربة لما يمكن اعتباره وقاية من الجريمة، فحضور المواطنين للجلسات يُمَكِّنهم من التعرف على كل المخالفات وما يحرمه القانون والأحكام التي تقع عليها، ومن جهة أخرى تبرير أن القاعات ضيقة غير مقبول تماما”.قسنطيني: إجراء خطير يمس بحقوق المواطنينمن جهته قال الأستاذ فاروق قسنطيني رئيس اللجنة الوطنية الاستشارية لترقية حقوق الإنسان وحمايتها في تصريح لـ"الخبر”: “بالفعل لاحظنا هذه الظاهرة في الفترة، وهو إجراء خطير يمس بحقوق المواطنين وقدسية الجلسات، يمكن أن يكون مفهوما لدواعي أمنية قاهرة، غير أنه يبقى تبريرا محدودا لتوفر وسائل أخرى كأجهزة التفتيش، وهناك حالات نادرة يمنع فيها المواطنون من دخول المحاكم كتقدمهم في هندام غير لائق أو تحت تأثير المشروبات الكحولية والمخدرات أو لامتلاء القاعة، أما غير هذا فليس هناك عذر، وبعد ملاحظتنا لهذا سنقوم بالتطرق لهذه القضية في التقرير السنوي حول حقوق الإنسان”. فمن أصدر التعليمات؟
http://www.elkhabar.com/ar/watan/341757.html